تكنولوجيا الفضاء تقدم آفاقا جديدة للأمن في أفريقيا

نيروبي - لا تنفك القوات المسلحة الأفريقية تلاحق المتمردين والمتطرفين العنيفين في بقاع شتى من القارة، وتستخدم أجهزة تحديد المدى، والمناظير، ومناظير البنادق، ونظارات الرؤية الليلية، وتبحث المسيَّرات عن الأهداف من السماء في بعض ساحات المعارك.
وتنجح هذه التكتيكات تارةً، وتخفق أخرى، ولكن يواجه الجنود تهديدات مستمرة حين لا يُلمّون بما يجري في ساحة المعركة، فيمكن أن تُسمع المسيَّرات، ثم تُرى، ثم تُسقط أو يُتجنب أذاها.
ولكن هناك نوع من التكنولوجيا يأخذ المستفيدين منه إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة، فيعرفون كل شيء عن الطقس القاسي واحتياجات البنية التحتية وتحركات القوات.
وجاء في تقرير نشره منبر الدفاع الأفريقي أن دول أفريقيا تُقبل على تكنولوجيا الأقمار الصناعية والفضاء لتتبع الأفراد، ورصد التهديدات البحرية، ورصد آثار الكوارث الطبيعية، وغيرها .
ويقول الدكتور فال مونسامي، رئيس جامعة الفضاء الدولية في فرنسا ”تقدم تطبيقات الاستشعار عن بُعد منتجات وخدمات لا حصر لها، كمراقبة حالة مواردنا الطبيعية، ورصد حركة السفن في مناطقنا الاقتصادية الساحلية، وتوفير المعلومات للزراعة الدقيقة يمكن أن تساعد المزارع على أن يقرر مثلاً موعد الري وكمية الأسمدة التي ينبغي استخدامها.“
الأقمار الصناعية تمكن من رصد التهديدات المحتملة وتحسن فعالية الاستجابة للخروقات الأمنية وأنظمة الإنذار المبكر
وأضاف مونسامي”لا حصر للتطبيقات وابتكارات حل المشكلات التي توفرها المنتجات والخدمات الفضائية.“
وتستثمر البلدان الأفريقية المزيد من الموارد في بشائر تكنولوجيا الفضاء لتكون من مقدرات الأمن والتنمية، فما لا يقل عن 21 دولة في جنبات القارة أنشأت وكالة أو مؤسسة للفضاء، وبعضها أطلق أقماره الصناعية ويقيم علاقات متعددة الجنسيات بعقد المؤتمرات وإبرام الاتفاقيات.
وكانت كينيا من أشد المهتمين بتطوير برنامجها الفضائي، فأطلقت وكالة الفضاء الكينية في أبريل 2023 وهو أول قمر صناعي لرصد الأرض، على متن صاروخ تابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية.
وذكرت وكالة رويترز أنه قمر صناعي صغير، وتتمثل مهمته في جمع البيانات الزراعية والبيئية عن الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات مثلاً، للمساهمة في إدارة الكوارث وحل مشكلة انعدام الأمن الغذائي.
وقال ألويس ويري، وهو مهندس طيران ونائب مدير الملاحة وتحديد المواقع في وكالة الفضاء الكينية، لرويترز قبل إطلاق القمر الصناعي ”تواجهنا تحديات ناجمة عن تغير المناخ، وسيتمكن القمر الصناعي، بفضل قدرته على التقاط الصور، من مساعدتنا على مراقبتها، فيمكننا أن نراقب التغيرات التي تطرأ على الغابات، ويمكننا أن نراقب التغيرات التي تطرأ على التوسع العمراني.”
وتنظر البلدان الأفريقية إلى تكنولوجيا الفضاء على أنها أداة من أدوات الأمن و التنمية في المقام الأول.
فأنغولا وإثيوبيا وكينيا وموريشيوس وأوغندا صارت لديها أقمار صناعية جديدة في عامي 2021 و2022، ليرتفع العدد الإجمالي للأقمار الصناعية الأفريقية إلى 55 قمراً في المدار حينذاك.
هناك نوع من التكنولوجيا يأخذ المستفيدين منه إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة، فيعرفون كل شيء عن الطقس القاسي واحتياجات البنية التحتية وتحركات القوات
وأطلقت أوغندا أول قمر صناعي لها في نوفمبر 2022، ويُسمى «بيرل أفريكا سات 1»، واخترق الغلاف الجوي للأرض على متن مركبة فضائية تابعة لشركة «نورثروب غرومان سيغنوس» أُطلقت من منشأة تابعة لوكالة ناسا الأميركية في فرجينيا، وكان على متنها أيضاً أول قمر صناعي لزيمبابوي، وهو القمر «زيمسات1». وكلاهما وصل إلى محطة الفضاء الدولية، ونُشرا منها في نهاية المطاف.
وقد صُنع هذان القمران بالتعاون مع اليابان، ومن المقرر تسخيرهما لرصد الأرض، ولكن صرَّحت أوغندا رسمياً أنها تتطلع لأن تجعل من الفضاء الخارجي أداة من أدوات الأمن القومي.
وسيراقب القمر الصناعي المناطق الحدودية ويرصد التهديدات المحتملة ويحسن فعالية الاستجابة للخروقات الأمنية.
وبات الفضاء ميداناً أساسياً للعمليات العسكرية والاستخبارية الحديثة، ويمكن للأقمار الصناعية أن تقوم بعدة وظائف أمنية مثل الاتصالات و الملاحة وتحديد المواقع الجغرافية والمراقبة والاستطلاع و أنظمة الإنذار المبكر.
وأطلقت موريشيوس، وهي من أصغر دول أفريقيا، قمرها الصناعي الأول «مير سات 1» في عام 2021. وعقدت في أبريل 2024 أيضاً أول ندوة دولية للفضاء، استمرت فعالياتها يومين، وورد في بيان حكومي أنها كانت تهدف إلى ”تبادل المعرفة والاستكشاف والابتكار والوحدة.“
وفي عام 2022، جددت وكالة الفضاء الوطنية الجنوب أفريقية مشاركتها في استكشاف القمر مع وكالة ناسا، وذلك بوضع حجر الأساس لمركز اتصالات جديد سيدعم برنامج «أرتميس»، ويرنو هذا البرنامج إلى إعادة الإنسان إلى القمر وتهيئة الأجواء للإكثار من استكشاف الفضاء.
ومن المقرر إنشاء هوائي جديد لمركز مواقع استكشاف القمر الأرضية في ماتجسفونتين بجنوب أفريقيا، كما وقعت الدولتان بيان نوايا مشترك لإضفاء الطابع الرسمي على شراكتهما في استكشاف الفضاء.
وأفادت ناسا أن هوائي مواقع استكشاف القمر سيكون ثاني هوائي من بين ثلاثة هوائيات يتراوح طولها من 18 إلى 24 متراً توضع حول كوكب الأرض ”لضمان الاتصال شبه المستمر بين الأرض ورواد الفضاء على متن المركبة الفضائية «أرتميس» التابعة لناسا، وكذلك المركبات الفضائية في المدار حول القمر.“ ومن المتوقع الانتهاء منه في عام 2026.