تقوية العضلات والحفاظ على اللياقة البدنية يساعدان في إطالة عمر مرضى السرطان

لياقة الجهازين القلبي والتنفسي وحدها تقلل احتمالات الوفاة بسبب السرطان بشكل خاص.
الأحد 2025/02/02
الرياضة تحفز الجهاز المناعي

يؤكد الأطباء وخبراء اللياقة البدنية أن الرياضة مهمة في حياة مرضى السرطان، ذلك أن تقوية العضلات والحفاظ على لياقة النظامين القلبي والتنفسي في الجسم يساعدان بشكل ملموس على إطالة عمر المرضى. كما أن الرياضة تعزز قدرة الجسم على مقاومة الأمراض عن طريق تحفيز الجهاز المناعي، وذلك له دور كبير في مكافحة السرطان.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - تشير الدراسات إلى أن التمارين الرياضية تحسن فرص النجاة من السرطان ونوعية الحياة وتحمّل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.

وأثبتت دراسة علمية أن تقوية العضلات والحفاظ على لياقة النظامين القلبي والتنفسي في الجسم يساعدان بشكل ملموس في إطالة عمر مرضى السرطان.

وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “بريتش جورنال أوف سبور ميدسين” المتخصصة في مجال الطب الرياضي، فحص الباحثون 42 ورقة بحثية منشورة تتعلق بأكثر من 47 ألف مريض مصاب بأنواع ودرجات مختلفة من السرطان.

وتبين من الدراسة أن المرضى الذين يتمتعون بقوة العضلات ولياقة النظامين القلبي والتنفسي تتراجع احتمالات وفاتهم من أي أسباب مرضية بنسبة تتراوح ما بين 31 و46 في المئة، كما أنهم احتفظوا بقوتهم البدنية مقارنة بغيرهم من المصابين بالسرطان في مراحل متأخرة من المرض.

وأكد الباحثون أن لياقة الجهازين القلبي والتنفسي وحدها تقلل احتمالات الوفاة بسبب السرطان بشكل خاص.

وفي تصريحات للموقع الإلكتروني “هيلث داي” المتخصص في الأبحاث الطبية، أكد الفريق البحثي من جامعة ميدلساكس في إنجلترا، وجامعات ميلان وموليز في إيطاليا، وإيدث كوان وكوينزلاند في أستراليا، وكاسياس دو سول البرازيلية، أن تقييم مستوى اللياقة البدنية والقوة العضلية يساعد في التنبؤ باحتمالات وفاة مريض السرطان.

تقييم مستوى اللياقة البدنية والقوة العضلية يساعد في التنبؤ باحتمالات وفاة مريض السرطان

وذكر الباحثون أن نتائج هذه الدراسة تؤكد أهمية ممارسة الأنشطة الرياضية التي تساعد في تقوية العضلات، وإمكانية الاستفادة من ذلك في إطالة العمر المتوقع للمريض.

وقال البروفيسور فيلهلم بلوخ من المعهد العالي للرياضة في كولوني “إن الرياضة تحفز الجسم على محاربة الورم. وممارسة الرياضة لا توقف المرض لكنها تجعل الجسم في وضع يسمح له بالتعامل بشكل أفضل مع السرطان، ومتقبلا للعلاج بشكل أفضل. الرياضة تعزز من آلية الجسم في مقاومة الأمراض عن طريق تحفيز الجهاز المناعي وذلك له تأثير واضح على مكافحة السرطان.”

وأضاف بلوخ أن من ضمن مجالات بحثهم، يركزون أيضا على ما يسمى بـ”الخلايا القاتلة” الطبيعية للجسم والتي تتعرف على الخلايا السرطانية فتهاجمها وتدمرها، “وهنا نبحث عدد الخلايا السرطانية التي تذوب بواسطة الخلايا القاتلة الطبيعية. هذه الخلايا الطبيعية في الجسم تقاوم المرض بأساليب مختلفة، ولقد وجدنا أن نشاط هذه الخلايا في الجسم يزيد أثناء التمرين وبعد التمرين. هناك أيضا العديد من الخلايا الأخرى التي تلعب دورا في مكافحة المرض، إلا أن هذه الخلايا لها دور مؤثر.”

وقال البروفيسور “إذا كنت تمشي أو تمارس الجري بشكل معتدل لمدة ست ساعات أسبوعيا على الأقل، فإن ذلك يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 40 في المئة.”

وبالنسبة لسرطان البروستاتا، فإن الرياضة تساعد في تقليل خطر الإصابة بالمرض بنسبة تتراوح ما بين 25 و30 في المئة. هذا ينطبق على سرطان الثدي أيضا. كما يمكن الحصول على حماية جيدة للغاية من خلال التغذية الجيدة، بيد أن البدانة تزيد من احتمالات الإصابة بالسرطان.

التمارين الرياضية تساعد في تقليل خطر الإصابة بمرض سرطان البروستاتا بنسبة تتراوح ما بين 25 و30 في المئة

وتابع “إن تحفيز الجهاز المناعي مفيد في هذا المجال. فإذا تمت ممارسة الرياضة بشكل صحيح ووتيرة مناسبة، سيؤدي ذلك إلى تحسين الحالة العامة للمريض. ويمكنه تحمل المزيد من جرعات العلاج، وهو ما يكون مفيدا في القضاء على الخلايا السرطانية. ففي بعض الأحيان يؤدي ضعف جسم المريض إلى وقف العلاج الكيماوي، لأن الجسم لن يتحمل العلاج، لذلك فإن من الضروري التفكير في الرياضة وممارسة التمارين الرياضية لمرضى السرطان.”

وإذا حافظ المريض على لياقته، فسيتمكن من متابعة العلاج لفترة أطول أو بجرعة أعلى. في بعض الأحيان يتحمل الرياضيون الجرعات العالية جدا التي لا يمكن إعطاؤها لشخص “عادي”، وهو ما يسرع في علاج المرض والقضاء عليه.

وأضاف “كنا ننصح المرضى بإجراء تدريب لطيف ومعتدل وقائم على التحمل. اليوم، يمكن للمرضى أيضا القيام بتدريب مكثف للغاية، إذا تم بشكل صحيح. نحن نجمع بين القوة الرياضية والقدرة على التحمل، يجب أن نبني عضلات يفقدها المريض أثناء العلاج. الرياضة يمكن أن تستخدم مثل نوع من الدواء. وأتمنى أن أرى الرياضة كدواء.”

يرأس البروفيسور فيلهلم بلوخ معهد أبحاث الدورة الدموية والطب الرياضي بالمعهد العالي للرياضة في كولونيا. ويقوم بإجراء البحوث في مجال الطب الرياضي الجزيئي والخلوي. تركز أبحاث بلوخ على التكيُّف الطبي البيولوجي والخلوي للأنسجة والأعضاء مع الإجهاد البدني. كما يبحث تأثير التمرين على مرضى السرطان.

بدورها تؤكد اختصاصية التغذية ميرنا الفتي بداية على ضرورة التحدث إلى الطبيب قبل المباشرة بأيّ نوع من أنواع تمارين مرضى السرطان.. “يجب التنبّه إلى أن بعض الحالات من المرضى يُمنع عليهم ممارسة التمارين الرياضية، وخصوصا الذين يعانون من التعب الشديد، فقر الدم، ضعف التنسيق العضلي، ووجود انخفاض بعدد خلايا الدم البيضاء.”

المشي يعد شكلا من أشكال التمارين منخفضة التأثير، ويمكن للشخص القيام بها في أيّ مكان تقريبا

وللتمارين الرياضية فوائد أخرى متعدّدة؛ فهي مفيدة لصحة القلب والرئتين وغيرهما من أعضاء الجسم.. ولهذا السبب، يوصَى المرضى بممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

ولا تستدعي إضافة النشاط البدني إلى الروتين اليومي بذلَ الكثير من الجهد، لكن ينبغي التركيز على الخطوات الصغيرة لإضافة المزيد من النشاط إلى حياة المرضى، كصعود الدَرج أكثر عن ذي قبل على سبيل المثال.. ولكن من المهم جدا استشارة الطبيب قبل بدء أيّ برنامج لممارسة التمارين الرياضية، كما لا مانع من البحث عن مدرّب شخصي أو اختصاصي لياقة بدنية للمساعدة في البداية.

ولا تختلف التوصيات المقدَّمة لمرضى السرطان عن تلك المقدّمة لأيّ شخص يرغب في تحسين صحته، وتتمثل هذه التوصيات في ممارسة التمارين الرياضية، واتباع نظام غذائي متوازن، والحفاظ على وزن صحي، والحصول على القدر الكافي من النوم، وتقليل التعرّض للتوتر، وتجنّب تدخين التبغ، وذلك للاستمتاع بحياة صحية.

وقد يشعر مريض السرطان في بعض الأحيان بعدم الرغبة في ممارسة التمارين الرياضية، ولا بأس في ذلك، فقد تُشعره الآثار الجانبية للعلاج، كالإجهاد، بالخمول.. وعندما يراوده هذا الشعور، عليه البحث عن نشاط خفيف يشعر بأنه مناسب له، فيمكنه، مثلا، المشي في الحديقة العامة أمام المنزل ما استطاع، وتذكُّر أن الراحة النفسية مهمة أيضا للتعافي.

ويعد المشي شكلا من أشكال التمارين منخفضة التأثير، ويمكن للشخص القيام بها في أيّ مكان تقريبا، وهي نشاط يمكن لمعظم الناس القيام به من دون أيّ معدات خاصة.. وتعد ممارسة تمارين الكارديو مهمة لمريض السرطان ومن ضمنها المشي، حيث يمكن أن يفيد المشي مرضى السرطان في تقليل التعب، وزيادة مستويات الطاقة، وتعزيز نوم أفضل، وتحسين المزاج، وزيادة القوة والقدرة على التحمل.

ويُعتبر المشي طريقة رائعة لممارسة الرياضة والحصول على الهواء النقي، خاصة إذا لم يكن الشخص مستعدا لممارسة المزيد من الأنشطة الشاقة.

والسباحة هي شكل رائع من التمارين لمرضى السرطان، هذا التمرين ذو تأثير منخفض ويمكن إجراؤه وفقا لسرعة المريض الخاصة.

وغالبا ما يعاني مرضى السرطان من الكثير من القلق والتوتر، ويمكن أن تساعد السباحة في تخفيف هذه الأعراض، وتحسين نوعية الحياة أيضا.

يمكن أن تساعد السباحة في تحسين لياقة القلب والأوعية الدموية، وهو أمر مهم لمرضى السرطان.

14