تمارين اليقظة تساعد على الوصول إلى أفضل مستويات التدريب

يؤكد خبراء اللياقة البدنية على أهمية تمارين اليقظة في الوصول إلى أفضل مستويات التدريب، مشيرين إلى أنها أصبحت نمطا علاجيا واعدا قد يسهم في علاج بعض الاضطرابات النفسية، ويمكن لأي شخص الاستفادة منه. وشدد الخبراء على ضرورة أداء تمارين اليقظة بصورة منتظمة حتى تظهر فوائدها.
كارلسروهه (ألمانيا) - رغم أن أصولها تعود إلى الفلسفة الشرقية والبوذية، فإن تمارين اليقظة والاستمتاع بفوائدها لا يتعلقان بالاعتقادات الدينية، بل انفصلت هذه التمارين حاليا لتصبح نمطا علاجيا واعدا قد يسهم في معالجة بعض الاضطرابات النفسية، ويمكن لأي شخص الاستفادة منه كذلك.
وذكر عالم النفس الرياضي دراكو جيكوك أن تمارين اليقظة يمكن أن تساعد الرياضيين على تحسين الأداء والوصول إلى أفضل مستويات التدريب.
وأوضح عالم النفس الرياضي في معهد كارلسروهه للتكنولوجيا ذلك بقوله «تساعد تمارين اليقظة المنتظمة على تحسين القوى العقلية»؛ حيث يقوم الأشخاص الذين يتمتعون بالاستقرار العاطفي بتقييم المواقف بشكل إيجابي بدلا من التركيز على الصعوبات، وهو ما ييسّر سبل الحياة بشكل عام والتمارين الرياضية بشكل خاص.
ويمكن القيام بتمارين اليقظة مثل تأدية تمارين العضلات، حيث يتم التركيز على اللحظة الحالية، بمعنى الإدراك الواعي بأحاسيس الجسد والأفكار والمشاعر دون تقييمها. وإلى جانب تمارين التركيز تهدف تمارين اليقظة إلى تعليم المرء كيفية مراقبة أفكاره ومشاعره وعدم السماح لها بالتحكم فيه.
وشدد عالم النفس الألماني على ضرورة أداء تمارين اليقظة بشكل منتظم حتى تظهر فوائدها، حيث يمكن تدريب القدرة الخاصة بالحفاظ على التركيز والتحكم في العواطف والمشاعر بنفس طريقة تدريب العضلات.
تمارين اليقظة يمكن أداؤها مثل تمارين العضلات، حيث يتم التركيز على إدراك أحاسيس الجسد
وتعني اليقظة الذهنية تركيز الوعي على اللحظة الحالية وانتباه الفرد إلى مشاعره وأفكاره والبيئة المحيطة به وتقبّل ذلك؛ أي عليه أن يتجنب اجترار الماضي ولا ينشغل بالتطلع إلى المستقبل فيفقد وعيه بالوقت الحاضر. واليقظة ببساطة هي أن يعمل الفرد على زيادة الوعي بالمحفزات الحسية، فيلاحظ التنفس والحواس والأفكار.
والفكرة الأساسية في كل ذلك هي الوعي باللحظة الحالية، وهناك أشكال مختلفة تقوم عليها تمارين اليقظة؛ مثل تأمل مسح الجسم، وتأمل التنفس، وتأمل الملاحظة. وبحسب الخبراء تساعد اليقظة على إرخاء الجسم والعقل وتقليل التوتر.
ويرى الخبراء أن قضاء الكثير من الوقت في التخطيط للمستقبل أو حل المشكلات أو أحلام اليقظة أو التفكير في الماضي وتذكر اللحظات الأليمة يرهق الفرد تماما ويعرضه لخطر الاكتئاب. وممارسة تمارين اليقظة تجنب الشخص مثل هذه السلبيات، وتوجه انتباه الفرد بعيدا عن هذا النوع من التفكير، وتساعده على التفاعل مع العالم وتعزز قدرته على الانتباه وتقلل الإرهاق الوظيفي.
وفي دراسة نشرتها دورية «جورنال أوف كلينيكال سايكاتري» تمت دراسة تأثير اليقظة في أعراض اضطرابات القلق لدى عدد من المصابين باضطراب القلق العام، ليجد الباحثون انخفاضا في أعراض القلق وقدرة أكبر على التعامل مع الضغوط اليومية، بعد التدخل القائم على اليقظة لعدة أسابيع.
ويعرّف خبراء «مايو كلينيك» اليقظة الذهنية بأنها نوع من أنواع التأمل الذي نركز فيه على الانتباه القوي إلى ما نحسه ونشعر به في الحاضر دون تأويل أو إصدار أحكام.
وتنطوي ممارسة اليقظة الذهنية على طرق للتنفس والتخيل الموجه وغير ذلك من الممارسات التي تهدف إلى إرخاء الجسم والعقل والمساعدة على التقليل من التوتر.
وقد تكون تمضية وقت زائد في التخطيط أو حل المشكلات أو أحلام اليقظة أو التفكير بشكل سلبي أو عشوائي نشاطا مستهلكا للطاقة. ويمكن أن تجعل الفرد أكثر عرضة للضغط العصبي والقلق وأعراض الاكتئاب. وقد تساعد ممارسة تمارين اليقظة الذهنية على صرف انتباه الفرد بعيدًا عن هذا النوع من التفكير وتوجيهه إلى الارتباط بالعالم وأحداثه الراهنة.
لقد تمت دراسة التأمل في العديد من التجارب السريرية. ويدعم الدليل العام فاعلية التأمل في مواجهة عدة ظروف صعبة، وتتضمن: الإجهاد والقلق والألم والاكتئاب والأَرَق وارتفاع ضغط الدم.
وتشير الأبحاث الأولية إلى أن التأمل يمكن أن يساعد أيضا الناس المصابين بالربو والالتهاب العضلي.
وقد يساعد التأمل على التعامل مع الأفكار والعواطف باتزان وعقلانية. وقد ثبت أيضًا أن التأمل يسهم في تحسين الانتباه والتقليل من الاحتراق الوظيفي ويدعم جودة النوم ويحسّن القدرة على التحكم في داء السكري. ويعتمد الأمر على نوع تمارين اليقظة التامة التي ينوي الأشخاص ممارستها.
ويمكن ممارسة تمارين التركيز الذهني في أيّ مكان وأيّ وقت. وتشير الأبحاث إلى أن انشغال الحواس بالأماكن المكشوفة مفيد.
وفيما يتعلق بالتمارين الأخرى للتركيز الذهني المنظَّم، مثل فحص الجسم بالتأمل أو التأمل بالجلوس، سيحتاج الفرد إلى تخصيص وقت يكون فيه ضمن مكان هادئ دون وجود ما يشتت التفكير أو يقطعه. ويمكنه اختيار ممارسة هذا النوع من التمارين في الصباح الباكر قبل الشروع في الروتين اليومي. وإذا جعل هدفه ممارسة اليقظة التامة كل يوم لمدة ستة أشهر سيجد أن هذه اليقظة لا تكلف جهدًا.
ويمكن أيضًا القيام بتمارين التأمل الواعي بطريقة منظمة، مثل:
◄ تأمل الجسد: وذلك بأن يستلق الشخص على ظهره وساقاه ممدودتان وذراعاه بجانبه وكفّا يديه مقلوبتان إلى أعلى.
ثم يركز انتباهه ببطء وتأنٍ على كل جزء من جسده بالترتيب، من أصابع قدميه إلى رأسه أو من رأسه إلى أصابع قدميه. ويكون يقظًا ومنتبها لكل إحساس أو شعور أو فكرة عن كل جزء من جسمه.
◄ التأمل في وضعية الجلوس: يمكن أن يجلس جلسة مريحة بحيث يكون ظهره مشدودًا، وقدماه منبسطتين على الأرض ويداه في حجره.
وينبغي أن يتنفس من أنفه، ويركز على حركة أنفاسه وهي تدخل وتخرج من جسده. إذا تشتت انتباهه بشعور جسدي أو فكرة، فليسجل تلك الملاحظة ثم يتابع التركيز على تنفسه.
◄ التأمل أثناء المشي: يجب أن يبحث الشخص عن مكان هادئ يمكنه المشي فيه مسافة تتراوح بين 3 و6 أمتار، ويمشِي ببطء.
ويمكن أن يركز على المشي في حد ذاته، ويتأمل في إحساس الوقوف والحركات البسيطة التي تساعده على الحفاظ على توازنه. وعندما يصل إلى نهاية الممر يستدير ويتابع المشي، مع الحفاظ على تركيزه على كل حواسه.