تشكيل حكومة جديدة يمهد الطريق لإنهاء الأزمة السياسية في الكويت

مرزوق الغانم في موقف محرج أمام الشيخ أحمد النواف.
الاثنين 2023/04/10
الشيخ أحمد النواف يعود من منطلق قوة

وضع الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح حدا لحالة الضبابية بإعلانه عن تشكيل الحكومة الجديدة، لتنصب الأنظار على الخطوة التالية في علاقة بكيفية التعامل مع مجلس الأمة العائد، وهل سيسمح الشيخ أحمد النواف باستمراره إلى حين انتهاء ولايته، أم سيتجه نحو خيار الحل.

الكويت - لاقى صدور مرسوم أميري بتشكيل حكومة جديدة تحت رئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، ارتياحا كبيرا في الكويت، حيث إن الخطوة من شأنها أن تفتح الباب أمام إنهاء الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد على إثر قرار المحكمة الدستورية إبطال مجلس الأمة 2022 وإعادة مجلس 2020.

وشهدت الكويت طيلة الأسابيع الماضية حالة من الضبابية والغموض، في ظل حديث عن صراع أجنحة محتدم داخل الأسرة الحاكمة بعد القرار القضائي، وتسريبات تحدثت عن إمكانية تقدم الشيخ أحمد النواف باعتذاره عن تشكيل الحكومة التي كلف بها في مارس الماضي.

ويرى مراقبون أن إعلان التشكيل الحكومي يشكل إحراجا كبيرا لبعض الأطراف، ولاسيما لرئيس مجلس الأمة العائد مرزوق الغانم الذي شن مؤخرا هجوما عنيفا وبدا “غير مبرر” على رئيس الوزراء، وذهب حد اعتباره “خطرا على البلاد، ولا يصلح للوظيفة العمومية”، داعيا بشكل غير مباشر إلى تولي “شيوخ أكفاء المنصب”.

أحمد الديين: الحكومة الجديدة تراهن على عودة برلمان 2022
أحمد الديين: الحكومة الجديدة تراهن على عودة برلمان 2022

وشهدت التشكيلة الحكومية الجديدة للشيخ أحمد النواف مغادرة ستة وزراء في الحكومة السابقة، فيما شملت تعيين مناف الهاجري وزيرا للمالية مع بقاء بدر الملا وزيرا للنفط.

وتعد تسمية الملا، وهو “عضو في مجلس الأمة 2020” إقرارا ضمنيا لرئيس الوزراء بقرار المحكمة الدستورية، وامتثالا لها، على خلاف ما روج له الغانم بأن موقف الشيخ أحمد النواف من مقاطعته أولى جلسات المجلس الأسبوع الماضي، قد يكون على علاقة بتمرد على القرار القضائي.

وبحسب الدستور الكويتي، يجب على التشكيل الحكومي أن يتضمن نائبا أو أكثر من مجلس الأمة يطلق عليه “الوزير المحلل”.

وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن الشيخ طلال الخالد الصباح أعيد أيضا تعيينه نائبا أول لرئيس الوزراء ووزيرا للداخلية ووزيرا للدفاع بالوكالة، كما بقي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح في موقعه وزيرا للخارجية.

وجدّد رئيس الوزراء ثقته في الوزيرتين السابقتين مي البغلي التي احتفظت بمنصب وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون المرأة والطفولة، فيما احتفظت أماني بوقماز بحقيبة الأشغال العامة.

وهذه الحكومة الرابعة التي يشكّلها نجل أمير البلاد منذ تكليفه برئاسة الوزراء لأول مرة في أغسطس 2022.

وتعد لحظة أداء الحكومة الجديدة القسم في مجلس الأمة العائد لحظة فارقة، حيث سينصب الاهتمام حول كيفية تعاطي رئيس الوزراء مع رئيس مجلس الأمة، بعد هجوم الأخير عليه.

وقال أحمد الديين، عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية (يسار) إن تشكيل الحكومة يبدو كأنه “خطوة باتجاه استكمال خطوات أخرى لإنهاء وضع مجلس 2020 المرفوض شعبيا”، معتبرا أن هذا الأمر يمكن أن يتم عن طريق حله مرة أخرى أو “تقديم دعوى أمام القضاء للطعن بصفة أصلية ببطلان حكم المحكمة الدستورية الأخير”.

وأضاف الديين “في الغالب، تشكيل الحكومة يفترض أن يكون في هذا الاتجاه… وما لم يكن كذلك سيواصل البلد الدوران المرهق في الأزمة السياسية التي يعانيها”.

وكان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير أمر بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة العام الماضي بعد أزمة سياسية محتدمة، في محاولة للتغلب على الجمود السياسي بسبب الصدام بين الحكومة ومجلس الأمة، لكن الانتخابات أسفرت عن غالبية من النواب المعارضين.

وقد سجلت في الفترة الأولى من عمر الحكومة حالة تناغم نسبي بينها والمجلس المبطل، قبل أن تتدهور الأمور بينهما على خلفية إصرار نواب على تمرير حزمة من مشاريع القوانين، بينها مشروع يقضي بسداد الدولة لقروض المواطنين، وهو ما رفضته الحكومة بشدة لتقدم استقالتها في يناير الماضي.

وقد أعاد ولي العهد تكليف الشيخ أحمد النواف بتشكيل حكومة جديدة في بداية مارس الماضي، قبل أن تقرر المحكمة الدستورية إبطال المجلس التشريعي وإعادة المجلس السابق، الأمر الذي تسبب في حالة من البلبلة، ودفع على ما يبدو الشيخ أحمد النواف إلى التروي في إعلان التشكيل الحكومي، بحثا عن مخارج دستورية.

ويرى مراقبون أن اللافت في التشكيل الحكومي الجديد أن الشيخ أحمد النواف راعى مواقف النواب المبطلين حيال عدد من الوزراء، حيث لم يقم بإعادة تسميتهم على غرار وزير العدل والأوقاف.

ويشير المراقبون إلى أن الثابت أن رئيس الوزراء لن يذهب باتجاه القبول بمواصلة المجلس العائد إلى حين اكتمال ولايته المفترض أن تنتهي في العام 2024، وأنه سيعمد إلى الدفع باتجاه خطوات حله.

الشيخ أحمد النواف راعى مواقف نواب المجلس المبطل المتحفظة على عدد من الوزراء، حيث لم يقم بإعادة تسميتهم

ويرى المراقبون أن النقطة التي تبدو غير واضحة هي ما إذا كان الانطلاق في إجراءات حل المجلس الجديد سيتم بعد إجراء تعديلات على القوانين الانتخابية، أم أنه سيجري دون ذلك، وهذا الأمر قد يؤدي إلى بطلان جديد من قبل المحكمة الدستورية.

وقال الديين إن الحكومة ضمت عناصر جديدة، مما يعني أنها ليست مؤقتة، معتبرا أن إبعاد عبدالوهاب الرشيد (وزير المالية في الحكومة السابقة) الذي وصفه بأنه كان “عنصر توتر” بين الحكومة ومجلس 2022، يدل على أن الحكومة الحالية تراهن على عودة برلمان 2022.

وأكد الديين أن التحدي الأكبر أمام الحكومة هو “أن تستعيد ثقة الشارع وثقة الناس التي اهتزت بالوضع المؤسسي للدولة ومدى الالتزام بالدستور”. وتابع “الناس فقدت الثقة في السلطة… فقدت الثقة في الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ثم يتم إبطال إرادتهم بأحكام قضائية”.

وتعيش الكويت منذ سنوات صراعا مستمرا بين الحكومات المتعاقبة التي يعينها الأمير أو نائبه وبين البرلمانات المنتخبة، وهو ما عطل مشاريع التنمية وجهود الإصلاح المالي والاقتصادي، الذي تحتاجه البلاد بشدة في ظل تقلب أسعار النفط الذي تعتمد عليه البلاد في تمويل ميزانيتها بنحو تسعين في المئة.

وتعد الحكومة الجديدة هي السابعة في الكويت في ثلاث سنوات والعاشرة منذ العام 2013، إذ استقالت الحكومات السابقة إثر مناكفات سياسية، خصوصا على خلفية طلب نواب استجواب وزراء من الأسرة الحاكمة.

3