تفوق الزمالك المصري يعيد إلى جمهوره الثقة في استعادة نغمة الانتصارات

المشاكل الإدارية والمالية التي عاشها الزمالك في العام المنقضي لم تؤثر عليه، كما لم يؤثر عليه خروج النجوم مثل طارق حامد وأبوجبل وأشرف بن شرقي. وتم تصعيد جيل جديد من الشباب نجح المدرب جوفالدو فييرا في تحويلهم إلى قوة ضاربة في البطولة.
القاهرة- أصبح فريق الزمالك المصري على بعد خطوات قليلة أو جولات محدودة للفوز ببطولة الدوري الممتاز للعام الثاني على التوالي بعد الفوز ببطولة الكأس، وهي واحدة من نوادر كرة القدم في مصر خلال العقود الثلاثة الماضية التي احتكر مشهدها المحلي والقاري فريق الأهلي، المنافس التقليدي للزمالك.
وعاد الفريق هذا العام إلى لقبه الشهير “يا زمالك يا مدرسة لعب وفن وهندسة” الذي التصق به عندما كان يعج بالنجوم الكبار في الماضي، حيث وضعوا ناديهم العريق في مرتبة متقدمة قبل أن يواجه عثرات كثيرة في السنوات الماضية تلقى فيها سلسلة من الهزائم ولم يذق فيها طعم الفوز ببطولة قارية أو محلية إلا نادرا.
وحدثت مجموعة من التطورات جعلت فريق الزمالك لكرة القدم هذا الموسم يبدو مختلفا عن ذي قبل، بل ومتفوقا على غريمه الأهلي في البطولات المحلية والأداء العام ووجود وفرة كبيرة من اللاعبين نجحوا في أن يثبتوا وجودهم والتغلب على المشاكل التي حالت دون تفوقهم في الأعوام الماضية.

◙ الفريق يمتلك مديرا فنيا من طراز رفيع هو البرتغالي جوفالدو فييرا، أو الفيلسوف كما يحب جمهور الزمالك مناداته
الفيلسوف فييرا
يمتلك الفريق مديرا فنيا من طراز رفيع هو البرتغالي جوفالدو فييرا، أو الفيلسوف كما يحب جمهور الزمالك مناداته، لأنه أسبغ على الفريق بريقا كرويا افتقده لسنوات وأعاد إليه الصورة الزاهية التي كان عليها في جماعية الأداء والمهارات الفردية والمتعة الكروية ونغمة الانتصارات التي لم تتوقف في آخر عشر مباريات في الدوري الممتاز، من بينها فوز ثمين على الأهلي في نهائي كأس مصر.
ونجح فييرا في توظيف إمكانيات اللاعبين الذين استجابوا لتعليماته واستوعبوا خططه الفنية وفهموا تكتيكاته، ما ظهر على أرضية الملعب إلى الدرجة التي أزاحت عن جماهيره المخاوف التي علقت في أذهانهم فترة طويلة والتخلي عن صفة أن الفريق من السهولة أن تتوقع “فصوله البايخة”، أي تلقي الهزيمة حتى ولو كان مسيطرا على مجريات المباراة، فالمدير الفني يستطيع تغيير نتيجة المباراة لصالح فريقه في أي لحظة.
وفرض المدير الفني البرتغالي من أول يوم تولى فيه مسؤولية الفريق العام الجاري كلمته على رئيس النادي واللاعبين وأصبحت كلمته مسموعة في غرفة الملابس الشهيرة التي أسهم استقرارها في تهدئة مخاوف اللاعبين من القادم ومنحهم جرأة فنية عالية مكنتهم من الفوز بسهولة في العديد من المباريات الصعبة.
وتخلص الزمالك من هيمنة رئيس مجلس إدارته مرتضى منصور، ولم يفرض أي من ابنيه كالعادة، أحمد عضو مجلس الإدارة وأمير المشرف على الكرة، نفسه على فييرا، وتنحيا بعيدا عن الأمور الفنية والخططية، وتركت المهمة كاملة في يد البرتغالي وفريقه المعاون وتم التخلص من أحد العيوب المزمنة التي فرضت أجواء قاتمة على الفريق، وتسببت في عرقلة مهمته الكروية الأعوام الماضية، ومنعت ازدواجية القرارات، فهناك صوت فني واحد هو صوت فييرا.
كما أن الحفاظ على حقوق اللاعبين المادية وانتهاء الفوضى في العقود والتسويف في تسليم المستحقات في مواعيدها رفعا عقبة كأداء من طريق اللاعبين الذين كان الأداء العام لكثير منهم يظهر عليه التراخي نتيجة عدم الوفاء بالوعود المادية، وهو ما تم التغلب عليه مع انتخاب مجلس الإدارة الجديد برئاسة مرتضى منصور.
أضف إلى ذلك امتلاك الفريق لعدد من الأسماء اللامعة المصرية والعربية، والتي لعبت دورا في تفوقه هذا العام، في مقدمتهم النجم المغربي أشرف بن شرقي والتونسي سيف الجزيري، ومحمد سيد زيزو وإمام عاشور، ولم يتأثر بغياب أي من نجومه مثل محمد أبوجبل وطارق حامد.
شبان واعدون
ومنح المدير البرتغالي الفرصة لعدد من اللاعبين الشباب الذين صعدوا هذا العام بسبب العقوبة التي وقعها الاتحاد الكرة المصرية على الزمالك بحرمانه من القيد، ما اضطره إلى الاستعانة بناشئي النادي الذين أظهروا براعة كبيرة.

◙ أشرف بن شرقي من الأسماء التي لعبت دورا في تفوق الزمالك هذا العام
وقدم فييرا أسماء في مراكز مختلفة نجحت في الإجادة وتوظيف إمكانياتها وحماسها، من بينهم أحمد سيد الشهير بنيمار، ويوسف أسامة نبيه، وحسام عبدالمجيد، وسيف فاروق جعفر، واستعاد الحارس محمد عواد لياقته الفنية.
كل هذه العوامل أسهمت في تفوق الزمالك، وأعادت إلى جمهوره نغمة الانتصارات التي حرم منها طويلا بسبب انشغال نجوم الفريق والإدارة والجمهور بالتراشقات مع الأندية الأخرى، وفي مقدمتها الأهلي، ولم يلتفتوا إلى أن إصلاح المنظومة من الداخل أولى خطوات النجاح.
وعاد جمهور الزمالك يتغنى بفريق “اللعب والفن والهندسة” وهو لا يصدق ما يحققه من انتصارات مع أداء فني رائع جعل المدير الفني الجديد لمنتخب مصر البرتغالي روي فيتوريا يعجب بعدد كبير من نجوم الزمالك ويقرر ضمهم إلى منتخب الفراعنة الفترة المقبلة، وهي إشارة على التفوق الظاهر في أداء الفريق الأبيض (الزمالك).
يصعب القول إن كبوة الزمالك تعود إلى تراجع منافسه الرئيسي (الأهلي) لأن هناك العديد من الفرق ظهرت بمستوى جيد، ولم تعد المسابقة محصورة في فريقي الزمالك والأهلي، ودخل المنافسة فريق بيراميدز الذي حل ثانيا في مسابقة الدوري الممتاز التي تنتهي نهاية أغسطس الجاري، ودخلها أيضا فريق فيوتشر الذي حل رابعا في أول مشاركة له في الدوري.
وأدى اتساع حجم المنافسة وعدم حصرها في الأهلي والزمالك إلى منح قوة للمسابقة، جعلت التفوق الذي حققه الفريق الأبيض عن جدارة يجبر جمهوره على التغني به كما يشاء في المدرجات التي تشهد حضورا كثيفا في الحدود المسموح بها أمنيا الآن.
وإذا استمرت الأجواء الإيجابية الراهنة في الزمالك يمكن أن يحصل على العديد من البطولات السنوات المقبلة، خاصة أن منافسه الأهلي يحتاج إلى مزيد من الوقت لتجديد الدماء في القوام الرئيسي للفريق.
فييرا نجح في توظيف إمكانيات اللاعبين الذين استجابوا لتعليماته واستوعبوا خططه الفنية وفهموا تكتيكاته
ويدخل الزمالك منافسات دوري أبطال أفريقيا وعيناه على هذا اللقب الذي حصده الأهلي عشر مرات من قبل، بينما لم يحصده فريق الزمالك سوى خمس مرات، وهي المسابقة التي يقيس من خلالها النقاد نفوذ كل فريق في القارة الأفريقية، وتمنحه حضورا عالميا، حيث يشارك الفائز بها في كأس العالم للقارات.
ونجاح الزمالك في الحفاظ على الصورة الحالية سيحوله إلى ندّ قوي في هذه المسابقة التي تشهد منافسة حادة بين فرق تونسية ومغربية وجزائرية ومصرية، ويمنح الفوز بها جمهور الزمالك الثقة الكاملة في التغني بفريقه والتعلق باستعادة نغمة الانتصارات.