تشييع حسن نصرالله: حزب الله يسعى لاستنهاض شعبيته

تشييع جثمان نصرالله أول حدث جماهيري ينظّمه حزب الله منذ بدء المواجهة المفتوحة مع إسرائيل.
الجمعة 2025/02/21
التشييع خسارة وليست نصرا

بيروت - يستعدّ حزب الله لتشييع أمينه العام السابق حسن نصرالله الأحد، بعد قرابة خمسة أشهر على مقتله بغارات إسرائيلية مدمّرة على ضاحية بيروت الجنوبية، في مراسم حاشدة يتوقع أن تشكّل مناسبة للاستفتاء على شعبيته بعد انتكاسات متلاحقة.

ويرى محللون أن الأعداد الضخمة التي تُتوقع مشاركتها في مراسم التشييع لا تمثل دليلا على شعبية الحزب التي سيقررها في نهاية المطاف مدى التزامه بتعويض بيئته الشيعية عن خسائره في جنوب لبنان.

ولا يبدو الحزب أو داعمته إيران قادرين على الالتزام بوعودهما في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها طهران وخسارة الحزب للممرات البرية مع سوريا والتي كانت تستخدم كمعابر للأموال والسلاح.

وقتل حسن نصرالله عن 64 عاما بضربة إسرائيلية استخدمت فيها أطنان من المتفجرات بينما كان في مقرّه الواقع طبقات عدّة تحت الأرض في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، في 27 سبتمبر 2024.

وكان لقتله وقع الصاعقة لدى مناصرين لم يعرف كثيرون منهم غيره قائدا للحزب الذي مني بخسائر كبيرة خلال أكثر من عام من مواجهة دامية مع إسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة بين الدولة العبرية وحركة حماس.

التزام الحزب بتعويض بيئته عن الخسائر في الجنوب هو الذي يحدد شعبيته لا الأعداد الضخمة التي يتوقع مشاركتها في التشييع

وتبدأ مراسم التشييع الأحد عند الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرينيتش في مدينة كميل شمعون الرياضية في جنوب بيروت.

ويتوقّع أن تستغرق نحو ساعة، على أن يسير المشيّعون بعدها نحو موقع الدفن المستحدث لنصرالله في قطعة أرض تقع بين الطريقين المؤديين إلى المطار الذي أعلنت سلطاته إقفاله لأربع ساعات تزامنا مع التشييع.

ودعا الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم مناصريه إلى “مشاركة واسعة” في المراسم، قائلا “نريد تحويل هذا التشييع إلى مظهر تأييد وتأكيد على الخط والمنهج ونحن مرفوعو الرأس.”

ويستعدّ حسن وهبي (60 سنة) المتخصص في كهرباء السيارات للمشاركة. وقال لوكالة فرانس برس من الضاحية الجنوبية لبيروت “سيكون يوما تاريخيا،” مضيفا “ستكون مشاركتنا حاشدة وسنبرهن للإسرائيلي أننا غير خائفين مهما اشتدت التهديدات.”

ودُفن نصرالله بعد انتشال جثته “وديعة” في مكان لم يعلن عنه، في انتظار إمكان تنظيم تشييع حافل له، فيما كانت الحرب على أشدّها.

وسيشيّع معه القيادي البارز في الحزب هاشم صفي الدين الذي قتل بضربة إسرائيلية في الثالث من أكتوبر في ضاحية بيروت الجنوبية. وقال قاسم إن مراسم تشييع صفي الدين ستحصل على أنه “أمين عام”، كونه كان انتُخب لخلافة نصرالله قبل مقتله.

ومن المقرر دفن صفي الدين الاثنين في مسقط رأسه في بلدة دير قانون النهر في جنوب لبنان.

وتتسّع مدرجات ملعب المدينة الرياضية لأكثر من 50 ألف شخص، لكن يُقدّر أن يحتشد عشرات الآلاف في الشوارع والمحيط للمشاركة في المسيرة.

وستتخلّل مراسم التشييع التي تجري ضمن تدابير أمنية مشددة يتخذها الحزب والقوى الأمنية اللبنانية، كلمة لنعيم قاسم.

ومن المتوقّع أن تشلّ مراسم التشييع البلاد مع تدفّق مناصري حزب الله إلى بيروت من مناطق عدة، وتعليق الرحلات الجوية من الساعة الثانية عشرة ظهر الأحد (10,00 ت غ) حتى الساعة 4,00 من بعد ظهر اليوم نفسه.

شخصية مؤثرة

ودعت السفارة الأميركية رعاياها إلى تجنب المنطقة حيث تقام مراسم التشييع، بما فيها المطار.

وعلى طريق مطار بيروت القريب جدا من مكان التشييع، انتشرت رايات حزب الله الصفراء وصور نصرالله وصفي الدين.

ودعا الحزب المسؤولين اللبنانيين إلى الحضور، فيما اعتذر كل من الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري و رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة عن الحضور.

وأحصت اللجنة العليا لمراسم التشييع الأسبوع الماضي مشاركة “نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية.”

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي الإثنين إن بلاده ستشارك في التشييع “على مستوى رفيع”، من دون تفاصيل أخرى.

ومن المتوقّع أن يشارك في المراسم أيضا ممثلون عن الفصائل العراقية الموالية لإيران وحلفاء حزب الله ضمن ما يعرف بـ”محور المقاومة” الذي تقوده طهران.

وزادت الخطوط الجوية العراقية وشركة طيران الشرق الأوسط عدد رحلاتهما هذا الأسبوع بين بغداد وبيروت قبيل التشييع مع ارتفاع الطلب عليها.

الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم يدعو مناصريه إلى "مشاركة واسعة" في المراسم، قائلا "نريد تحويل هذا التشييع إلى مظهر تأييد وتأكيد على الخط والمنهج ونحن مرفوعو الرأس"

ويشكّل تشييع نصرالله الأحد أول حدث جماهيري ينظمّه الحزب منذ بدء المواجهة المفتوحة مع إسرائيل التي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار بدأ تطبيقه في 27 نوفمبر.

وأضعفت الحرب الحزب الى حدّ بعيد، بعد أن دمّرت إسرائيل جزءا كبيرا من ترسانته، وقضت على عدد كبير من قادته. وانعكس ذلك أيضا في الداخل، بعد أن كان حزب الله القوة العسكرية والسياسية الأبرز في البلاد.

ويقول الباحث في مركز “أتلانتيك كاونسيل” للأبحاث والخبير في شؤون حزب الله نيكولاس بلانفورد “من الواضح أنه من المهم جدا لحزب الله على ضوء الضربات التي تلقاها خلال الأشهر القلية الماضية أن يتمكن من إثبات أنه لم يتراجع وما زال قوة شعبية داخل الطائفة الشيعية وسيكون التشييع الفرصة المناسبة لذلك.”

وشارك “السيد” نصرالله، رجل الدين الشيعي المعمم ، في تأسيس حزب الله عام 1982 وتولّى أمانته العامة خلال 32 عاما، وكان يتمتع بهالة كبيرة لدى مناصريه إلى حدّ ظنّ كثيرون أنه لا يُمسّ.

وطوّر الحزب تحت قيادته، قدراته العسكرية، بدعم رئيسي من طهران التي تمدّه بالمال والسلاح، وبنى منظومة شاملة تضم مؤسسات تربوية واجتماعية وصحية.

واكتسب نصرالله مكانة كبيرة أيضا في العالم العربي، إثر انسحاب إسرائيل من لبنان في العام 2000 بعد احتلال دام نحو عشرين عاما، وإن تراجعت شعبيته بعد انخراط حزبه في النزاع السوري إلى جانب قوات بشار الأسد.

ويعتبر أحمد حلاني (35 عاما) أن “المشاركة في التشييع واجب ديني وشرعي وأخلاقي،” ويضيف “السيد قائدنا وقائد انتصاراتنا، وسنبقى خلفه حيا كان أم ميتا.”

6