تطوير طريقة أسرع لاكتشاف السرطانات وأمراض القلب

طور خبراء الصحة والباحثون تقنية جديدة تمكن من اكتشاف السرطانات وأمراض القلب بطريقة أسرع من اختبارات الدم التقليدية وتسمى هذه التقنية “كريسبرزيم”. ولا تقتصر فوائد هذه التقنية على سهولة تشخيص المرض فحسب، بل أيضا في مراقبة تقدمه بمرور الوقت والاستجابة للعلاج. ويأمل الباحثون في أن تقربهم هذه التكنولوجيا خطوة إلى التشخيصات الشخصية في المنزل.
لندن - أصبح من الممكن اكتشاف السرطانات وأمراض القلب التي يصعب ضبطها بشكل أسرع، وذلك بفضل اختبار جديد يحمل اسم “كريسبرزيم”.
ويأمل الباحثون أن تجنّب هذه التقنية المرضى الانتظار لأيام أو أسابيع حتى تعود اختبارات الدم من المختبرات.
ويعمل الاختبار الجديد المسمى “كريسبرزيم” بنفس الطريقة التي يعمل بها اختبار الدم التقليدي. وبدلا من الحاجة إلى إرسال عينات إلى المختبر للبحث عن المؤشرات الحيوية، تعطي “كريسبرزيم” النتائج ببساطة عن طريق تغيير اللون في حالة وجود مادة كيميائية معينة.
ويشير اللون الغامق من الناحية النظرية إلى المزيد من المادة.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون المستويات العالية من مستضد البروستات النوعي “بي.سي.أي” أحيانا بمثابة علامة على السرطان لدى الرجال.
وفي الوقت نفسه، يمكن لاختبارات التروبونين اكتشاف ما إذا كان المريض أصيب بنوبة قلبية.
بدلا من إرسال عينات إلى المختبر للبحث عن المؤشرات الحيوية، تعطي "كريسبرزيم" النتائج عن طريق تغيير اللون
وقالت المعدة الرئيسية البروفيسور مولي ستيفنز من إمبريال كوليدج لندن “يشير اختبارنا إلى وجود علامة بيولوجية، لكن ‘كريسبرزيم’ هو تشخيص أبسط من تلك المتوفرة حاليا. وما يميزه أيضا هو أنه يمكن أن يخبرنا عن مقدار المرقم الحيوي الموجود، والذي يمكن أن يساعدنا ليس فقط في تشخيص المرض، ولكن أيضا في مراقبة تقدمه بمرور الوقت والاستجابة للعلاج”.
وأضافت الباحثة الدكتورة مارتا بروتو أنه “بالإضافة إلى تعزيز إمكانية الوصول إلى التشخيصات في البلدان النامية، يمكن أن تقربنا هذه التكنولوجيا خطوة أقرب إلى التشخيصات الشخصية في المنزل أو في عيادة الممارس العام. ومن خلال جعل الاختبارات التشخيصية السريرية أبسط، سنكون قادرين على تزويد الأطباء بالأدوات المناسبة للاختبار في نفس عيادة الطبيب العام بدلا من الاضطرار إلى إعادة جدولة تحاليل المتابعة واختبارات الدم”.
وتشتمل اختبارات الدم المستخدمة في المساعدة لتشخيص السرطان على فحص الدم الشامل وعلامات الورم. وتكون هناك حاجة إلى إجراء بعض الاختبارات والإجراءات لتأكيد تشخيص الإصابة بالسرطان.
وتساعد اختبارات سرطان الدم الطبيب على تشخيص الإصابة بالسرطان، وإذا كان الطبيب قلقًا من احتمال أن يكون الشخص مصابًا بالسرطان، فقد يحتاج إلى مزيد من الاختبارات للتأكد من ذلك. وتكون اختبارات دم تشخيص السرطان جزءًا من هذه العملية غالبًا.
وتؤخذ عينات لاختبارات دم تشخيص السرطان وتُختبر في المعمل للتحقق من عدم وجود مؤشرات المرض. وعند فحصها تحت المجهر، قد تُظهر العينات الخلايا السرطانية الفعلية. وقد تجد اختبارات الدم الأخرى بروتينات سرطانية أو مواد أخرى تَنتُج بسبب السرطان. كما قد تُشير اختبارات الدم إلى مدى كفاءة أداء أعضاء الجسم لوظائفها.
ولا تُستخدم معظم اختبارات الدم بمفردها لتشخيص السرطان. لكنها قد توفر دلائل يمكن أن تقود فريق الرعاية الصحية إلى تشخيص الإصابة بالسرطان. وبالنسبة إلى معظم أنواع السرطان، غالبًا ما تقتضي الحاجة إجراءات لاستخراج عيِّنة من الخلايا من أجل الاختبار للتأكد من الإصابة.
معضلة السرطان ليست في التشخيص المتأخر وحسب، بل في الأورام الخبيثة التي تنتشر في صمت، ولا تظهر أعراضها إلا بعد أن تستفحل
وكان علماء في جامعة جونز هوبكنز الأميركية قد طوروا اختبارًا للدم يمكنه الكشف عن 10 أنواع مختلفة من السرطان قبل ظهور الأعراض، يأتي في مقدمتها سرطان الرئة. وأوضح الباحثون في دراستهم المنشورة في دورية “ساينس” أن الاختبار الذي يحمل اسم “ديداكت أي” مر بثلاث محطات، حيث بدأوا بتصميم النسخة الأولى منه عام 2016، ثم تطوير نسخة أكثر تقدمًا أُطلق عليها “كنسر سيك” في 2018، إلى أن وصل إلى محطته الحالية، كأول اختبار دم يدخل الرعاية الطبية الروتينية، وتجري تجربته على ما يقرب من 10 آلاف سيدة، وتتأكد نتائجه بواسطة التصوير المقطعي.
ويحصد السرطان أرواح 9.6 مليون شخص حول العالم سنويًّا، 70 في المئة منهم في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يقود تأخر التشخيص إلى فشل العلاجات وزيادة معدلات الوفيات؛ فالأرقام المفزعة تكشف أن السرطان مسؤول تقريبًا عن وفاة واحدة من كل 6 وفيات، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
ويرى الباحثون أن معضلة السرطان ليست في التشخيص المتأخر وحسب، بل في الأورام الخبيثة التي تنتشر في صمت، ولا تظهر أعراضها إلا بعد أن تستفحل، وتصل إلى مرحلة يصعب معها العلاج، مثل سرطان الرئة والثدي، وهما من أكثر أسباب الوفاة بالسرطان حول العالم؛ إذ يحصد كلٌّ منهما أرواح 2.09 مليون شخص سنويًّا.
ويمكن لاختبارات الدم أن تكشف عن مرض القلب أيضا وقد يتضمن الدم العديد من الدلائل عن صحة القلب. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون المستويات المرتفعة من الكوليسترول الضار في الدم علامة على أن الشخص معرض بشكل أكبر لخطر الإصابة بنوبة قلبية. ويمكن للمواد الأخرى الموجودة في الدم أن تساعد الطبيب في تحديد ما إذا كان المريض مصابًا بفشل القلب أو إذا كان معرضًا لخطر الإصابة بترسبات اللويحات في الشرايين (تصلّب الشرايين).
وتؤثر أمراض القلب على وظائفه وعلى أجزائه، ويعد مرض القلب الأكثر شيوعًا هو المتلازمة الإكليلية أو متلازمة الشريان التاجي بأشكالها المختلفة.
ويوجد في القلب أربعة صمّامات كل واحد منها قد يُصاب بضرر ما فيحدث خلل في عمله، حيث تصنف الاضطرابات الأساسية في عمل صمامات القلب إلى مجموعتين:
تضيّق صمام القلب وهو عدم القدرة على ضخ الدم ونقله بين الأجزاء المختلفة في القلب، مما يتطلب مزيدًا من الضغط في ضخ الدم من أجل الوصول إلى المستوى الطبيعي الذي يضخه القلب.
أمراض القلب لا تزال هي السبب الرئيسي للوفاة على الصعيد العالمي، وتشكل 16 في المئة من مجموع الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب
وتوسّع صمام القلب يعني تدفق الدم باستمرار حتى في الوقت الذي يفترض أن يمنع صمام القلب تدفق الدم تمامًا.
وتوجد في القلب منظومة توصيل مسؤولة عن نقل الشّارات الكهربيّة التي تحفّز انقباضات القلب وتنظّم توقيت الانقباض وتنظّم العلاقة بين انقباضات البطينين وبين انقباضات الأذينين.
وقد يطرأ أحيانًا خلل ما في عمل منظومة النقل الكهربيّ الذي يمكن أن ينعكس في تسارع أو تباطؤ وتيرة القلب، أو عدم انتظامها، أو غياب أية علاقة زمنية واضحة بين توقيت انقباضات البطينين وبين توقيت انقباضات الأذينين.
وحسب منظمة الصحة العالمية، لا تزال أمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفاة على الصعيد العالمي، وتشكل 16 في المئة من مجموع الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب. وعدد الأشخاص الذين تفتك بهم اليوم يفوق أي وقت مضى، مع ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب بأكثر من مليوني حالة منذ عام 2000 ليصل إلى ما يقرب من تسعة ملايين حالة وفاة عام 2019.
وقد تركز أكثر من نصف عدد الوفيات الإضافية الناجمة عنها (وعددها مليونا وفاة) في إقليم غرب المحيط الهادئ. وعلى العكس من ذلك، شهد الإقليم الأوروبي تراجعا نسبيا في أمراض القلب، حيث انخفضت الوفيات الناجمة عنها بنسبة 15 في المئة.