تطوير وسيلة طبية فعّالة لاستعادة الأنسجة العظمية

غرسات تعمل على استعادة الأنسجة التالفة ودرْء العيوب الناجمة عن هشاشة العظام.
السبت 2024/01/13
النساء أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام

يعمل أطباء روس وإيرانيون على تطوير علاج جديد لهشاشة العظام، باستعمال السقالات ثلاثية الأبعاد القادرة على تكوين أنسجة العظام. وتضمن الغرسات ثلاثية الأبعاد المبتكرة، التي لا تحتوي على أي دواء أو منشط، تكوين أنسجة عظمية كاملة وناضجة. ويطور الأطباء الروس الجزيئات الفائقة، وهي مادة فعالة تتمثل مهمتها في استعادة بنية وكثافة أنسجة العظام. ويقوم الإيرانيون بتطوير السقالات البوليمرية.

موسكو - تعاون علماء من روسيا وإيران على تطوير وسيلة طبية فعالة لاستعادة الأنسجة العظمية. وسيتم تطوير علاج جديد لهشاشة العظام، سيعمل على استعادة أنسجة العظام بشكل فعال باستخدام سقالات بوليمر ثلاثية الأبعاد والقابلة للتحلل من قبل العلماء من جامعة “تومسك” الروسية الحكومية وجامعة “شريف” للتكنولوجيا الإيرانية في طهران، وقد حصل المشروع على منحة من مؤسسة العلوم الروسية، وفق ما أفاد به المكتب الإعلامي لجامعة تومسك.

وحسب منظمة الصحة العالمية فإن هشاشة العظام، التي تزيد إلى حد بعيد من خطر الإصابة بكسور العظام، هي أحد أكثر الأمراض غير المعدية شيوعا في العالم. وتحتل المرتبة الرابعة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والأورام.

وقالت رئيسة قسم المركّبات الطبيعية والكيمياء الصيدلانية والطبية بكلية الكيمياء في جامعة تومسك إرينا كورزينا “الأساليب التقليدية لعلاج هشاشة العظام تعتمد على العلاج الدوائي والهرموني. ونقوم في إطار مشروعنا، بالتعاون مع زملائنا الأجانب، بتطوير علاج جديد لإزالة عيوب العظام الناجمة عن هشاشة العظام. وستكون سقالات البوليمر ثلاثية الأبعاد والقابلة للتحلل بمثابة أداة لتحقيق ذلك”.

تطوير العلاج الجديد الذي يعمل على استعادة الأنسجة بشكل فعال سيتم باستخدام سقالات بوليمر ثلاثية الأبعاد

والجانب الروسي هو مطوّر الجزيئات الفائقة، وهي مادة فعالة تتمثل مهمتها في علاج هشاشة العظام واستعادة بنية وكثافة أنسجة العظام. وستقوم الجامعة الإيرانية بتطوير سقالات بوليمرية باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.

ويجرى البحث العلمي بدعم من منحة دولية تقدمها مؤسسة العلوم الروسية، وقد تم تصميم المشروع لمدة ثلاث سنوات.

وكان علماء مركز كراسنويارسك العلمي التابع لفرع أكاديمية العلوم الروسية في سيبيريا قد ابتكروا غرسات لا تحتوي على أي دواء أو منشطات تسمح بتجديد النسيج العظمي.

ويشير المكتب الإعلامي للمركز إلى أن خبراء المركز ابتكروا سقالات بلاستيكية ثلاثية الأبعاد وقابلة للتحلل التام لتجديد أنسجة العظام. وبعد أن تذوب المادة التي تصنع منها السقالات، تستعيد العظام حالتها الطبيعية.

وقالت تاتيانا فولوفوي مديرة مختبر معهد الفيزياء الحيوية التابع لفرع أكاديمية العلوم الروسية في سيبيريا “تشير نتائج التجربة والتقييم الأولي للخصائص العظمية للسقالات ثلاثية الأبعاد إلى قدرتها على تكوين أنسجة العظام. وقد ضمنت الغرسات ثلاثية الأبعاد المبتكرة، التي لا تحتوي على أي دواء أو منشط، تكوين أنسجة عظمية كاملة وناضجة؛ أي أنها مناسبة لإعادة بناء الأنسجة العظمية المعيبة كغرسات لتجديد العيوب في أنسجة العظام البشرية وتعد واعدة لمواصلة الدراسة في هذا المجال”.

ويمكن استخدام السقالات كغرسات لاستعادة النسيج العظمي المتضرر والنسيج المفقود بسبب إصابات والتهابات وأورام وحتى العيوب الوراثية، حيث سيقوم الجسم باستعادة أنسجة العظام تلقائيا.

ويشير المكتب الإعلامي إلى أن السقالات تطبع على طابعة ثلاثية الأبعاد باستخدام خيوط بوليمر طبيعي قابل للذوبان من إنتاج معهد الفيزياء الحيوية التابع لفرع أكاديمية العلوم الروسية في سيبيريا.

والنسيج العظمي هو نسيج هيكلي موجود داخل العظام، وهو نسيج غني بالأملاح المعدنية التي تمنحه الصلابة والمتانة فهو الداعم الرئيسي للجسم. ويكون تركيز هذه الأملاح لدى الأطفال أقل نسبيا مقارنة مع العظام التي اكتمل تكونها، لهذا السبب يستطيع الأطفال القيام بحركات تستعصي على الكبار، وذلك بسبب مرونة هيكلهم العظمي. ويشكل النسيج العظمي الجزء الصلب من العظام التي تشكل بدورها الدعامة الهيكلية الداخلية لجسم الإنسان.

ويختلف النسيج العظمي عن العظام نفسها؛ فالعظام هي أعضاء تتألف من أنسجة العظام ونخاع العظم والأوعية الدموية والأعصاب والخلايا الطلائية المبطنة والمحيطة، في حين يشير النسيج العظمي على وجه التحديد إلى مصفوفة المعادن في العظام والتي تشكل الأجزاء الصلبة من الجهاز الهيكلي.

اكتشاف مثير

ويضم العظم في الجسم البشري نوعين اثنين من النسيج العظمي، هما العظم الصلب والعظم الاسفنجي.

والعظم الصلب (الكثيف والمكتنز) هو عظم مضغوط يُكون الجزء الخارجي الصلب للغاية في العظمة، ويشكل 80 في المئة من كتلة العظم الكلية للهيكل العظمي في الإنسان البالغ. وبسبب كثافة القشرة العالية تُعد نسبتها 10 في المئة من مساحة الجسم السطحية.

أما العظم الاسفنجي فهو عظم شبكي مفرغ يملأ التجويف الداخلي للعظمة ويحتل مساحة سطحية كبيرة أكثر بعشرة مرات من العظم المكون للقشرة، ويشكل 20 في المئة من المساحة السطحية لجسم الإنسان.

وتشير الأسماء ضمنا إلى أن النوعين يختلفان في الكثافة أَو مقدار اكتظاظ النسيج داخل العظم، إلا أن العظم الكثيف والعظم الاسفنجي متطابقان من الناحية البيولوجية، لكن الفرق هنا هو كيفية التركيب المجهري.

ومن بين الإنجازات التي تم التوصل إليها في السنوات الأخيرة من عصرنا الحالي ما يعرف في طب العظام بزراعة وتصنيع مختلف أنواع العظام البشرية، حيث كشفت دراسة حديثة أنجزها خبراء وعلماء في جامعة كولومبيا الأميركية أن عملية زراعة وتصنيع العظام البشرية أصبحت ممكنة اليوم في المختبرات وأنَ تشكيل الأنسجة العظمية المتطابقة مع كل حالة بات ممكنا مهما بلغ الحجم أو الشكل المطلوب، كما أن هذه العملية ممكنة أيضا على العظام الأكثر تعقيدا ودقة كشكل عظام الأذن الوسطى.

عملية زراعة وتصنيع العظام البشرية أصبحت ممكنة اليوم في المختبرات وأنَ تشكيل الأنسجة العظمية المتطابقة مع كل حالة بات ممكنا مهما بلغ الحجم أو الشكل المطلوب

وتسبب هشاشة العظام ضعف العظام ووَهنها، إلى درجة أن أي سقوط أو إجهاد خفيف مثل الانحناء أو السعال يمكن أن يسبّب كسورًا. وتكون أغلب حالات الكسور المرتبطة بهشاشة العظام أكثر شيوعًا في عظم الورك أو الرسغ أو العمود الفقري.

والعظم هو نسيج حيٌّ؛ ينكسر ويُستَبدَل باستمرار. ويَحدُث مرض هشاشة العظام عندما لا يُواكِب خَلْق عظام جديدة فَقْد العظام القديمة.

وتصيب هشاشة العظام الرجال والنساء من جميع الأعراق. لكنَّ النساء بيض البشرة والآسيويات، خاصة اللاتي تجاوزن سن اليأس، هنَّ الأكثر عرضة للخطر. ويُمكن أن تُساهم الأدوية والنظام الغذائي الصحي وتمارين رفع الأثقال في منع فقدان العظام أو في تقوية العظام الضعيفة أصلاً.

وتكون العظام في حالة تجدُّد مستمر؛ إذ تُصنَع عظام جديدة وتنحل القديمة. وفي الصغر يصنع الجسم عظامًا جديدة بوتيرة أسرع من تفتيته للعظام القديمة، وبذلك تزداد كتلة العظام. وبعد أوائل العشرينات تتباطأ هذه العملية، ويصل أغلب الأفراد إلى ذروة كتلة العظام عند بلوغهم سن الثلاثين. ومع التقدُّم في العمر، تُنخَر كتلة العظام بشكل أسرع من بنائها.

وتعتمد احتمالات الإصابَة بهشاشة العظام جزئيًّا على مقدار الكتلة العظمية التي اكتسبها الفرد خلال شبابه. وتتحكم العوامل الوراثية في ذروة كتلة العظام إلى حدٍّ ما، وتختلف أيضًا باختلاف كل مجموعة عرقية؛ فكلما اكتسب الفرد كتلة عظمية أكثر، زادت كثافة العظام لديه، وانخفضت احتمالات إصابتَه بهشاشة العظام مع تقدمه في العمر.

15