تضليل حول المستحضرات الواقية من الشمس في الولايات المتحدة

واشنطن - يروّج بعض نجوم مواقع التواصل الاجتماعي فكرة أن المستحضرات الواقية من أشعة الشمس “تُسبب السرطان”، ويدعو أحدهم مثلاً، ويُدعى جيروم تان، متابعيه البالغ عددهم نحو 400 ألف إلى “التعرض المنتظم لأشعة الشمس". وبينما تشهد الولايات المتحدة موجة حرارة قياسية، تثير هذه المعلومات الخاطئة قلق الخبراء الذين يرون فيها خطراً حقيقياً، إذ تنسف نصائح هياكل الصحة العمومية في هذا المجال، في الوقت الذي تُسجَّل فيه زيادة في حالات الإصابة بسرطان الجلد.
ويورِد بعض مشاهير مواقع التواصل مقاطع فيديو حققت ملايين المشاهدات عن وصفات واقية من أشعة الشمس “مصنوعة منزلياً”، منها مثلاً ما يقوم على مزج دهن اللحم البقري وزبدة الأفوكادو وشمع العسل. وفي مقطع الفيديو الذي نشره وحظيَ بتداول واسع على تيك توك حاصداً أكثر من 430 ألف مشاهدة قال جيروم تان لمشتركيه، من دون أي أساس علمي، إن تناول الأطعمة الطبيعية يتيح للجسم أن "يصنع لنفسه وقايته الخاصة من أشعة الشمس".
وأظهر استطلاع أجراه هذه السنة المعهد الصحي للسرطان في أورلاندو أن نحو واحد من كل سبعة بالغين أميركيين دون سن الخامسة والثلاثين يعتقدون أن الاستخدام اليومي للمستحضرات الواقية أكثر إضراراً بالصحة من التعرض المباشر لأشعة الشمس. ورأى نحو ربع المشمولين بالاستطلاع أن الحفاظ على رطوبة الجسم يساعد في منع حروق الشمس.
ولاحظ جرّاح الأورام في هذا المعهد الواقع في ولاية فلوريدا راجيش ناير أن “الناس يتبنون الكثير من الأفكار الخطِرة”. وبيّن استطلاع آخر أن 75 في المئة من الأميركيين يستخدمون مستحضرات الوقاية من الشمس بانتظام، أي بانخفاض قَدرُه أربع نقاط عن عام 2022. وتتقاطع هذه النتائج مع توجهات أخرى تعكس انعدام ثقة عامّة الناس بنصائح هياكل الصحة العمومية، وفي مقدّمتها اللقاحات ومكافحة جائحة كورونا.
◙ نحو واحد من كل سبعة بالغين أميركيين يعتقدون أن الاستخدام اليومي للمستحضرات الواقية أكثر إضراراً بالصحة من التعرض المباشر لأشعة الشمس
ويكسب بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من المال من هذه التوجهات، مع أنهم غالبا ما يفتقرون إلى أي مؤهل علمي في هذا المجال. لذلك يرغب أطباء الجلد في تبديد هذه الأسطورة القائلة إن التعرض المنتظم للشمس مفيد للصحة. وأكّد طبيب الأمراض الجلدية والأستاذ في جامعة ويسكونسن دانيال بينيت لوكالة فرانس برس أن “التسمير من دون خطر غير موجود".
وذكّر بأن "الأدلة التي تثبت أن التعرض للأشعة فوق البنفسجية هو السبب الرئيسي لسرطان الجلد هي أدلة دامغة”. وشدد خبراء آخرون على أن معظم المحتويات الخاطئة أو المُضلِلَة على مواقع التواصل الاجتماعي مصدرها عدد من مشاهيرها الذين يسعون لتحقيق الكسب المالي. وأفاد إريك داهان مؤسس وكالة التسويق لمشاهير الشبكات “مايتي جوي” في حديث لوكالة فرانس برس بأن بعض هؤلاء النجوم يستغلون “التشكيك في مراهم الوقاية من الشمس” من أجل “بيع منتجاتهم الخاصة".
واستشهد على ذلك بمنشور على إنستغرام ينصح بعدم وضع المراهم الواقية من الشمس باستمرار، فيما يروّج في الوقت نفسه لمستحضرات العناية بالبشرة. وأورَدَ هذا المنشور العبارة الآتية مرفَقَة بالكثير من رموز “إيموجي” التعبيرية: “قولوا وداعا لجنون العظمة ضد الشمس". وأضاف "التقطوا هذا الصيف بعض الأشعة (من دون الشعور بالذنب)". وحضّ مؤثر آخر ضمن إنستغرام، نشر صورته من دون قميص متأبطاً لوحاً لركوب الأمواج، مشتركيه على التخلي عن المستحضر الواقي من الشمس. وأضاف “هل أنا قلق من سرطان الجلد؟”، مروّجا لمنافع الشحم البقري.
لكنّ طبيبة الأمراض الجلدية في تكساس ميغن بوينوت كوفيليون أوضحت أن ليس لدى هذا المستحضر الذي يُصنع بإذابة دهون اللحم البقري أي خصائص تجعله يحجب الأشعة فوق البنفسجية. وقالت "لا أرى مشكلة في استخدامه على البشرة كمنعّم، ولكن بالتأكيد ليس كحماية من أشعة الشمس". وأكدت الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية أن المستحضرات منزلية الصنع للوقاية من الشمس “تفتقر إلى الحماية الفاعلة ضد الشمس”، وهو ما يعرض مستخدميها لخطر الحروق والشيخوخة المبكرة للجلد والإصابة بالسرطان.
وإذا كانت بعض هذه الوصفات تتضمن بعض المكوّنات المألوفة لمستحضرات الوقاية من الشمس كأكسيد الزنك، فإن الغالبية العظمى من عامّة الناس لا تملك التقنيات اللازمة لاختبار منافع هذه الخلطات ضد الأشعة فوق البنفسجية في المنزل، بحسب الأستاذ في كلية الطب بجامعة جورج واشنطن آدم فريدمان. وقال فريدمان إن من المستحيل ببساطة أن يصنع أي شخص مستحضراً جيداً للوقاية من الشمس “في قبو منزله".