تعابير على وجه سياسي

مبعث الكلام وجه وحركة جسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارته الأخيرة للسعودية. فشل في تمثيل الابتسامة ولم يتمكن من أن يرسم اللاشيء على ملامحه.
الأربعاء 2022/05/11
تعابير الوجه كشفت عمّا في سريرة أردوغان

عندما سألوا الممثل الأميركي تومي لي جونز لماذا لا يستعمل البوتوكس والفيللر ليبدو أكثر شبابا؟ ردّ بأنه يستثمر في وجهه ليمثل ويرسم التعابير. إذا شل عضلات الوجه بالبوتوكس مثلا فلن يتمكن من رسم تعبير على وجهه، وينتهي كممثل.

السياسيون عليهم أن يقتدوا بحكمة لي جونز. إما أن يكونوا ممثلين محترفين فيرسمون تعابير منتقاة تتناسب مع ما يقوله لسانهم، أو أن يلجأوا إلى البوتوكس وتختفي معالم الحقيقة والتمثيل معا من على وجوههم. إذا كان خيارهم هو الخيار الأول، فلا بأس من تحسين الأداء واللجوء إلى مدرّبي تمثيل محترفين. لا يوجد عيب في ذلك.

هناك الكثير من السياسيين الغربيين ممن يتدربون على إلقاء الخطب وكيفية الحركة بين الجمهور. السياسة مهنة مثل أيّ مهنة، تحتاج إلى أكثر من العقل السياسي. كثير من أفضل القادة المفكرين السياسيين فشلوا لأنهم افتقدوا القدرة على تقديم أداء مقنع أمام ناخبيهم أو أتباعهم أو مواطنيهم أو رعاياهم.

أو أن تكون سياسيا بلا ملامح. مر علينا سياسيون من هذا النوع. وجوه جامدة. إذا كنت سياسيا من بلد مهم ستفسّر التعابير على أنها وقار وحكمة وتكتم، أما إذا كنت من بلد غير مهم فلا تهتم، لأن أحدا لن يعير ملامح وجهك أيّ أهمية.

مبعث الكلام وجه وحركة جسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارته الأخيرة للسعودية. فشل في تمثيل الابتسامة ولم يتمكن من أن يرسم اللاشيء على ملامحه. كل تعبير في وجهه وحركته يقول "أجبرتني الظروف". كشفت تلك التعابير عمّا في سريرته.

لا شك أنه مِثْل أي سياسي عليه أن يغير موقفه وسياساته وفقا للمستجدات؛ فحين يرى أنه ذهب بعيدا في عداوته المجانية للسعودية عليه أن يتراجع. هذا عين الصواب.

لكن دراما المشهد فرضت نفسها، ولم يحسن أردوغان أداء الدور. للأمانة لم تكن ابتسامته صفراء، ولكنها كانت متخشبة. كانت ملامحه توحي بأنه هو نفسه متفاجئ من موقفه. ولكنه سياسي، وهذه مهنته. لن يلومه أحد على تغيير موقفه (أو تصحيحه إن جاز التعبير). سبقه إليه غيره في قمة العلا، لكنه كان أكثر أريحية ورسم ابتسامة أفضل وكانت لغة جسده أكثر تجاوبا مع الموقف. أو ربما هو فارق العمر.

20