تقية الإخوان داخل مجلس العموم البريطاني

يسعى التنظيم الدّولي للإخوان المسلمين جاهدا لاستعادة “حظوته” لدى دوائر صنع القرار في بريطانيا على إثر التوتر الذي ساد العلاقة بينهما على خلفية نتائج التحقيقات البريطانية حول نشاط الإخوان، والتي أكدت ارتباط التنظيم بالإرهاب، وفي هذا السياق تتنزّل جلسة الاستماع التي استضافها، مؤخّرا، مجلس العموم البريطاني، وحاضر فيها مجموعة من القياديين في التنظيم الدولي حول الإسلام السياسي وعلاقته بالتطرف. وقد أثارت جدلا واسعا دفع السفارة البريطانية في القاهرة إلى إصدار بيان قدمت فيه تبريرات سياسية مشيرة إلى أن استقبال الإخوان في مجلس العموم لا يعبر بأيّ حال من الأحوال عن الحكومة البريطانية.
الأحد 2016/06/12
العنف عقيدة إخوانية

القاهرة - نظمت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني جلسة استماع الثلاثاء الموافق لـ7 يونيو 2016 حول الإسلام السياسي وعلاقته بالتطرف، في خطوة رأى متابعون أنها تأتي ضمن مساعي جماعة الإخوان المسلمين لتحسين صورتها لدى الدوائر الغربية بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية، واعتبارها واحدة من الجماعات التي خرجت من رحمها حركات متشددة.

وأثارت جلسة الاستماع التي حضرها عدد من قيادات التنظيم الدولي بالجماعة، من بينهم إبراهيم منير، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، ومروان مصمودي، مستشار راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، وأنس التكريتي الذي يعدّ واحدا من قيادات الإخوان العراقية، جدلا واسعا، دفع السفارة البريطانية في القاهرة إلى إصدار بيان قدمت فيه تبريرات سياسية، وحصرته في نطاقه البرلماني، ونفت وجود علاقة للحكومة به.

وكان لافتا حضور سندس عاصم، منسقة الإعلام الأجنبي السابقة، في مكتب الرئيس المصري التابع للإخوان محمد مرسي، والتي أثارت استضافتها جدلا كبيرا لصدور حكم بالإعدام ضدها في مصر.

وحرص ديفيد كينا، المتحدث باسم السفارة البريطانية بالقاهرة، على تبرئة حكومة كاميرون من التخطيط لعقد لقاء الوفد الإخواني بمجلس العموم. وأشار إلى أن لجنة الشؤون الخارجية التي رتبت اللقاء مستقلة عن الحكومة وتختار موضوعات تحقيقاتها والمشاركين فيها بصورة منفصلة.

وأكد كينا أن حكومة بلاده لديها “سياسة قوية ضد التطرف، وتأخذ إجراءات صارمة ضد أيّ فرد، أو جماعة في أيّ خرق لقانون المملكة المتحدة”.

وأصدرت لندن في ديسمبر 2015 تقريرا عن جماعة الإخوان، قال إن الارتباط بها يعد “مؤشرا ممكنا على التطرف”، وصارت نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات المرتبطين بالإرهاب”؛ فيما تتهم الحكومة المصرية جماعة الإخوان بممارسة العنف والإرهاب والتورط في اغتيال عدد من الشخصيات.

وكشفت مصادر إعلامية محلية أن إبراهيم منير حرص على تقديم صورة مغايرة تماما لواقع الجماعة، والتذرّع بسلمية المنهج الذي تسير عليه الجماعة، وزعم أنها بعيدة عن سياسية العنف والإجبار.

واعتبر خبراء في شؤون الحركات الإسلامية أن إبراهيم منير نائب مرشد الإخوان لجأ إلى أسلوب التقية في تصريحاته أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، وبدت اللغة التي تحدث بها مرنة، وهو ما يتنافى مع واقع الجماعة.

وقد تحدّث منير عن مفهوم الخلافة لدى جماعة الإخوان المسلمين قائلا أمام مجلس العموم “مصطلح الخلافة ليس من الدين الإسلامي، إنما نسعى لوحدة إسلامية مثل الاتحاد الأوروبي مع احتفاظ كل قطر بهويته”.

جماعات العنف التي تربت على السرية مثل جماعة الإخوان المسلمين وغيرها لديها خطاب معلن يختلف تماما عن الخطاب داخل الجماعة

ووصل التناقض في حديث منير إلى حد قوله إن المرأة يمكن أن تترأس حزب الحرية والعدالة، حال انتخابها، رغم أنه معلوم أن قواعد الجماعة رفضت تولي المرأة وظائف قيادات داخلها مؤخرا.

وفسّر كمال الهلباوي، القيادي السابق بالتنظيم الدولي للإخوان، حديث منير، قائلا في تصريحات لـ”العرب” إن لغة الإخوان وقت الانكسار تختلف تماما عن لغتهم وقت القوة والانتصار. ونوّه إلى أن جماعات العنف التي تربّت على السرية مثل جماعة الإخوان المسلمين وغيرها لديها خطاب معلن يختلف تماما عن الخطاب داخل الجماعة.

ولفت إلى أن بريطانيا فقدت الثقة في جماعة الإخوان والتصريحات الوردية لنائب المرشد لن تغير من الواقع شيئا، ملمحا إلى أن التقرير البريطاني بشأن الإخوان كان منصفا ولن تفلح تقيّتهم في تغييره. لكن بعض المصادر السياسية في القاهرة تحفظت على كلام الهلباوي، وقالت لـ “العرب” إن بريطانيا والولايات المتحدة ولم تتوقفا عن ممارسة ضغوط ليكون الإخوان جزءا من المشهد السياسي في مصر.

ويرى أحمد بان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن علاقات بريطانيا بالإخوان تاريخية وممتدة، وتشبه جبل الجليد. وأكد لـ”العرب” أن جلسة مجلس العموم البريطاني جاءت في إطار محاولة لاستيضاح واقع الجماعة في الوقت الراهن، وتلقي إجابة محددة حول هل خرج التنظيم عن سيطرة الحرس القديم أم لا؟ ونظر الباحث المصري إلى حضور ممثل عن حركة النهضة التونسية وإخوان العراق، على أنه دليل يعزز القناعة البريطانية بأهمية استمرار صيغة التنظيم الدولي للإخوان، وعدم التفريط في دوره، أملا في استغلاله ضد تنظيم داعش.

أما عن خطاب نائب المرشد عن الخلافة، والمرأة أيضا، حيث أشاد بدورها بما يتماشى مع التوجهات الأوروبية، فقال أحمد بان “هي محاولات لتسويق إسلام سياسي حداثي يتوافق مع رؤية الغرب في مواجهة إسلام عنيف ومسلح، كالذي تقدمه داعش، كما أنه يرمي للإيحاء بأن الجماعة لا تزال رقما صعبا ولا يمكن تجاوزها”.

4