تسريبات لوقائع تعذيب بسجن في شرق ليبيا تحرج حفتر

البعثة الأممية تدعو إلى تحقيق فوري بشأن مقاطع فيديو متداولة تظهر سوء معاملة معتقلين في مركز احتجاز قرنادة.
الأربعاء 2025/01/15
مشاهد تعذيب أعادت للأذهان سجن صيدنايا السوري

طرابلس – أثارت تسريبات لمقاطع فيديو، قيل إنها من داخل سجن قرنادة الواقع شرق ليبيا، تظهر عمليات تعذيب واعتداء وتنكيل وحشية يتعرض لها المعتقلون، انتقادات دولية ومحلية، أحرجت القيادة العامة للجيش الليبي، التي تسيطر على هذه المنطقة.

وكانت مقاطع الفيديو المسربة، التي جرى تداولها على نطاق واسع، منذ الاثنين أثارت موجة غضب عارمة داخل البلاد، ودفعت تلك المشاهد المروعة التي شبهها البعض بما حدث في سجن صيدنايا السوري، إلى مطالبات محلية ودولية بفتح تحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين.

وعبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الثلاثاء عن قلقها إزاء ما وصفته بمقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر "تعذيبا وحشيا وسوء معاملة" لمعتقلين في مركز احتجاز قرنادة في شرق ليبيا.

ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من موقع أو تاريخ اللقطات، لكن التفاصيل المعمارية التي ظهرت في المقاطع، بما في ذلك نوع البلاط على الأرض والرسوم على الجدران وقضبان الزنازين، تتماشى مع صور السجن من تقارير مؤكدة.

وقالت البعثة في بيانها "في وقت تواصل فيه البعثة التحقق من ملابسات المقاطع المتداولة، فإنها تندد بشدة بهذه الأفعال التي تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وقالت البعثة إن اللقطات تتسق مع ما وصفتها بأنها "أنماط موثقة لانتهاكات حقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز في أنحاء ليبيا".

ودعت إلى إجراء تحقيق فوري في الاتهامات، مضيفة أنها تنسق مع القيادة العامة للجيش الوطني الليبي من أجل "الوصول دون قيود لموظفي حقوق الإنسان التابعين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وغيرهم من المراقبين المستقلين إلى منشأة قرنادة وكذلك مراكز الاحتجاز الأخرى الخاضعة لسيطرتها".

ودخلت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها على خط التسريبات، حيث أدانت على لسان وزارة العدل التابعة لها، الثلاثاء، ما سمّته "استمرار ممارسات التعذيب والإخفاء القسري"، ورأت أن "هذه الانتهاكات تمثل جريمة ضد الإنسانية، وخرقاً للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".

وعدّ حقوقيون وسياسيون دخول وزارة العدل بحكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة على خط أزمة التسريب أنه يأتي في إطار "المناكفات السياسية"، مشيرين إلى أن أوضاع السجون في غرب ليبيا ليست أفضل حالاً من شرقها، بغض النظر عن أن التسريبات التي خرجت من قرنادة "قديمة".

غير أن الحديث عن سجن قرنادة، وما يشهده من أعمال تعذيب أعاد الحديث عن بقية السجون الليبية، وما يرتكب فيها من انتهاكات بحق الموقوفين، من بينها معيتيقة، والهضبة، وصرمان.

وزادت وزارة العدل مناكفتها لغريمتها في شرق ليبيا، بالدعوة إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن جميع المعتقلين والمختفين قسريا، وفتح تحقيق "شفاف" في هذه "الممارسات البشعة" لمحاسبة المسؤولين عنها، كما شددت على ضرورة "وضع حد" لأشكال التعذيب، والمعاملة الإنسانية في السجون ومراكز الاحتجاز، وضمان احترام الكرامة الإنسانية وفقاً للمعايير الدولية.

وانتهت وزارة العدل بحكومة الدبيبة بالتأكيد على "مواصلة الجهود لحماية حقوق الإنسان، ومكافحة أشكال الانتهاكات التي تستهدف كرامة الإنسان وحقه في الحياة بحرية وأمان".

وفي وقت سابق، قالت منظمة رصد الجرائم في ليبيا، في بيان، إنها تأكدت من صحة مقاطع الفيديو المتداولة، مشيرة إلى أن مكان وقوع التعذيب تم تحديده في الطابق الأرضي من سجن قرنادة الذي يعرف بـ"عنبر إدارة السجن".

واعتبرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أن هذه الواقعة تشكل "جريمة يعاقب عليها القانون، ومخالفة جسيمة لصلاحيات ومهام واختصاصات الأجهزة الأمنية، وإساءة لاستعمال السلطة".

وطالبت المنظمة، في بيان، مكتب النائب العام ومكتب المدعي العام العسكري بفتح تحقيق شامل في ملابسات واقعة التعذيب المبرح للسجناء والمعتقلين بسجن قرنادة، وإنزال أشد العقوبات على المتهمين فيها.

وأوقفت الشرطة العسكرية التابعة للقيادة العامة في ليبيا 7 عناصر من سجن قرنادة و"كتيبة طارق بن زياد" للتحقيق.

ويرى مراقبون أن التحقيق الجاري قد يمثل خطوة أولى نحو كشف ملابسات القضية ووضع حد لهذه الانتهاكات.

وتشهد ليبيا حالة من الفوضى وانعدام القانون بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي الاستبدادي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011.