تفاقم جرائم الكراهية ضد اللاجئين في تركيا يكشف ازدواجية أردوغان

سياسات الاندماج الحالية في تركيا لا تلمك القدرة على تغيير النظرة الحالية إلى السوريين.
الثلاثاء 2021/08/10
توظيف سياسي لأزمة اللاجئين

إسطنبول - في وقت لا يفوّت فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منبرا محليا أو دوليا للدعوة إلى مكافحة العنصرية والكراهية التي يتعرض لها اللاجئون في الدول الأوروبية، تتفاقم هذه الجرائم داخل تركيا وسط اتهامات لحكومة العدالة والتنمية بالتواطؤ مع مرتكبي هذه الجرائم بالصمت عن جرائمهم وعدم تتبّعهم قضائيا وأخلاقيا.

وتستضيف تركيا حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري مسجل إلى جانب أكثر من 300 ألف شخص من دول أخرى، حيث أصبح الجمهور التركي معاديا بشكل متزايد للأجانب.

ويستخدم نظام الرئيس التركي هؤلاء اللاجئين في العمالة الرخيصة في البلاد. كما تواصل تركيا تجنيد السوريين من أجل طموحاتها العسكرية مع استغلال الموارد الاقتصادية لمدينة عفرين شمال سوريا.

ويمثل عمدة مقاطعة بولو المتطرف في شمال غرب تركيا تانجو أوزكان، الذي تعهد بفرض رسوم على السوريين عشرة أضعاف مقابل المياه بقصد إجبارهم على مغادرة البلاد، مثالا صارخا على انتشار المشاعر المعادية للاجئين.

وأعلن رئيس بلدية بولو، شمال غربي البلاد، أنه سيقدم اقتراحا على مجلس المدينة يقضي بفرض رسوم قدرها عشرة أضعاف على فواتير المياه المخصصة لـ”الأجانب والمهاجرين”.

تانجو أوزكان: لم يذهبوا عندما قطعنا المساعدات، لذلك سنتخذ إجراءات جديدة
تانجو أوزكان: لم يذهبوا عندما قطعنا المساعدات، لذلك سنتخذ إجراءات جديدة

وقال أوزكان “إنهم لم يذهبوا عندما قطعنا المساعدات، ولم يذهبوا عندما توقفنا عن إصدار تصاريح العمل، لذلك قررنا الآن اتخاذ إجراءات جديدة”.

وبينما يندرج هذا الخطاب ضمن المناكفات السياسية، تشير المعطيات إلى أن التصاعد في طرحه قد يؤدي إلى مؤشرات خطيرة.

وبالمجمل يقول القائمون على الخطاب التحريضي إن هدفهم يكمن في إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم، في خطوة ترتبط بالوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد من جهة، ولازدياد أعدادهم من جهة أخرى، مما يؤثر على المشهد الاجتماعي ككل.

ورد ياسين أكتاي، مستشار أردوغان الذي كان له دور فعال في تصميم سياسات تركيا بشأن اللاجئين، على مشاعر العمدة أوزكان المعادية للاجئين، قائلا “أرباب العمل والمستثمرون والصناعيون راضون جدا عن السوريين، وأن إبعادهم عن بعض أماكن العمل المهمّة للغاية سيؤدي إلى انهيار اقتصاد هذا البلد”. وبعد ذلك اتهم أكتاي والعديد من الأعضاء الآخرين في حزب العدالة والتنمية الحاكم بأنهم “تجار رقيق”.

ووصف مراقبون أكتاي وغيره ممن يسمون بـ”المؤيدين للاجئين” بأنهم الفاشيون الحقيقيون.

وسلطوا الضوء على كيفية إجبار اللاجئين على العيش في منازل صغيرة ومكتظة، وكسب أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور ودون تأمين، بينما يعيشون في خوف دائم من أن يتم شراء أطفالهم وبيعهم من قبل تجار البشر.

وأضافوا أن مسؤولي حزب العدالة والتنمية ليسوا مدافعين عن حقوق الإنسان، بل هم تجار رقيق حديثون لا يعاملون اللاجئين كبشر بل كعمالة رخيصة.

وعبّر مصمم الأزياء المؤثر أرزو سابانجي، وهو من أغنى العائلات في تركيا، علنًا عن المشاعر المعادية للاجئين على تلغرام قائلا “لا أريد لاجئين في بلدي. ‘لا’ للاحتلال الصامت”.

وأصدر مركز إسطنبول للبحوث السياسية مؤخرا تقريرا بحثيا بعنوان “انعدام الأمن لدى الشباب في تركيا: تصور العمل والعيش والحياة”، والذي كشف أن الشباب العاطلين عن العمل يلومون اللاجئين السوريين في الغالب على المشاكل التي يواجهونها في الحصول على الوظائف.

Thumbnail

ويتم تذكير الأتراك باستمرار بأن السوريين سيعودون في نهاية المطاف. كان هذا واضحا في التصوير الأولي للسوريين كضيوف وكنتيجة للتدخلات العسكرية. وبالتالي هناك صعوبة في قبول أن يصبح السوريون جزءا دائما من المجتمع التركي.

ويؤكد مراقبون أن سياسات الاندماج الحالية في تركيا لا تلمك القدرة على تغيير النظرة الحالية إلى السوريين.

ويشير هؤلاء إلى أنه لا توجد إرادة سياسية لضخ سياسات الاندماج الفعلية، إذ تتجاهل الدوائر السياسية والإعلامية الحكومية مساهمات السوريين، لاسيما المساهمات ذات الطابع الاقتصادي، رغم أن رجال الأعمال السوريين استثمروا 3.9 مليار ليرة تركية وأنشأوا ما يقرب من 14 ألف شركة وخلقوا فرص عمل.

وتخلق موجة جديدة محتملة من اللاجئين الأفغان موجة جديدة من النزعة القومية التي يمكن أن تجتذب المزيد من الانتقادات الدولية وتزيد من مخاطر الاحتجاجات العنيفة في البلاد.

ومع تحقيق قوات طالبان لمكاسب في أفغانستان، يدق السياسيون الأتراك ناقوس الخطر بشأن احتمال العبء الأكبر الذي يمثله اللاجئون، فيما يتخذ آخرون خطوات للتمييز ضد اللاجئين الموجودين بالفعل والذين تستضيفهم أنقرة.

وفي 27 يوليو، قال حاكم إقليم فان شرقي تركيا إن المنطقة ستعزز حدودها الشرقية مع إيران، موقع العديد من المعابر الحدودية غير الشرعية للاجئين الأفغان، بجدار حدودي يبلغ طوله 183 ميلا في محاولة لضمان عدم وجود أي حدود جديدة.

وفي غضون ذلك، أدى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة إلى توترات خطيرة في المدن التركية. وكشف تقرير أصدرته مجموعة الأزمات الدولية في أوائل عام 2018 عن زيادة سريعة في العنف الطائفي، لاسيما في إسطنبول وإزمير وأنقرة. وعزت هذا الاتجاه إلى التنافس على الوظائف منخفضة الأجر بين السوريين والأتراك.

وفي الأسابيع الماضية تصدرت ثلاثة وسوم وصفت بـ”التحريضية” قائمة الترنّد التركي على موقع التواصل تويتر.

وتفاعلت الآلاف من الحسابات عبرها، حيث دعا مستخدمون إلى إجبار السوريين على العودة. كما نشروا معلومات مضللة حولهم وصورا قالوا إنها لـ”حياة الرفاه التي يعيشونها على حساب المواطن التركي”. ولا تعرف الجهة القائمة بشكل أساسي على تلك الحملات.

ورغم المخاوف التي تبديها جهات حقوقية تركية من تفاقم خطاب الكراهية بين الأتراك إلا أن الحكومة التركية تكتفي بإصدار بيانات تنديد أو تصريحات إعلامية منددة بهذه الجرائم دون تحرك حازم لردعها.

وفي المقابل لا يتورع الرئيس التركي في مهاجمة جيرانه الأوروبيين خاصة أثينا وانتقاد الظروف الاجتماعية والتمييز الذي يتعرض له اللاجئون في دول القارة العجوز، ما يفضح ازدواجية الخطاب والتوظيف السياسي لأزمة اللاجئين.

12