تطعيم سرطان عنق الرحم أثبت القدرة على الوقاية من المرض

توصل فريق من الباحثين إلى أن التطعيم ضد الفيروس الذي يسبب جميع أنواع سرطان عنق الرحم، تقريباً، له تأثير كبير على وقف العدوى ويمكن أن يقلل بشكل كبير من حالات المرض خلال عقد من الزمن.
لندن – أعلن علماء من بريطانيا وكندا أنهم وجدوا “أدلة قوية” على أن التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري (إتش.بي.في) يعمل “على الوقاية من سرطان عنق الرحم في بيئات العالم الحقيقي”، في معرض تقديم نتائج تحليل دولي شمل 60 مليون شخص في البلدان المرتفعة الدخل.
قال ديفيد مشير، العالم الرئيسي في الصحة العامة بإنكلترا، والذي عمل في فريق البحث، “نحن نرى كل شيء نريد أن نراه. إننا نشهد انخفاضا في عدد الإصابات بفيروس الورم الحليمي البشري الرئيسية التي تسبب معظم أمراض عنق الرحم ونرى انخفاضا في أمراض عنق الرحم”.
وقال مارك بريسون، المتخصص في اقتصاديات صحة الأمراض المعدية في جامعة لافال في كندا والذي شارك في قيادة الدراسة، إن النتائج تشير إلى “أننا يجب أن نرى انخفاضا كبيرا في حالات سرطان عنق الرحم في السنوات العشر المقبلة”.
تم ترخيص لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري لأول مرة في عام 2007 ومنذ ذلك الحين تم تبنيها في 100 دولة على الأقل في جميع أنحاء العالم. وتصنع شركة (جي.أس كاي) البريطانية لقاح فيروس الورم الحليمي البشري ويسمى (سيرفاركس) والذي يستهدف سلالتين من الفيروس، وتنافسها بشدة شركة (ميرك) التي تنتج تطعيم (غاردازيل) الذي يستهدف تسع سلالات.
في البلدان التي لديها برامج تطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري، عادة ما يتم تقديم اللقاحات للفتاة قبل أن تصبح نشطة جنسيًا للحماية من سرطان عنق الرحم وغيره من أنواع السرطان المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري.
وقام فريق بريسون بجمع بيانات عن 60 مليون شخص على مدى ثماني سنوات من 65 دراسة منفصلة أجريت في 14 دولة وجمعها لتقييم تأثير اللقاحات.
فيروس الورم الحليمي البشري يسبب 70 بالمئة من سرطانات عنق الرحم المعروفة باسم فيروس الورم الحليمي البشري
ووجد الباحثون أن نوعي فيروس الورم الحليمي البشري الذي يسبب 70 بالمئة من سرطانات عنق الرحم – المعروفة باسم فيروس الورم الحليمي البشري 16 وفيروس الورم الحليمي البشري 18 – انخفضا بشكل كبير بعد التطعيم. كما انخفضت الإصابات لدى الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 13 و19 عاما إلى 83 بالمئة وانخفضت إلى 66 بالمئة بالنسبة إلى النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاما بعد خمس إلى ثماني سنوات من التطعيم.
وذكر تقرير نشر بموقع مايو كلينك الأميركي أن سلالات مختلفة من فيروس الورم الحليمي البشري، وهي عدوى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، تلعب دورًا في التسبب في معظم حالات سرطان عنق الرحم.
وعند التعرض لفيروس الورم الحليمي البشري، يعمل الجهاز المناعي للمرأة عادة على منع الفيروس من التسبب في الأذى. ومع ذلك، يبقى الفيروس لدى مجموعة صغيرة من النساء لسنوات، الأمر الذي يسهم في أن تصبح بعض الخلايا الموجودة على سطح عنق الرحم خلايا سرطانية.
ويبدأ سرطان عنق الرحم عندما تكتسب الخلايا السليمة تغيرًا جينيًا يتسبب في تحولها إلى خلايا غير طبيعية.
تنمو الخلايا السليمة وتتضاعف بمعدل محدد وتموت في نهاية المطاف في وقت محدد. بينما تنمو الخلايا السرطانية وتتكاثر خارج نطاق السيطرة، ولا تموت. وتشكل الخلايا المتراكمة غير الطبيعية كتلة (ورم). وتغزو الخلايا السرطانية أنسجة قريبة ويمكن أن تنفصل عن الورم وتنتشر وتنتقل لمكان آخر في الجسم.
كما يساعد نوع سرطان عنق الرحم في تحديد سير المرض والعلاج. وتنقسم الأنواع الأساسية لسرطان عنق الرحم إلى سرطان الخلية الحرشفية الذي يبدأ في الخلايا المسطحة الرقيقة (خلايا حرشفية) التي تبطن الجزء الخارجي من عنق الرحم، والتي تظهر في المهبل. ويذكر أن معظم أمراض سرطان عنق الرحم هي سرطان الخلايا الحرشفية.
بينما يبدأ النوع الثاني وهو السرطان الغدي في خلايا غدية عمودية الشكل تبطن قناة عنق الرحم.
وفي بعض الأحيان، يشارك كلا النوعين من الخلايا في الإصابة بسرطان عنق الرحم. ونادرًا للغاية ما تحدث الإصابة بالسرطان في خلايا أخرى في عنق الرحم.
أظهرت الأرقام الصادرة في فبراير عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية أن ما يقدر بنحو 570 ألف حالة جديدة من سرطان عنق الرحم قد تم تشخيصها في جميع أنحاء العالم في عام 2018، مما يجعله رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم.
وتموت، في كل عام، أكثر من 310 ألف امرأة من سرطان عنق الرحم، الغالبية العظمى منهن في البلدان الفقيرة حيث تغطية التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري منخفضة أو غير موجودة.
ويحث بريسون الحكومات في البلدان الأكثر تضرراً على العمل على توفير اللقاحات ويقول “تظهر نتائجنا أن اللقاحات تعمل، لذلك آمل أن نرى في السنوات المقبلة… زيادة معدلات تلقيح فيروس الورم الحليمي البشري في البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها”.