تعويل سياسي على دعوة أوجلان لإنهاء الوجود التركي في شمال العراق

قيادي في الإطار التنسيقي يدعو الحكومة لمطالبة أنقرة بسحب قواتها، فيما يؤكد الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة غياب مبرر لبقاء تلك القوات ومسلحي الحزب.
السبت 2025/03/01
أكراد العراق أكثر المتضررين من وجود حزب العمال الكردستاني

بغداد - تفتح إمكانية السلام التي أصبحت قائمة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني بعد الدعوة التي أطلقها زعيم الحزب عبدالله أوجلان لإلقاء السلاح، للعراق فرصة التخلّص من العبء الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي الذي تحمّله على مدى أربعة عقود من تواجد هؤلاء المقاتلين الأكراد على أرضه.

وفي هذا الإطار، أكدت جهات سياسية، اليوم السبت، غياب المبرر للوجود العسكري التركي في شمال العراق بعد دعوة أوجلان، لمقاتلي حزبه بوقف القتال والمضي في عملية سياسية سلمية مع أنقرة.

وقال القيادي في الإطار التنسيقي عصام شاكر، في تصريح لوكالة "بغداد اليوم"، إن "دعوة أوجلان لمقاتلي حزبه بإلقاء السلاح والمضي في عملية سياسية سلمية مع أنقرة لوضع حد للاضطرابات وأعمال العنف التي استمرت لأكثر من أربعة عقود هي خطوة سيؤدي قرارها إلى تصويب هذه الإشكالية وإنهاء حالة عدم الاستقرار التي عانت منها تركيا بشكل عام والمناطق والدول المجاورة لها خاصة، وأن نشاط حزب العمال لم يقتصر على تركيا بل امتد إلى العراق ومناطق من سوريا خلال العقود الماضية".

وأضاف أنه "بعد قبول قيادات حزب العمال الكردستاني بوقف إطلاق النار، لم يعد هناك أي مبرر لوجود القوات التركية في أكثر من 80 موقعًا عسكريًا في مناطق شمال العراق، خاصة في محافظات إقليم كردستان، وبالتالي حان الوقت لكي يتحرك العراق مطالبًا أنقرة بسحب تلك القوات والعودة إلى قواعدها".

وأكد أن "وجود تلك القوات لسنوات طويلة كان تحت ذريعة مواجهة خطر حزب العمال الكردستاني، لكن الآن قرر الحزب إلقاء السلاح والانخراط في مفاوضات سلام مع السلطات التركية، وبالتالي هذه الإشكالية الداخلية التي تخص تركيا يجب أن يكون لها ارتدادات على العراق باعتباره بلدًا ذا سيادة".

وأشار إلى "أهمية أن تأخذ بغداد بعين الاعتبار ضرورة إخلاء القواعد التركية التي أُنشئت في السنوات الماضية، سواء في بعشيقة وغيرها، مؤكدا أنه لا يوجد أي مبرر قانوني أو شرعي لوجود تلك القوات بعد حل الإشكالية مع حزب العمال".

وأوضح شاكر أن "الدستور العراقي واضح في منع وجود أي تكتلات أو جماعات مسلحة على الأراضي العراقية، وبالتالي يجب على بغداد التحرك للمطالبة بسحب القوات التركية من البلاد".

وأعلن حزب العمال الكردستاني، في وقت سابق من اليوم السبت، وقف إطلاق النار مع تركيا حتى لو تعرض لعمليات عسكرية استجابة لدعوة زعيم الحزب، فيما اشار الى ان وضع السلاح أو عقد مؤتمر اعلان حل الحزب، لن يتم الا بوجود القائد اوجلان واطلاق سراحه.

إلى ذلك، قال الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة، جبار ياور في تصريح لموقع "المعلومة" اليوم السبت إن "قرار أوجلان لم يكن مفاجئا، بل جاء نتيجة مفاوضات جرت معه داخل السجن، بالإضافة إلى محادثات مع قيادات الحزب استمرت لأكثر من عام".

وأضاف أن "قرار نزع السلاح ووقف إطلاق النار بين حزب العمال والجيش التركي لا يخدم تركيا وحدها، بل ينعكس إيجابًا على دول الجوار والمنطقة بأكملها، نظرًا للوجود الفاعل لقوات الحزب في هذه الدول".

وأوضح أن "العمليات العسكرية بين الجيش التركي وحزب العمال تجري داخل الأراضي العراقية على امتداد 200 كيلومتر وبعمق يتجاوز 40 كيلومترًا".

وأشار ياور إلى أن "اكتمال الاتفاق بين الحكومة التركية وحزب العمال سيجعل من غير المبرر استمرار تواجد الجيش التركي داخل الأراضي العراقية، كما أن مقاتلي حزب العمال لن يكون لهم أي مكان هناك، مما سيمهّد الطريق لتسهيل عودة الأكراد العراقيين إلى قراهم التي هُجِّروا منها بسبب النزاع المسلح بين الجيش التركي وحزب العمال".

وشدد على أنه بعد هذا القرار "لن يكون هناك أي مبرر لوجود الجيش التركي داخل الأراضي العراقية، كما لن يكون هناك أي مبرر لبقاء عناصر حزب العمال الكردستاني".

ويعوّل السياسيون في بغداد وأربيل على دعوة أوجلان في تحقيق عملية سلام كردية ـ تركية، من شأنها إنهاء النزاع المسلح القائم بين الطرفين منذ عقود.

وفي حدث تاريخي قد يكون الأبرز منذ سنوات، أصدر أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، الخميس، بيانًا يدعو فيه إلى إلقاء السلاح وإنهاء الصراع المسلح الذي استمر لأكثر من أربعة عقود مع الدولة التركية.

ورحبت وزارة الخارجية العراقية، الخميس، بدعوة أوجلان، واعتبرت هذه الخطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وقالت الوزارة في بيان أنها ترى في هذه المبادرة "خطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز الأمن، ليس فقط في العراق، حيث تتواجد عناصر مسلحة للحزب المذكور في مناطق مختلفة في كردستان العراق وبعض القصبات والمدن الأخرى، بل في المنطقة بأسرها".

وأكدت الوزارة أن "الحلول السياسية والحوار هما السبيل الأمثل لمعالجة الخلافات وإنهاء النزاعات، بما يخدم مصالح جميع الأطراف ويعزز التعايش السلمي"، مشيرة إلى "دعمها لكل الجهود الرامية إلى حل المشاكل عن طريق الحوار".

وأعربت الخارجية العراقية عن أملها في أن "تترجم هذه الدعوة إلى خطوات عملية وسريعة لإلقاء قوات الحزب سلاحها"، مجددة "التزام الحكومة العراقية بالعلاقات القوية مع الجارة تركيا، والتي تستند إلى الأسس التي نؤمن بها في إطار الترابط التاريخي والجغرافي ومراعاة المصالح المشتركة ومبدأ عدم التدخل" .

وشدّدت الحكومة العراقية المركزية في الأشهر الأخيرة لهجتها ضد حزب العمال الكردستاني وصنّفته منظمة محظورة.

وطالبت تركيا بغداد ببذل جهود أكبر في هذه القضية. وفي منتصف أغسطس الماضي وقّع البلدان اتفاق تعاون عسكري يتعلق بإنشاء مراكز قيادة وتدريب مشتركة كجزء من الحرب ضد الإرهاب. وأكّدت الخارجية العراقية في بيانها التزام الحكومة الاتحادية “بالعلاقات القوية مع الجارة تركيا”.

واتخذ الترحيب في كردستان العراق بخطوة أوجلان بعدا أكبر كون أكراد البلاد أكثر تشابكا مع الصراع بين تركيا وحزب العمال بحكم العامل القومي وأيضا بسبب معاناتهم المباشرة أمنيا واقتصاديا وتنمويا من تداعيات ذلك الصراع المزمن.

وأعرب المرجع الكردي زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني عن أمله بأن تكون دعوة أوجلان للسلام، "بداية لوضع العملية السلمية في مسارها".

وعبْر بيان رسمي قال بارزاني “نؤكد موقفنا الثابت إزاء عملية السلام والتسوية في تركيا، ونعلن دعمنا الكامل للعملية بكل ما يمكن من منطلق رؤيتنا بأن السلام هو السبيل الصحيح الوحيد لحل الخلافات.

وأضاف "نأمل بأن تكون رسالة السيد أوجلان بداية لوضع عملية السلام في مسارها والتوصل إلى نتيجة تصب في مصلحة جميع الأطراف".

كما رحب رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني من جهته بدعوة زعيم حزب العمال داعيا إلى "الالتزام بالدعوة وتنفيذها،" ومبديا استعداد الإقليم لتقديم كل الدعم لعملية السلام والقيام بدور المساعد لها والتعاون في إنجازها.

وأصدر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني من جهته بيانا أكد فيه دعمه للحلول السلمية في المنطقة. وقال في بيانه "نعرب عن ترحيبنا وتأييدنا لأيّ محاولة هادفة لحل المشاكل في المنطقة بالسبل السلمية،" مؤكّدا أن إقليم كردستان "كان على الدوام عاملا محوريا للسلام والاستقرار في المنطقة،” ومضيفا “نؤكد من هذا المنطلق استعدادنا لتقديم كل أشكال التعاون والاضطلاع بأيّ دور في سبيل إنجاح عملية السلام في تركيا."

ودعا رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، جميع الأطراف للالتزام بدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان، واصفا إياها بأنها بداية لـ"مرحلة مهمة".

وصعدت تركيا من هجماتها على محافظة دهوك منذ أسبوع متسببة بمقتل وإصابة عدد من المواطنين.

وتسبب القصف التركي على مناطق إقليم كردستان منذ بداية خلال العام الماضي، بمقتل 29 مدنياً وإصابة 18 آخرين.

وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية"، في الأراضي العراقية بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة العراق والحكومة التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي الحزب في العراق في عدة عوامل ميدانية عسكرية، أبرزها وجود الحزب في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي-الإيراني-التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصا في مناطق سنجار، غرب نينوى.