تصريح العمل للفلسطينيين في إسرائيل لا يضمن حقوقهم

يعاني الفلسطينيون من أزمة بطالة وفقر جعلتهم يتمنون العمل في إسرائيل التي تفرض عليهم تصاريح دخول بشروط قاسية. وإذا توفرت فيهم الشروط لن يكون العمل في متناول الجميع إلا تلك الأعمال الشاقة بالإضافة إلى غياب الحقوق التي تحميهم وضعف الراتب مقارنة بالعمال الإسرائيليين.
غزة (فلسطين) - يتوافد بشكل يومي منذ أسابيع المئات من العمال على مقر غرفة تجارة وصناعة غزة على أمل التسجيل للحصول على تصريح يخول لهم العمل داخل إسرائيل.
وينظر هؤلاء في الحصول على تصريح لدخول إسرائيل على أنه طوق نجاة من واقع معدلات الفقر والبطالة القياسية في القطاع الذي يقطنه ما يزيد عن مليونين و300 ألف نسمة في ظروف معيشية متدهورة.
ويقول حسني الشيخ (42 عاماً) من مدينة غزة، إنه تقدم منذ أكثر من عامين للحصول على تصريح أملا في العمل داخل إسرائيل للخلاص من واقع البطالة وضعف الرواتب في القطاع.
ويشير الشيخ إلى أنه يعمل في مجال الخياطة ويسعى للالتحاق بالعمل لدى أحد مشاغل الخياطة داخل إسرائيل وقد كلفته رسوم التقديم للتصريح نحو ألف دولار أميركي.
أما سعيد أبومعمر وهو في بداية الخمسينات من عمره، فكان يعمل في تجارة قطع غيار السيارات، لكن تجارته كسدت بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في غزة وتكبد خسائر مالية كبيرة.
ويوضح أبومعمر أنه يفضل العمل كعامل بأجرة يومية في أي مجال داخل إسرائيل نظرا لما يتم تقديمه من رواتب أعلى بكثير مقارنة مع واقع العمل التجاري في قطاع غزة.
وسمحت إسرائيل مؤخرا بزيادة وتيرة إصدار التصاريح لعمال من قطاع غزة بموجب تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية رعتها مصر في إطار التسهيلات الاقتصادية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.
وقلصت إسرائيل بشدة دخول عمال قطاع غزة منذ عام 2003 وشددت الإجراءات تماما بعد فرض حصارها على القطاع بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على الأوضاع فيه منتصف عام 2007.
مصادر فلسطينية تقدر عدد الذين يمتلكون تصاريح دخول إلى إسرائيل من غزة بنحو سبعة إلى عشرة آلاف شخص
ويقول المسؤول الإداري في غرفة وتجارة صناعة غزة عيسى أبوربيع إن التسجيل للحصول على تصاريح لدخول إسرائيل يشهد إقبالا كثيفا من عشرات آلاف من المواطنين الفلسطينيين.
ويوضح أبوربيع أنهم يستقبلون حاليا طلبات السجلات التجارية المقدمة منذ عام 2019 وتم تعليقها سابقا وذلك بناء على تعليمات هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية باستئناف إرسال الطلبات بأصحاب السجلات المذكورة.
ويضيف أن قبول السلطات الإسرائيلية لمنح التصاريح التي عادة ما تحدد بشهرين إلى أربعة أشهر، يتم بوتيرة بطيئة وعلى دفعات منفصلة وذلك بالتنسيق مع الجهات المسؤولة في السلطة الفلسطينية.
ومطلع أكتوبر الماضي أعلنت وزارة العمل في غزة للمرة الأولى منذ سنوات أن إسرائيل وافقت على إصدار تصاريح لسكان القطاع للعمل داخل الأراضي الإسرائيلية والضفة الغربية خاصة بالتجار فقط.
وتضمنت الشروط المعلنة للحصول على تصريح عمل داخل إسرائيل على المتقدم أن يكون متزوجا غير موظف، ويزيد عمره عن 26 عاما، وألاّ يكون صاحب دخل مالي ثابت.
وتقدر مصادر فلسطينية عدد الذين يمتلكون تصاريح دخول إلى إسرائيل من سكان غزة حاليا بنحو سبعة إلى عشرة آلاف شخص من بينهم نسبة قليلة من الذين يعملون كتجار فيما صنفت الغالبية بأنهم يعملون ضمن بند العمالة لدى مشغلين إسرائيليين.
ويعبر هؤلاء من غزة وإليها عبر حاجز بيت حانون/إيريز الخاضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي ويربط القطاع مع الضفة الغربية، وكثيرا ما يشتكي الفلسطينيون من أن التنقل من خلاله يتم باشتراطات أمنية شديدة.
ويندرج رفع عدد تصاريح دخول إسرائيل في إطار التسهيلات الاقتصادية في وقت تظهر الإحصائيات الرسمية أن قطاع غزة يعاني من معدلات بطالة تتجاوز نسبة 45 في المئة.
فيما تقدر نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في غزة الذين يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجور في الأراضي الفلسطينية، لتسجل نسبتهم 82 في المئة في نهاية عام 2020.
وبحسب مركز الميزان لحقوق الإنسان ومقره غزة، فإن الحق في العمل لسكان القطاع يشهد تدهورا حادا نتيجة سنوات طوال من الحصار الإسرائيلي والاستهداف المنظم للمنشآت التجارية والصناعية والأراضي الزراعية والبنية التحتية.
ويوضح المركز في تقرير له أنه بعد تفشي جائحة فايروس كورونا داخل قطاع غزة، تدهورت
بشكل أكبر أوضاع عمال المياومة وعائلاتهم، جراء إغلاق وتوقف العشرات من المنشآت الصناعية والتجارية.
والحصول على تصريح من سكان غزة لا يعد مفروشا بالورود بالنظر إلى محدودية التصاريح الممنوحة من إسرائيل وارتفاع تكلفتها المالية فضلا عن انتقادات فلسطينية لآلية التعامل معهم.
ويقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة سامي العمصي إن السلطات الإسرائيلية ترفض إضفاء صفة “عامل” على تصاريح العمال الفلسطينيين وذلك للتهرب من حقوقهم القانونية.
ويوضح العمصي أن السلطات الإسرائيلية أقرت بعد رفع عدد التصاريح الممنوحة مؤخرا، إجراء جديدا بإضفاء صفة “احتياجات اقتصادية” على التصاريح الممنوحة للعمال بدلا من الصفة السابقة “تاجر”.
ويعتبر أن الإجراء المذكور يعد تهربا متعمدا وتنصلا من الحقوق القانونية المترتبة على إضفاء صفة “عامل” على التصاريح ويحرم عمال غزة من ذوي التصاريح من الحقوق التي يحصل عليها نظراؤهم الإسرائيليون.
وبحسب العمصي فإن صفة “عامل” في التصريح تمنح العامل سلسلة حقوق، مثل الحصول على الحد الأدنى من الأجور وإجازة سنوية، ومستحقات مرض، ومستحقات التشغيل في يوم الراحة، وبدل ساعات إضافية، وتأمين تقاعدي وصحي وهي أمور يتم حجبها عن عمال غزة.
ولطالما انتقدت أوساط نقابية فلسطينية معاناة العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل من غياب تدابير السلامة والتأمين المناسبين، لاسيما فيما يتعلق بالأجور وساعات العمل.
ويقول مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنس الجرجاوي إن السلطات الإسرائيلية تمنح عددا محدودا جدا من العمال تصاريح بعد فحص أمني مطول، مع إلغاء شبه كامل لحقوقهم المستحقة سواء على صعيد التأمين الصحي والتعويضات والمكافآت والأتعاب وغيرها من الحقوق المنصوص عليها في القانون الإسرائيلي.