تفاؤل ويليامز "الدائم" لا يستوي مع الواقع الليبي

طرابلس - تبدي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز في كل إطلالة إعلامية تفاؤلا بحدوث تقدم في مسارات التسوية الليبية، غير أن الواقع يشي بعكس ذلك في ظل خلافات بين الفرقاء الليبيين وحتى بين الحلفاء أنفسهم على المناصب والتموقع تغذيها تدخلات خارجية لا تهدأ.
وقالت ويليامز خلال اللقاء الأول للجنة القانونية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الذي عقد الاثنين عبر الاتصال المرئي إن جميع المؤشرات تصب في صالح إجراء انتخابات وطنية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر 2021، وسط تساؤلات المحللين عن مصدر هذه الثقة الذي لا يفارق المسؤولة الأميركية.
ورحبت ويليامز بتنفيذ حكومة الوفاق التزاماتها للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، حيث أكدت المفوضية استلامها مبلغ 50 مليون دينار ليبي للتحضير للانتخابات قائلة "هذا خبر ممتاز ومشجع لدعم الانتخابات التي تحظى باهتمام كبير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومن المجتمع الدولي".
وتهدف اللجنة القانونية، التي تضم 18 عضوا من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، إلى متابعة مناقشات اللجنة الدستورية المشكلة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وتقديم التوصيات بغرض المساعدة ومن بينها مقترح/ مقترحات للقاعدة/ الترتيبات الدستورية المناسبة المؤدية إلى الانتخابات الوطنية.
وتتولى اللجنة إطلاع الملتقى بسير المناقشات كل أسبوعين. كما تختص اللجنة القانونية بتقديم المشورة للملتقى بشأن المسائل القانونية المتعلقة بالإطار القانوني اللازم لتنفيذ الانتخابات المقررة نهاية العام المقبل.
وتطرقت ويليامز إلى ما عبرت عنه بإشارة أخرى "ممتازة" تمثلت في إجراء الانتخابات البلدية في الزاوية الغربية والرجبان بمشاركة تبدو مشجعة جدا، مبينة أن هذا الأمر يمثل تأكيدا على رغبة الليبيين القوية في اختيار ممثليهم على المستوى المحلي أو الوطني بشكل ديمقراطي.
ويواجه الحوار السياسي الليبي متعدد المنصات، العديد من المنغصات التي تحول دون اقتناع المتابعين بنزعة التفاؤل لدى ويليامز التي لا تصل إلى أحد سواها، حيث جرى الاثنين تأجيل جديد لانعقاد الجلسة العامة لأعضاء البرلمان الليبي في غدامس (450 كلم جنوب طرابلس)، وهذه المرة إلى أجل غير مسمى.
وكان من المفترض أن تناقش الجلسة انتخاب رئاسة جديدة وتعديل اللوائح الداخلية وإعادة انتخاب اللجان، لكن ما حال دونها هو الصراع بين الأقاليم الثلاثة على من يتولى رئاسة الجلسة العامة، وكذلك من يتولى رئاسة البرلمان خلفا لعقيلة صالح، حيث يرغب كل إقليم في ترشيح شخصية تابعة له.
وبعد الاجتماع الأول بغدامس في 8 ديسمبر، بحضور 127 نائبا، في سابقة ضمت نوابا من برلماني طبرق وطرابلس، تم الاتفاق على إرجاء الجلسة الثانية بسبب إصابة 3 نواب على الأقل بفايروس كورونا، توفي منهم النائب عمر قريميل، عن مدينة الزنتان (غرب) في مستشفى بمدينة طنجة المغربية.
ولئن يربط البعض التأجيل المتكرر بإصابة نواب بكرورنا بيد أن المتابعين للوضع الليبي يعتبرون أن الأمر مرتبط بأسباب سياسية بالدرجة الأولى، متعلقة بالضغوط التي يمارسها تنظيم الإخوان للسيطرة على المجلس، بالإضافة إلى الصراع بين الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان) حول رئاسة البرلمان، فالمنطقة الشرقية لا تريد أن يضيع منها هذا المنصب، إضافة إلى مخاوف من أن تتكرر تجربة "مجموعة 94" في المؤتمر الوطني.
ولا يبدو أن حال اللجنة العسكرية (5+5) بأفضل رغم الحديث عن اختراقات طفيفة في المواقف، وآخرها التوافق على افتتاح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها، مرورا بمدينة سرت.
ويبدي المتابعون تشاؤما حيال إمكانية تحقيق حلحلة فعلية للأزمة الليبية، ذلك أنه حتى نقاط التوافق التي حصلت بشأن موعد الانتخابات ورحيل المرتزقة والقوات الأجنبية، تسعى دول إقليمية ليس من صالحها استقرار هذا البلد لنسفها.
وينظر البرلمان التركي الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية الإسلامي وحليفه حزب الحركة القومية الثلاثاء في مذكرة قدمتها رئاسة الجمهورية لتمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهرا إضافيا في تجاهل تام للتوافقات التي جرت بشأن رحيل القوات الأجنبية والمرتزقة من هذا البلد.
وقدمت الرئاسة التركية في 12 ديسمبر الجاري مذكرة إلى رئاسة البرلمان لتمديد مهام القوات المسلحة في ليبيا لمدة 18 شهرا إضافيا اعتبارا من الثاني من يناير.
وتحاول تركيا استعادة المجد العثماني باستعراض عضلاتها ونشر قواتها في العديد من دول المنطقة، وهو ما تسبب في ارتفاع ميزانيتها العسكرية، وتراجع اقتصادها في ظلّ أزمة خانقة تعاني منها البلاد.