تفكيك بايدن لقرارات ترامب طريقة مرحلية في تقاليد الحكم

سلسلة من الأوامر التنفيذية أصدرها الرئيس الأميركي جو بايدن في الأسبوع الأول بعد تسلمه منصبه.
الجمعة 2021/01/29
مراجعة أجندة ترامب

واشنطن - يعتبر المؤرخون الأميركيون أن سلسلة الأوامر، التي أصدرها الرئيس جو بايدن في أيامه الأولى بالبيت الأبيض، هي تقليد قديم في الولايات المتحدة، لتثبيت أي رئيس جديد لسياسته التي أعلنها في برنامجه الانتخابي، بيد أن ذلك الأسلوب مزعج، لأنه بدلا من الإسراع في تنفيذ الخطط، فإنها قد تعطل الأمور وربما تؤجلها.

ولجأ رؤساء أميركيون منذ جورج واشنطن للأوامر التنفيذية لتغيير السياسات من كبيرها إلى صغيرها واعتمدت الإدارات، التي تولت السلطة في الآونة الأخيرة عليها بشدة من أجل تنفيذ تغييرات جذرية ومثيرة للجدل أيضا، والتي لاقت معارضة شديدة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس.

ويقول المؤرخ الرئاسي بجامعة برنستون جوليان زيليزر، إن بايدن يراجع الكثير من أجندة ترامب، ويفككها لأنها وضعت بتلك الطريقة (إلغاء قرارات سابقة)، لذا فإنها طريقة مرحلية للغاية في الحكم.

لكن جون بوديستا، الذي كان كبير الموظفين للرئيس الأسبق بيل كلينتون ومؤسس مركز التقدم الأميركيّ، يرى أن الأوامر التنفيذية ليست كلها قصيرة الأمد، وإذا كان الرئيس يفعل أمورا يدعمها الناس فسوف تكون راسخة وباقية.

ويشير بوديستا إلى أمرين متعلقين بالبيئة أصدرهما كلينتون بشأن الأراضي العامة ولا يزالان ساريان، كما أن الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت استخدم السلطات التنفيذية لتحويل جراند كانيون إلى متنزه وطني. وقال “لا أظن أن تيدي (تيودور) ندم على ذلك”.

وفي أول أسبوع له في رئاسة الولايات المتحدة، أصدر بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية للوفاء بعدد من وعوده الانتخابية، مما يبرز مدى سهولة التراجع عن بعض السياسات التي انتهجها سلفه دونالد ترامب.

جون بوديستا: الأوامر التنفيذية للرؤساء ليست كلها قصيرة الأمد
جون بوديستا: الأوامر التنفيذية للرؤساء ليست كلها قصيرة الأمد

وحتى الأربعاء الماضي أصدر قرابة 40 أمرا تنفيذيا، نصفها تقريبا يلغي أوامر كان قد أصدرها ترامب. وبجرة قلم واحدة، عادت الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، وبجرة قلم أخرى أوقف بايدن التمويل لبناء جدار حدودي مع المكسيك. كما وقع في وقت لاحق أوامر تلغي رخصا للنفط والغاز على أراض اتحادية، وتجعل من مكافحة تغير المناخ أولوية من أولويات الأمن القومي.

وكان ترامب قد اعتبر أن مشروع قانون الإصلاح الضريبي الذي أقره الكونغرس في 2017 وتعيينه لثلاثة من قضاة المحكمة العليا، من بين إنجازاته الباقية. أما العديد من إجراءاته الأخرى فقد طبقها عبر أوامر تنفيذية، مما جعلها عرضة لإلغاء سريع وسهل. وكان بعضها قد صدر بدوره ليلغي إجراءات اتخذها سلفه باراك أوباما.

ومن المؤكد أن تثير الأوامر التنفيذية لبايدن معارك قضائية جديدة أو تعيد إشعال معارك قائمة، وذلك مثلما فعلت إجراءات ترامب تماما. وفي غياب التشريع من الكونغرس، الذي يحول السياسات إلى قوانين، قد يكون للمحكمة العليا ذات الميول المحافظة القول الفصل.

لكن تلك الطريقة المرحلية المؤقتة في الحكم تعقد من عملية التخطيط طويل الأمد لمعالجة قضايا مثل التغير المناخي، كما تزعج الشركات الأميركية.

ويقول ديريك مورغان وهو نائب أول للرئيس للشؤون الاتحادية والتنظيمية في اتحاد منتجي الوقود والبتروكيماويات الأميركي “يقيس قطاعنا الالتزام بالسنوات، ويضخ استثمارات ضخمة للغاية تستغل على مدى الكثير من العقود، ولذلك فإن أي نهج متقطع لا يخدم ذلك”.

ويناشد هذا الاتحاد، وهو الأكبر في قطاع التكرير في البلاد، وكذلك غرفة التجارة التي تعد أكبر جماعات الضغط في مجال الأعمال وأكثرها تأثيرا، الكونغرس على سن قوانين بدلا من تقلب السياسات وفقا للأوامر التنفيذية.

وثمة مؤشرات أولية على أن الجمهوريين من حزب ترامب قد يعرضون عن مشاركة الديمقراطيين من حزب بايدن في تمرير التشريعات في الكونغرس، حيث لا يحظى الحزب الديمقراطي سوى بأغلبية بسيطة في مجلسي النواب والشيوخ.

وسارعت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري بقيادة رونا مكدانيل، وهي حليفة لترامب أعيد انتخابها في المنصب هذا الشهر، إلى انتقاد إلغاء بايدن لأجندة ترامب ووصفتها في بريد إلكتروني يهدف إلى جمع التمويل بأنها “مراسيم تنفيذية”، دون أن تعترف بأن العديد من مواقف ترامب وسياساته نفذت بذات الطريقة.

أما فيل شليرو، الذي شغل منصب مدير الشؤون التشريعية في عهد الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، فقد قال إن أوباما لم يبدأ في الاعتماد على الأوامر التنفيذية إلا عندما فقد الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب لصالح الجمهوريين، وأضاف “خيار الأمر التنفيذي كان الملاذ الأخير”.

ولجأ ترامب للأوامر التنفيذية في 2017 فور تسلمه مهام منصب الرئاسة وبدأها بحظر دخول القادمين من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة للولايات المتحدة. وألغى بايدن بدوره هذا القرار بأمر تنفيذي أصدره يوم توليه الرئاسة.

6