تلبية احتياجات المرأة التركية يمهد للتعافي من الزلزال

فضح الزلزال الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا نهجا تنمويا تركيا لا يراعي النوع الاجتماعي، إذ وجدت النساء والفتيات التركيات أنفسهن عرضة للمزيد من التمييز ويتحملن أعباء مضاعفة لحماية أبنائهن لاسيما البنات وسط بيئة غير آمنة ولا توفر لهن أبسط احتياجاتهن، وهو ما يستدعي تقديم توصيات سياسية أكثر تأثيرا بدراسة الكوارث.
أنقرة - تعدّ الزلازل ظاهرة طبيعة، في حين أن الكوارث سياسية، وعادة ما تُحلل باعتبارها نتيجة للتخلف وترتبط بقضايا الديمقراطية ونوعية النظام والسلطة المؤسسية والفساد. لكن اعتماد نهج تنموي دون مراعاة النوع الاجتماعي يضر بفهم الكوارث ويعيق التوصيات المتعلقة بالسياسات.
إن سياسات التنمية التي لا تراعي النوع الاجتماعي تتجاوز النساء والفتيات وتفاقم نقاط ضعفهن قبل الكوارث وأثناءها وبعدها، كما أبرز زلزال 6 فبراير 2023 الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا.
ويمكن الفهم بشكل أفضل للتأثيرات المتفاوتة التي خلفها الزلزال على النساء والفتيات في تركيا وتقديم توصيات سياسية أكثر تأثيرا بدراسة الكوارث باعتبارها مشكلات تنموية مرتبطة بالنوع الاجتماعي.
بيئة ما بعد الكارثة
النساء العازبات والمطلقات اللاتي يرغبن في العيش منفصلات عن أزواجهن لم يحصلن على خيامهن الخاصة بعد الزلزال
أكد مراقبون مستقلون ومنظمات نسائية غير حكومية، بعد مرور أكثر من ستة أشهر على الزلزال، عدم تلبية جل احتياجات النساء والفتيات (بما في ذلك تلك العاجلة)، وفق ما ورد بموقع معهد الشرق الأوسط.
ولا تزال النساء والفتيات يواجهن عبئا غير متناسب من أعمال الرعاية، والضغط العاطفي، والفقر، والمشاكل الصحية، والأهم من ذلك العنف.
في حالات ما بعد الكوارث، يتزايد عبء أعمال الرعاية على النساء والفتيات لأنهن يتحملن مسؤولية استعادة “الحياة الطبيعية” في غياب الحماية الاجتماعية وخدمات الرعاية الصحية، ويكرسن وقتهن للطهي والتنظيف ورعاية الأطفال أو كبار السن أو أفراد الأسرة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وحددت اليونيسف 1.9 مليون شخص في تركيا اعتبارا من مارس الماضي يعيشون في ملاجئ مؤقتة ويكافحون للوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والرعاية الطبية، وسجّلت 2.5 مليون طفل في حاجة إلى المساعدة الإنسانية.
وتتحمل النساء مسؤوليات الرعاية ويشاركن خيامهن مع الأطفال، بينما يقيم الرجال في خيام منفصلة متخذين من التدخين عذرا، وبعبارة أخرى، يميل الرجال إلى إنشاء تقسيم جنساني لمساحات المعيشة، كما هو متوقع في المجتمعات الأبوية، بدلا من تحمل مسؤولياتهم الخاصة، وفق تقرير حديث عن آثار زلزال 6 فبراير الذي أصدرته منظمة “المساواة من أجل المرأة” التركية غير الحكومية.
وغالبا ما تكافح النساء العالقات في مسؤوليات الرعاية لإيجاد الوقت لطلب الضمان الاجتماعي أو المساعدة. وتميل الدول الأبوية مثل تركيا في الكثير من الحالات إلى منح المساعدات المالية أو المادية إلى الرجل، على أساس فكرة أنه رب الأسرة. ويعني هذا التوزيع الجنساني للموارد أن الأسر التي ترأسها نساء لا تحصل في الكثير من الأحيان على مساعدات اجتماعية أو مالية، وتعاني لذلك من الفقر.
ويكشف تقرير منظمة “المساواة من أجل المرأة” أن النساء العازبات والمطلقات واللاتي تعرضن للعنف ويرغبن في العيش منفصلات عن أزواجهن لم يحصلن على خيامهن الخاصة بعد الزلزال، حيث تقرر التركيز على العائلات.
ويُعرض إعطاء الأولوية لمفهوم “الأسرة” على احتياجات المرأة الفردية حياتها للخطر. وفي أحد الأمثلة المؤلمة تعرضت امرأة مطلقة اضطرت لمشاركة خيمتها مع زوجها السابق، إلى التشويه بالماء المغلي أثناء نومها.
تغذية أقل

غالبا ما تحد النساء من استهلاكهن الغذائي لضمان إطعام الآخرين بعد الكوارث، مما يعرضهن لمشاكل صحية بسبب سوء التغذية. وفي المجتمعات الأبوية تحصل الفتيات غالبا على طعام أقل من حيث الكمية والجودة، في حين تعطى الأولوية للذكور لقدرتهم على ضمان استمرارية الأسرة.
ويشير تقرير حديث من منطقة الزلزال إلى أن النساء هناك “يفضلن” شرب كمية أقل من الماء وتناول كميات أقل من الطعام حتى لا يضطررن للذهاب إلى المرحاض، مما يكشف عن مخاوفهن الأمنية.
كما تعرض زيادة الفقر تعليم الفتيات للخطر، حيث قد تعتبرهن الأسر عبئا وتجبرهن على الزواج المبكر، وهي مشكلة مستمرة في تركيا.
وتحذر اليونيسف من أن الأطفال المتضررين من الزلزال معرضين لخطر الفقر أو العمل الإجباري أو الزواج القسري. ويُتوقع من الفتيات في الكثير من الأحيان المساعدة في أعمال الرعاية أو لعب دور “الأمهات” البديلات، مما يعيق وصولهن إلى التعليم، ويحرمهن من فرص اكتساب المهارات الحياتية، ويوقعهن في فخ دائرة الفقر المغلقة.
تجاهل صحة المرأة

للنساء في حالات الكوارث نفس الاحتياجات البيولوجية المرتبطة بالحيض والحمل والرضاعة والولادة، إلا أنه لا تتوفر لهن حمامات نظيفة وآمنة ومنفصلة في مثل هذه البيئات.
ويشكل الافتقار إلى النظافة في المرافق المشتركة مخاطر على صحتهن الإنجابية ويزيد من احتمال الإصابة بالعدوى. ونتيجة لسوء التغذية وتردّي ظروف النظافة، تعاني النساء من مشاكل صحية كالالتهابات الفطرية الشائعة أو التهاب المثانة أو الإمساك. كما يعد عدم انتظام الدورة الشهرية شائعا في حالات ما بعد الكوارث، بسبب المحظورات المتعلقة بالموضوع والاحتياجات ذات الصلة التي تتجاهلها الدولة الأبوية على نطاق واسع.
وتأثرت 130 ألف امرأة حامل بالزلزال في تركيا وحدها واضطررن إلى الولادة في ظروف مزرية، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان. وبعد مرور ستة أشهر، لا تزال النساء يواجهن مشاكل خطيرة في العثور على مستشفيات عامة لرعاية الحمل والولادة.
ويتجاهل النهج الذي تتبناه تركيا في إدارة الكوارث أهمية توفير المواد الأساسية مثل أدوات الدورة الشهرية، أو حبوب منع الحمل، أو الملابس الداخلية، أو معدات الرضاعة. وغالبا ما تشعر النساء بعدم القدرة على التعبير عن احتياجاتهن لموظفي إدارة الكوارث الذكور بسبب التعاليم الأبوية.
130
ألف امرأة حامل تأثرن بالزلزال في تركيا وحدها واضطررن إلى الولادة في ظروف مزرية
وتعاني تركيا من نقص كبير في عدد العاملات في حالات الكوارث. وتصل نسبة النساء 32 في المئة فقط من العاملين الدائمين على المستوى الوطني، و34.8 في المئة من العاملين المؤقتين على المستوى الوطني، و16 في المئة من العاملين الإقليميين الدائمين في مواجهة الكوارث والطوارئ.
ويفشل النهج الحالي الذي تتبعه تركيا والذي لا يفرّق بين الجنسين في الاعتراف بتزايد خطر العنف الذي تواجهه النساء والفتيات. وعادة ما تمسّ التهديدات الأمنية الشخصية المرأة أكثر من الرجل في الأسرة. وتصبح النساء أكثر عرضة للتحرش والعنف المنزلي والاعتداء الجنسي في الخيام أو الملاجئ المؤقتة.
وتفتقر المخيمات إلى الإضاءة المناسبة، كما تعد المرافق الخصوصية بما فيها الحمامات غير آمنة، مما يشكل مخاطر كبيرة على النساء.
وترى النساء في ذلك تهديدات تمسهن وأطفالهن، وتقول إحدى الناجيات من زلزال 6 فبراير وتدعى إميل أوزكيلسيز، في حديثها للصحافة التركية، إنها تخشى أن يتمكن شخص ما من فك خيمتها والدخول إليها أثناء نومها هي وبناتها، مما يدفعها إلى البقاء مستيقظة ليلا لحمايتهن.
وفي نفس الوقت، تواجه النساء والفتيات العنف المنزلي، حيث يحملهن الرجال مسؤولية الإضرار بـ”شرف” أسرهن. ويُحتجزن في الخيام ويُكلفن برعاية الأطفال، وغالبا ما يُمنعن من التواجد في المناطق العامة مثل تلك التي يُوزع فيها الطعام. وتتعرض اللاتي تتحدين إملاءات أزواجهن وآبائهن لخطر العنف المنزلي.
ويزيد غياب أفراد الأمن ومسؤولي إنفاذ القانون لحماية النساء والفتيات من خطر الاعتداء، كما تتعرض النساء للعنف الجنسي “الصامت وغير المعلن” من شركائهن، مما ينتهك حقوقهن ويعرضهن للحمل غير المرغوب فيه، بحسب ما ورد في تقرير صادر عن مؤسسة “بيربل روف” النسائية التركية غير الحكومية للملاجئ.
وتتعرض النساء والفتيات اللاجئات السوريات أيضا للعنف في المخيمات، ويتفاقم الخطر بسبب التمييز.
وتطرح الكوارث مشكلة حوكمة التنمية في إطار الخصوصية الجنسية. ولا يكفي مجرد إدراج النساء والفتيات كبند إضافي في جدول أعمال إدارة الكوارث، بل يجب بذل المزيد من الجهود للتعرف على احتياجاتهن واهتماماتهن ومصالحهن ونقاط ضعفهن وقدراتهن.
توصيات لإعادة البناء بشكل أفضل
1- اعتماد إطار عمل جديد: تحتاج تركيا إلى إطار شامل لإدارة الكوارث يراعي الفوارق بين الجنسين ويستند إلى الحقوق. وتوفر التوصية العامة رقم 37 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بديلا أفضل لإطار سينداي الذي لا يراعي الفروق بين الجنسين والذي تعتمده تركيا لإدارة الكوارث. وتقترح هذه الاتفاقية أن تسترشد سياسات الدول بمبادئ المساواة الجوهرية، وعدم التمييز، والمشاركة، والتمكين، والمساءلة، والوصول إلى العدالة.
2- إعادة بناء ديمقراطي أفضل بمشاركة المرأة: يتطلب تطبيق هذه المبادئ في تركيا نموذج حكم ديمقراطي تشارك فيه النساء من كل الفئات في عملية صنع القرار في منطقة الكارثة. ولن تنجح إستراتيجية إدارة الكوارث في غياب الديمقراطية في معالجة مشاكل المجتمع، وخاصة مشاكل النساء والمجموعات الأخرى التي يتواصل إسكاتها. وتوجد حاجة ملحة للاستماع إلى مخاوف المرأة المحلية ومعالجتها. ويجب عقد مؤتمر رسمي واجتماعات دورية مع المنظمات النسائية غير الحكومية الناشطة في المنطقة.
3- احترام حقوق المرأة من خلال تطبيق اتفاقية إسطنبول والقانون 6284: لا يزال العنف ضد المرأة في المنطقة مشكلة كبيرة. ويجب على الحكومة التركية أن تؤكد على أهمية حياة المرأة وعلى أنها لن تتسامح مع العنف. ويجب عليها أن تعلن التزامها باتفاقية إسطنبول للتأكيد على أهمية أمن المرأة. وتعدّ هذه الاتفاقية معاهدة دولية بشأن العنف المنزلي ضد المرأة، كما يجب تطبيق القانون 6284 لحماية المرأة من العنف المنزلي في منطقة الكارثة.
غالبا ما تشعر النساء بعدم القدرة على التعبير عن احتياجاتهن لموظفي إدارة الكوارث الذكور بسبب التعاليم الأبوية
4- رعاية المرأة من خلال توفير خدمات الرعاية العامة والتوظيف: تعاني المرأة بشكل غير متناسب من الفقر بسبب زيادة عبء أعمال الرعاية في ظروف الكوارث. ويجب على الحكومة التركية أن توفر وحدات رعاية أفضل للرضع والأطفال والمسنين والأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة بدل تخليها عن مسؤولياتها الاجتماعية المرتبطة بالمرأة. وينبغي لها أن تهيئ ظروف العمل للنساء حتى يتمكن من كسر دائرة الفقر. وترجع مسؤولية توفير حماية اجتماعية أقوى وأفضل للحكومة التركية، لكن الدعم المالي من المجتمع الدولي للمنظمات غير الحكومية النسائية يبقى مهما أيضا.
5- تشجيع استقلالية المرأة من خلال التوسع في الأمثلة المثبتة: يجب دعم المرأة التي تحتاج إلى مساعدة مالية لإعادة البناء بشكل أفضل. وأظهرت مساعدة النساء والفتيات في منطقة الكارثة من خلال المنظمات غير الحكومية النسائية مدى أهمية النساء في إدارة الكوارث. ويعد مشروع الحرم الأرجواني الذي ينفذه اتحاد الجمعيات النسائية في تركيا مثالا لقدرة المرأة على المساهمة في رفاهية النساء.
ويهدف المشروع إلى الحد من تكديس أعمال رعاية على عاتق المرأة من خلال تقديم الخدمات الصحية والدعم النفسي، وهو مصمم لإنشاء منطقة آمنة للنساء خالية من العنف وانعدام الأمن في المقاطعات المتضررة من الزلزال.
وحسب تقييم احتياجات ما بعد الكارثة الذي أجرته الحكومة التركية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالات الدولية الأخرى، تقدر التكلفة الإجمالية للأضرار والخسائر الناجمة عن الزلزال في تركيا بنحو 103.6 مليار دولار، وتحتاج النساء هناك إلى التمويل لإعادة بناء حياتهن ومجتمعاتهن.
6- احترام حقوق الأطفال من خلال التركيز على تعليم الفتيات: تركز المجتمعات الأبوية مثل تركيا في حالات الكوارث على “الأسرة” على حساب الأفراد وتخصص الموارد للرجل باعتباره “رب الأسرة”. ولا ينتهك هذا النهج حقوق المرأة كمواطنة فقط، بل ينتهك حقوق الأطفال أيضا. ويجب حماية حقوق الأطفال لأن أمنهم يمكن أن ينعدم في إطار الأسرة. وغالبا ما تكون الفتيات الفئة الأكثر حرمانا لأنهن يحصلن على طعام أقل، أو يُجبرن على الزواج، أو يُبقين خارج المدرسة لتوفير الرعاية والمساعدة في الغسيل والطهي والتنظيف، مما يضعف حقهن الأساسي في التعليم.
ينبغي على الحكومة التركية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الدولية إعطاء الأولوية لمنع الزواج المبكر وإبقاء الفتيات في المدارس
ويجب أن يولي النهج القائم على حقوق الأطفال في إدارة الكوارث اهتماما خاصا لحقوق الفتيات وأمنهن واحتياجاتهن واهتماماتهن. ويجب معاقبة الأسر التي تجبر بناتها على الزواج أو/وتحرمهن من التعليم، على النحو الذي تسمح به القوانين التركية.
وينبغي على الحكومة التركية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الدولية إعطاء الأولوية لمنع الزواج المبكر وإبقاء الفتيات في المدارس. وتوجد حاجة ملحة لمدارس جديدة، وللأدوات المدرسية، وللمعلمين. ويجب سد الفجوة الرقمية بين الجنسين بتزويد الفتيات بالأدوات الرقمية وتعليمهن المهارات ذات الصلة، وذلك من خلال التعلم الإلكتروني والبرامج التعليمية التي توفرها المؤسسات الرقمية.
7- سد الفجوة الرقمية بين الجنسين من خلال الاستثمار في لحاق النساء والفتيات بركب التكنولوجيا: تتطلب الفجوة الرقمية بين الجنسين اهتماما خاصا في إدارة الكوارث. وتعدّ النساء والفتيات على مستوى العالم في وضع غير مناسب فيما يتعلق بتبني التكنولوجيا مقارنة بالرجال والفتيان، وهذا ما ينطبق أكثر على المجتمعات الأبوية.
وتعد منطقة الزلزال واحدة من أكثر المناطق المحافظة والأبوية في تركيا. ولا تستخدم النساء الأدوات الرقمية للتواصل في حالات الكوارث فقط، بل هن لا يستخدمن أيضا تطبيقات الهواتف الذكية للإبلاغ عن العنف وطلب المساعدة.
وتتطلب رقمنة الاقتصادات بناء معارف النساء والفتيات ومهاراتهن الرقمية وتمكينهن من الوصول إلى الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية. ومن المؤسف ألا تحظى الفجوة الرقمية بين الجنسين في المنطقة بالاعتراف الكافي. وتتطلب معالجتها إمكانات هائلة لمساعدة المرأة على التعافي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ويجب على الحكومة والجهات الفاعلة الدولية وشركات التكنولوجيا التبرع بالمعدات وتعليم المهارات الرقمية لإحداث تغيير في حياة النساء والفتيات.
رقمنة الاقتصادات تتطلب بناء معارف النساء والفتيات ومهاراتهن الرقمية
8- ضمان حق المرأة في الصحة من خلال كسر المحرمات وتوفير المرافق: بعد مرور ستة أشهر، لا يزال حطام المباني وغبار الأسبستوس المسرطن يشكلان مشاكل بيئية وصحية عامة. وتهدد الحياة اليومية في المنطقة بسبب السكن غير الملائم، وانقطاع التيار الكهربائي، وعدم إمكانية الحصول على الغذاء والمياه النظيفة، وانتشار الآفات والحشرات. ويقع العبء على عاتق النساء بشكل غير متناسب بسبب التقسيم الجنساني للعمل وأعمال الرعاية. وتتزايد الحاجة لمعالجة هذه المشاكل.
وزادت موجة الحر الأخيرة والفقر والتضخم من تفاقم الأوضاع. وتحتاج الحكومة التركية والبلديات إلى حل المشاكل البيئية والبنية التحتية. وتزداد الحاجة إلى مصادر الطاقة لضمان ظروف معيشية لائقة مع وحدات التدفئة والتبريد. ويجب إنشاء بنوك الغذاء والماء المجانية لجعل الإمدادات في متناول الجميع. وينبغي زيادة عدد مراكز الغسيل المتنقلة وإنشاء حمامات متنقلة آمنة ونظيفة. ويجب أن تتخلى الحكومة التركية عن ضرائب منتجات النظافة النسائية وتتيح لهن إمكانية الوصول بسهولة إلى منتجات منع الحمل ومنتجات الدورة الشهرية المجانية في الأماكن العامة. وينبغي مراعاة احتياجات النساء من ذوات الإعاقة عند تقديم الخدمات الصحية. ويجب سؤال النساء بشكل دوري عما يحتجنه وتلبية مطالبهن.
وتبقى النساء هن اللاتي يحاولن رعاية الآخرين والحفاظ على الحياة الطبيعية في أوقات الشدة. ولهذا السبب، ينبغي إعطاء الأولوية لاحتياجاتهن الجسدية والبيولوجية والنفسية لضمان عملية إعادة بناء أفضل.
9- الاستثمار في دراسات النوع الاجتماعي والكوارث والتنمية: ستستمر تداعيات الزلزال لأجيال، ويجب لذلك زيادة عدد أقسام دراسات النوع الاجتماعي في تركيا مع إنشاء مراكز دراسات النوع الاجتماعي المتخصصة في الكوارث وتمويلها ودعمها. ويجب أن تتعاون الوكالات الدولية مع الجامعات ومراكز البحوث والأكاديميين العاملين في مجال المساواة بين الجنسين والكوارث والتنمية لبناء مستقبل أفضل للنساء والأطفال والجميع.