تمويل صفحات على فيسبوك لنشر التضليل يؤجج الانقسام الليبي

كشفت اعترافات ناشط ليبي ينتمي إلى مجموعة متشددة حجم التضليل الذي يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على الليبيين ونشر الفوضى والكراهية اللتين ساهمتا في تكريس الانقسام السياسي ومنع الوصول إلى حوار بين الأطراف المتصارعة.
طرابلس - يشهد الشارع الليبي جدلا واسعا بعد نشر قوة الردع الخاصة اعترافات مصورة لناشط ينتمي إلى الميليشيات المسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي ومتهم بإدارة صفحات مضللة ويعمل تحت إمرة رئيس هيئة أمن المرافق والمنشآت أسامة طليش. وقال الناشط علي الراجحي، الذي كان من بين قيادات مجلس شورى مجاهدي بنغازي، إنه أدار مجموعة من الصفحات على موقع فيسبوك من بينها “طرابلس الآن” و”بدون فلتر” و”طرابلس” و”الهيبة مصراتة” و”الخفاش” و”بالقدر يا برو” و”إيجاز”، وإنه تعاون في ذلك مع ليبيين وتونسي وسوري مقيم في تركيا، ومع مدونين وناشرين ليبيين للترويج لشخصية أسامة طليش مقابل رواتب تتراوح بين 5 و15 ألف دينار شهريا، فيما يبدو أنها خلية متخصصة في التضليل. وأضاف أن طليش وفر للفريق فيلا في طرابلس للعمل انطلاقا منها حيث تم إنشاء منصة “نوافذ”. وتابع الراجحي في اعترافاته أن صفحات “فرج شتاو” و”ناجي الحاج” و”تك يحرق كل شي” و”الملازم علي” و”يوسف شفتر” حظيت بتمويلات كبيرة من أجل تضليل الرأي العام.
وأضاف أنه تم التعامل مع سوريين مقيمين في سوريا وتونسيين متخصصين في تزوير الفيديوهات عبر تقنيات الصوت والمونتاج . وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بهذه الاعترافات وأعاد ناشطون نشرها، وقال ناشط:
وجاء في تعليق:
وكان الراجحي أحد العناصر المشاركة مع الجماعات المتطرفة في الحرب ضد الجيش الليبي ببنغازي وكان مراسلا لقناة “النبأ” التي كان يديرها وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة الوطنية. ولفت جهاز الردع إلى أنه أخفى بعض الأسماء الواردة في اعترافات الراجحي خدمة للقضية إلى حين استكمال التحقيقات. ومع زيادة الانقسام السياسي في ليبيا باتت مواقع التواصل الاجتماعي وسائل لتعميق الصراع وتغذية أحداث العنف بين الليبيين بمختلف توجهاتهم، حيث انتقلت الخلافات والصراعات من الأرض إلى الفضاء الافتراضي العصي على المراقبة، والعكس صحيح.
وغدت مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب التضليل وخطاب الكراهية، مساحات للفتنة والاستقطاب وساحات للتصفية السياسية ووسيلة للسب والشتم والقذف وأداة للتهديد والترويج للكراهية والحض على العنف، وباتت الكثير من الصفحات مثل التي يروج لها الراجحي وأمثاله مغرقة في خطاب الكراهية والتهديدات ضدّ بعض القوى، فالواقع اليومي المفعم بالخلافات والصراعات والشائعات تحول إلى الفضاء الافتراضي فتنامى السب والشتم في مشهد يعكس حجم الخلافات السياسية والصراع المناطقي الدائر الآن في ليبيا.
وأكد ناشطون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالعديد من الصفحات المشبوهة والحسابات الوهمية، مدركين أن هناك ميليشيات إلكترونية تقف وراءهم هدفها نشر الكراهية والاضطرابات والرفع من منسوب التفرقة بين فئات الشعب الليبي لغايات عديدة. وما يؤسف فعلا هو أن لديهم الكثير من المتابعين والمعجبين وأن العديد من الليبيين يصدقون ما ينشر في هذه الصفحات ما يجعلهم ينساقون وراء هذه المضامين ويتفاعلون معها لتكون النتيجة سلبية، مثلما يحصل في ليبيا وهو راجع بدرجة كبيرة إلى ما تبثه مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، من مضامين ومعلومات.
الراجحي أحد العناصر المشاركة مع الجماعات المتطرفة في الحرب ضد الجيش الليبي وكان مراسلا لقناة "النبأ"
ومن الملاحظ أن الليبيين، وخاصة فئة الشباب، أصبحوا يوما بعد يوم أشد ارتباطا بالشبكات الاجتماعية، وخصوصا إكس وفيسبوك، وتعتبر ليبيا من أكثر الدول العربية استخداما لفيسبوك. وفي البلاد تم اغتيال العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان انطلاقا من الشبكات الاجتماعية عندما قاموا بتتبعهم ورصد تحركاتهم عبر حساباتهم الشخصية، بالإضافة إلى أعمال أخرى وجرائم، تم الحض عليها وتنظيمها ضمن مواقع التواصل الاجتماعي.
ويدعي كل طرف من أطراف الصراع أنه يرفض هذه الممارسات رغم ثبوت التهمة واعترافات العملاء بممارساتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت هيئة أمن المرافق والمنشآت برئاسة أسامة طليش أن المدون بمجلس شورى ثوار بنغازي علي الراجحي مناضل، وذلك على خلفية الاعترافات التي أدلى بها الأخير في مقطع مصور نشره “جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”. واتهمت الهيئة جهاز الردع بالتخاذل عن صد “العدوان على طرابلس”، وقالت إن “الراجحي كان من أول المدونين في حرب عملية بركان الغضب التي صدّت العدوان على مدينة طرابلس”، وتابعت في بيان “بينما تخاذل جهاز الردع في الدفاع عنها وأن هذا التنسيق جرى بين جهاز الردع والكتيبة 406 المداخلة.. هذه الكتيبة التي تواطأت مع أسير ومجرم الحرب حفتر في نداء الوطن وباعت مدينة سرت لحفتر ومرتزقة فاغنر.. وأن هذا الأمر دبر بليل”.
وتساءلت “هل لجهاز الردع إثباتات تثبت هذه المزاعم والافتراءات بالاعترافات التي اعترف بها المدون والصحافي الراجحي في حساباته في فيسبوك باسمه والتي نحن على يقين بأنها اعترافات تم إملاؤها عليه تحت التهديد والضغط بعد اختطافه”. وتابع البيان “إننا ننتظر الحقائق من جهاز الردع على الملأ وأمام الليبيين. وإن اللواء أسامة طليش أحد منتسبي مكتب بوسليم في العدوان على طرابلس وأحد الجرحى بتاريخ 4 أبريل 2019 ممن كانوا سباقين في الدفاع عن مدينة طرابلس الصامدة
الأبية”.
وحذر ناشطون من أن هذا البيان يمهد لإطلاق سراح الراجحي بعد القبض عليه، وجاء في تعليق:
ويؤكد ناشطون أن طليش معروف بممارساته المنافية للقانون والاستقواء بالميليشيات ضد المواطنين، إذ سبق أن اتهم نادي السويحلي الرياضي طليش بالاعتداء على رئيس الاتحاد الليبي لكرة الطائرة عدنان البكباك خلال مباراة الفريق أمام الأهلي طرابلس.
وعبر النادي في بيان له عن استيائه الشديد من سلوك “الميليشياوي الذي تمت ترقيته إلى رتبة عميد لتحريضه المشاغبين بالاعتداء على جمهور الفريق”.
وبحسب البيان فقد أصدر طليش تعليمات إلى التابعين له بالتساهل مع جمهور النادي المنافس دون أي سيطرة منه وعدم تدخلهم في فض الشغب الذي كاد يتطور إلى أمور لا تحمد عقباها.
وأكد البيان الصادر عن النادي أنه قد هدد أيضًا لجنة التحكيم العامة بالإضافة إلى تجوله بسلاحه الشخصي والتفوه بعبارات لا تليق برجل أمن. ووصف النادي ما قام به الأخير بالمشهد المشين والمخزي الذي لوث خلاله الفضاء الرياضي.