تفاقم الجدل الحكومي حول عنصرية الشرطة الألمانية

تسببت دراسة محتملة حول الممارسات العنصرية في صفوف الشرطة الألمانية انقساما في المواقف ليس بين الأوساط السياسية والشعبية فقط بل حتى داخل الحكومة نفسها فرفض وزير الداخلية لإجراء الدراسة يقابله تمسك وزيرة العدل بضرورة هذا الأمر، في الأثناء تنتقد منظمات ألمانية إنكار وزير الداخلية لوجود العنصرية داخل جهاز الشرطة.
برلين – تثير مسألة إجراء دراسة عن العنصرية داخل جهاز الشرطة جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحكومة، إلى جانب أن أعضاء الحكومة ذاتها لديهم مواقف متباينة من هذه القضية، ففي حين يذهب وزير الداخلية حد إنكار وجود ممارسات عنصرية من قبل أفراد الشرطة، تتمسك وزيرة العدل بموقفها الداعم لضرورة إجراء الدراسة.
وصرح وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر بأنه لا يعتزم منح تكليف بإجراء دراسة عن العنصرية لدى الشرطة رغم الانتقاد الواسع في هذا الشأن.
وقال زيهوفر، الثلاثاء لبرنامج بالتليفزيون الألماني، “الآن لا… لا يمكننا القيام بلعبة (تمني شيئا) كل أسبوع”.
وأكد أنه لا بد في البداية من تنفيذ الإجراءات المتفق عليها بين الحكومة الاتحادية والولايات ضد التطرف اليميني والعنصرية، مضيفا “حينئذ يمكن للمرء مواصلة التفكير في نوعية الإجراءات الأخرى اللازمة”.
وأعرب زيهوفر عن قناعته “بأننا ليس لدينا مشكلة هيكلية في هذا الصدد”، وأعرب عن استيائه من وجود انتقاد دائم للشرطة “يصل أحيانا لحد الإهانة”، وأشار إلى أنه يتم التغاضي خلال ذلك عن مكافحة العنصرية بحسم.
وعلى عكس زيهوفر، تسعى وزيرة العدل الألمانية كريستينا لامبرشت إلى التمسك بالدراسة المقررة بشأن ما يسمى بـ”التنميط العنصري لدى الشرطة”.
ويندرج ضمن التنميط العنصري فحص أشخاص بعينهم بسبب لون البشرة أو الشعر أو أي علامات خارجية أخرى، دون وجود سبب ملموس لذلك.
وجاءت التوصية بإجراء الدراسة من قبل المفوضية الأوروبية ضد العنصرية والتعصب في تقرير حديث لها عن ألمانيا.
كما انتقد اتحاد مكاتب مكافحة الجرائم في ألمانيا رفض زيهوفر لإجراء الدراسة. وقال رئيس الاتحاد زباستيان فيدلر، لبرنامج تلفزيوني مساء الاثنين، “أرى أن التبرير الذي سمعته، مزعج بعض الشيء لأنه ليس مقنعا بطبيعة الحال، كما أنه يضر بالسلطات الأمنية نفسها على طريقة الدب الذي قتل صاحبه”.
ودافع فيدلر، في لقاء آخر، عن إجراء دراسة “تفحص بدون الكشف عن هويات، الموقف داخل الشرطة من العنصرية واليمين المتطرف”. وقال “وحتى لو ظهرت نتائج سلبية بالنسبة لنا، فيجب أن نعرف ذلك، وأنا لن أدافع عن المخالفين داخل الأجهزة الأمنية”.وأعرب فيدلر عن اعتقاده بأن الموقف الممانع لوزير الداخلية الآن غير مفهوم “لأنه يغذي الانطباع بطبيعة الحال بأن هناك شيئا يستوجب إخفاؤه، لكن السلطات الأمنية، وهذا ما يقوله على أية حال أعضاؤنا في الشرطة الجنائية على المستوى الاتحادي والولايات، تقول إنها ليس لديها ما تخفيه”.
وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية شتيفه التر، صرح في وقت سابق من يوم الاثنين، بأن زيهوفر لا يعتزم مؤقتا إصدار تكليف بإجراء دراسة جديدة عن التنميط العنصري لدى الشرطة.
ويعني التنميط العنصري تعرض شخص للتفتيش من قبل الشرطة فقط لمجرد لون بشرته أو شعره أو أي مظهر خارجي آخر دون وجود سبب ملموس لهذا التفتيش.
وكانت المفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب قد أوصت في أحدث تقرير لها عن ألمانيا بإجراء هذه الدراسة.
أما المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، فقد أكد أن طرق الملاحقة التمييزية “لا يتم ممارستها ولا تدريسها” في ألمانيا، وقال إنه يتعين التحقيق في كل شكوى ترد في هذا الشأن.