تنامي مشاعر الاستياء من حزب العدالة والتنمية في إسطنبول

إسطنبول - لا يزال حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يحظى بدعم قوي في ولايتي قوجه إيلي الصناعية وصقاريا الزراعية، واللتين تشكلان الظهير الشمالي الشرقي لولاية إسطنبول، لكن في الوقت نفسه هناك زيادة ملحوظة في نسبة الناخبين غير الراضين عن أداء حكومة الحزب في الآونة الأخيرة، وكذلك الناخبين ممن لم يحسموا قرارهم بعد في إسطنبول وإزمير وغيرهما من كبرى المدن التركية.
ومع ذلك، تتوقع الكاتبة التركية دنيز أوز أن يفوز حزب العدالة والتنمية في قوجه إيلي في انتخابات رئاسة البلدية المقررة في 31 مارس الحالي، وذلك على الرغم من أن حزب الشعب الجمهوري العلماني، وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، له أيضا قاعدة شعبية واسعة في الولاية وقد يحقق المفاجأة ويعلن الفوز في مركز المنطقة إزمير بعد أن دفع بامرأة كمرشحته في الانتخابات في خطوة نادرة من جانبه.
ويقول يوسف دالغيتش، وهو بائع متجول، “لا يوجد أحد لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية. لا يهم أي حزب سيفوز. إذا كان هناك حزب أفضل من حزب العدالة والتنمية، فكلنا على استعداد للتصويت لصالحه، لكن يجب أن يكون هناك حزب يستطيع أن يقنعنا بالتصويت له وليس لحزب العدالة والتنمية“.
ومن جانبه، يعتزم شاكر بيه أيضا التصويت لحزب العدالة والتنمية، لكنه يعتقد أن الحزب لم يعد جيدا بقدر ما كان في السابق. وقال “نحن نصوت لصالح حزب العدالة والتنمية لأنه لا يوجد حزب أفضل. هذه هي الحقيقة“.
أما مصطفى تشيبين، وهو من أرباب المعاشات، فيفكر هذه المرة في التصويت لصالح المعارضة. وتنقل عنه دنيز أوز في تقرير لموقع أحوال تركية قوله “لا ينبغي لأي حزب أن يحكمنا إلى الأبد”، فيما قال ناخب آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه يشعر بالغضب إزاء لغة خطاب الحكومة التركية وموقفها من المعارضة، واصفا التحالف بين أحزاب المعارضة بأنه “تحالف قائم على الازدراء”. وأضاف قائلا “أنا خائف حقا. ما الذي يحدث؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ إنها مجرد انتخابات محلية بحق السماء!”.
هناك زيادة ملحوظة في نسبة الناخبين غير الراضين عن أداء حكومة الحزب في الآونة الأخيرة، وكذلك الناخبين ممن لم يحسموا قرارهم بعد في إسطنبول وإزمير وغيرهما من كبرى المدن التركية
وتلقي سونغول وهي ربة منزل باللوم على الرئيس رجب طيب أردوغان الذي قالت إنه أثبت فشله في خفض الأسعار. وأضافت “أنت رئيس! كيف لا تستطيع إيقاف هذا الارتفاع الجنوني للأسعار؟ لذلك لا أعتقد أنني سأدلي بصوتي“.
ومن إسطنبول إلى إزمير لا تختلف نبرة الاستياء، حيث يصدر الكاتب في موقع أحوال تركية جيرين كارليداغ، نبرة غضب متصاعدة ضد العدالة والتنمية، متوقعا أن تفوز المعارضة الرئيسية من جديد في إزمير خلال الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 31 مارس الجاري، لكن هذا لا يعني أن ثالث أكبر مدينة في تركيا ليس بها الكثير من المشكلات، أو أن الناخبين سعداء بأداء حزب الشعب الجمهوري الذي ظل يدير معقل العلمانيين على مدى 15 عاما.
وقد تحملت المدينة وظهيرها ثمنا باهظا لهويتها وخياراتها في أساليب حياة مواطنيها، والأهم من ذلك لرفضهم حزب العدالة والتنمية الحاكم في كل انتخابات، حيث حرمت الحكومة الإسلامية تلك المدينة من الاستثمارات والتمويل.
ومرشح حزب العدالة والتنمية لإزمير هو وزير الاقتصاد السابق نهاد زيبكجي، وهو في الأصل من إقليم دنيزلي المجاور. ووعد زيبكجي بمشروعات بنية تحتية كبرى، منها بناء طرق سريعة جديدة وخطوط لقطارات المترو، لكن في انتخابات تحتل فيها الهوية والولاءات الحزبية أهمية، ربما تكون أكبر من السياسة، يتعين على زيبكجي أن يركز بصورة أكبر إلى حد كبير على طمأنة سكان إزمير على أنه لن يتدخل في أنماط حياتهم.
ولم تكن إزمير دائما معقل الحزب الشعب الجمهوري؛ فقد تولى برهان أوزفاتورا منصب عمدة إزمير لولايتين متتاليتين عن حزب الوطن الأم العلماني المحافظ في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وعندما خَلَفَه أحمد بريشتينا المنتمي لحزب الشعب الجمهوري عام 1999، كان حزب العدالة والتنمية متأخرا بعشر نقاط فقط، لكن الفجوة أخذت في الاتساع منذ ذلك الحين، وهو ما يعكس الاستقطاب السياسي المتنامي داخل تركيا.
ويقول ساشار سالتوك، الذي ذكر أن أسرته ظلت تؤيد حزب الشعب الجمهوري لأجيال، “على سبيل المثال، طرقنا سيئة، ولا يوجد تخطيط بيئي أو خدمات نظافة. عندما تهطل الأمطار، نستطيع بالكاد السير على الطرقات.. نعطي أصواتنا لحزب الشعب الجمهوري بسبب مخاوفنا من حزب العدالة والتنمية. وقوفنا ضد حزب العدالة والتنمية ليس بسبب طبيعته الدينية، وإنما نحن ضده لأننا نخشى أن يتدخل في أساليب حياتنا“.