تشكيل ائتلاف سني جديد يثير جدلا سياسيا في العراق

بغداد - أعلن في العاصمة بغداد عن تشكيل "ائتلاف القيادة السنية الموحدة" يجمع قيادات سياسية سنية في العراق، وذلك في ظل غياب زعيم حزب "تقدم" رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، ما أثار جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والشعبية حول أهداف هذا التحرك ودوافعه.
ويضم الائتلاف الجديد الذي أعلن عنه تحالف السيادة مساء الثلاثاء، عقب اجتماع مغلق ضم القيادات السياسية في بغداد، كل من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري (أبومازن)، ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي.
وقال تحالف السيادة في بيان عبر صفحته على فيسبوك "سيتم الإعلان في وقت لاحق عن برنامج الائتلاف السياسي الجديد".
وأوضح أن الائتلاف سيأخذ على عاتقه المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد.
ولا يضم الائتلاف الجديد حزب "تقدم" بزعامة الحلبوسي الذي يعد ثاني أكبر كتلة في البرلمان العراقي بواقع 37 مقعدًا من أصل 329 مقعدا نيابيا.
ويرى مراقبون أن التحالف يمثل خطوة مهمة للملمة البيت السني بعد حالة التشظي والانشقاقات التي ضربت أغلب الأحزاب السنية على مدى سنوات، لكن تغييب الحلبوسي عن الاجتماع يكشف عن محاولات لإخراجه من المشهد السياسي بعد أن كان قد شكّل لها خلال السنوات الماضية منافسا شرسا وأظهر قوّة كبيرة مدعومة بشعبيته في عدد من المناطق السنية وعلى رأسها محافظة الأنبار التي سبق له أن قاد حكومتها المحلية في مرحلة حرجة هي مرحلة الخروج من الحرب ضدّ تنظيم داعش التي خلّفت دمارا كبيرا في المحافظة وغيرها من المناطق السنية.
ورغم تهم الفساد الكثيرة التي لاحقته إلاّ أنّه نجح في إطلاق عملية إعادة الإعمار في المحافظة بالإضافة إلى بسط حالة من الهدوء والاستقرار في مناطقها التي سبق لها أنّ مثلّت معاقل رئيسية للتنظيم المتشدّد.
وكان الحلبوسي، جزءاً من تحالف السيادة، يخوض حاليا حالة من التنافس والخلاف مع التحالف نفسه، بعد انفصالهما في وقت سابق.
وبرزت بين الطرفين مناورات إعلامية وتوترات سياسية أثرت على المشهد السني، ما يضيف مزيداً من التعقيد إلى المشهد العام. وأثار تساؤلات واستغراب الكثيرين حول ماهية غايتهم .
ويأتي الإعلان عن تشكيل "ائتلاف القيادة السنية الموحدة"، على خلفية حالة من التدافع التي تعيشها القوى السياسية السنية، والتي تشهد بين الحين والآخر الإعلان عن تكتل سياسي جديد، أو الانشقاق.
وكانت آخر الانشقاقات التي كشف عنها القيادي في تحالف الانبار المتحد محمد الدليمي الاثنين، بأن أعضاء مكتب كتلة عزم في الأنبار أعلنوا انشقاقهم وانضمامهم الى تحالفات سياسية أخرى وسط تلويح بكشف المستور أمام الرأي العام.
وقال الديلمي في تصريح لموقع "المعلومة" العراقي إن "مدير مكتب كتلة عزم في الانبار محمد حميد المحمدي و 10 من قيادات واعضاء الكتلة اعلنوا انشقاقهم من صفوف الكتلة بزعامة مثنى السامرائي بسبب تنصله عن الوعود والخروج عن الالتزامات السياسية والقانونية والأدبية لقيادة الكتلة".
وأضاف أن "المنشقين هددوا بكشف الخروقات والانتهاكات التي مارستها قيادة الكتلة للنظام الداخلي والالتزامات التي قطعتها قيادة الحزب في تحقيق وعودها"، مبينا أن" الايام القليلة المقبلة ستشهد انسحاب وجبة اخرى من قادة وأعضاء الحزب على خلفية نشوب خلافات بين السامرائي وقيادات الكتلة بعد كشفه عقد صفقات مادية مع الخصوم مقابل حصوله على مبالغ مالية ضخمة
وتابع أن" السامرائي حول مقر الكتلة الى بورصة لبيع المناصب ما ادى الى انهيار الحزب في محافظة الأنبار".
وفي منتصف في منتصف ديسمبر الماضي جرى الإعلان عن تشكيل حزب "الصرح الوطني" برئاسة مصطفى عياش، والذي ضم قيادات سابقة في تحالف السيادة.
وأظهر حزب الصرح، تقارباً مع رئيس حزب "تقدم"، الذي يخوض حالة تنافس وخلاف مع تحالف السيادة، بعد أن كانا يجتمعان في تحالف واحد، قبل أن ينفصلان ويدخلان في توتر شهد مناوشات إعلامية، خصوصاً على مستوى رئيسي القطبين السياسيين.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر "أن الخطوة وإن كانت متأخرة، إلا ان تشكيل مرجعية سياسية سنية تحت عنوان ائتلاف القيادة السنية الموحدة فرصة لمعالجة الكثير من الاخطاء السابقة وإيجاد حلقة وصل ثابتة بين بقية مكونات المشهد السياسي في البلاد.
وأضاف في منشور له عبر صفحته على فيسبوك "هذا ما سيخلق صفة معنوية جديدة أكثر ثقة للمكون السني الذي شظته السياسات الخاطئة والتفرد بالقرار التي سيعالجها ائتلاف القيادة الموحدة لما يمتلك من شخصيات حقيقية ودعم جماهيري كبير ومرونة في التعاطي مع جميع المواقف وتأثير إقليمي منقطع النظير".
ويأتي الإعلان عن هذا التحالف السني الجديد استعدادا لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام الجاري، وسط معركة سياسية محتدمة بين الحلبوسي ومعارضيه من القوى والتكتلات السنية التي تسعى إلى تحجيمه وافتكاك مناطق تحسب على حزبه.
وأكد أمين عام تيار بيارق الخير، محمد الخالدي، الثلاثاء، أن أغلب القوى السنية تعاني من التفكك لأسباب متعددة، مرجحا اختفاء العديد من العناوين السياسية قبل انتخابات 2025.
وقال الخالدي في تصريح لموقع "المعلومة إن "المشهد العام للقوى السنية السياسية يعكس علامات واضحة على الضعف والخلافات الحادة، وهي أقرب إلى كونها مفككة"، لافتًا إلى أن "العديد من العناوين السياسية ستختفي قبل الانتخابات المقبلة بسبب إخفاقها في تحقيق وعودها السابقة لجمهورها".
وأضاف أن "عددًا غير قليل من القوى السياسية السنية فشلت في تلبية تطلعات ناخبيها خلال انتخابات 2021، ما يعني أن العودة بنفس العناوين في انتخابات 2025 ستؤدي إلى تراجع فرصها في تحقيق أي نجاحات تُذكر".
وأشار الخالدي إلى أن "الفترة المقبلة ستشهد ولادة عناوين سياسية جديدة، لكنها ستكون غالبًا نتاج محاولات من شخصيات كانت ضمن تكتلات متفرقة لإعادة تجميع نفسها ضمن تيارات جديدة استعدادًا لخوض الانتخابات المقبلة".
وأوضح أن "فشل العديد من القوى السياسية في تحقيق أي إنجاز ينعكس بشكل أساسي على غياب الرؤية والاستراتيجية في إدارة الملفات المهمة، إلى جانب الابتعاد عن تلبية احتياجات المواطن لصالح المصالح السياسية والشخصية، وهو أمر بات واضحًا في العديد من المحافظات".
وتعد انتخابات 2025 المقبلة محطة مهمة ستكشف مدى قدرة القوى السياسية على الحفاظ على المكاسب التي حققتها في انتخابات 2021.