تزايد حالات الإصابة بأمراض السرطان بين الأشخاص الأقل من 50 عاما

أسرع زيادة تم تسجيلها كانت في أعداد الإصابة بسرطان القصبة الهوائية والبروستاتا.
الثلاثاء 2023/09/19
التشخيص المبكر قد يجنب الالتجاء إلى الجراحة

يتوقع خبراء الصحة ارتفاع عدد المصابين بالسرطان من الفئة العمرية الأقل من 50 عاما وحالات الوفاة المرتبطة بها بحلول 2030، مقترحين إجراءات كشف مبكر مخصصة لهذه الفئة العمرية. ويفيد الكشف المنتظم عن السرطان في البحث عن مؤشرات وجود المرض رغم غياب أي أعراض. وتعود معظم حالات الوفاة المسجلة إلى سرطانات الثدي والقصبة الهوائية والقولون والمعدة.

برلين ـ ارتفعت حالات الإصابة بالسرطان في أنحاء العالم بين من يبلغون من العمر أقل من 50 عاما، بنسبة 80 في المئة تقريبا خلال ثلاثة عقود منذ عام 1990. وقالت مجموعة بحثية دولية لدورية بي.جي لعلم الأورام إن معظم حالات الإصابة التي تم تسجيلها خلال عام 2019 كانت بسرطان الثدي.

وأشار الباحثون إلى أن أسرع زيادة تم تسجيلها خلال الثلاثة عقود الماضية كانت في أعداد الإصابة بسرطان القصبة الهوائية والبروستاتا، في حين تراجع عدد حالات الإصابة بسرطان الكبد لمن هم أقل من 50 عاما بنحو 3 في المئة.

ومن أجل تحليلهم، استخدم الفريق البحثي في المملكة المتحدة بقيادة شوي لي من جامعة جيجيانج للطب في الصين نسخة عام 2019 من سلسلة دراسة “جلوبال باردن اوف ديزيس” (العبء العالمي للمرض).

مُعدّو الدراسة الدراسة أرجعوا الزيادة التي تم رصدها إلى تحسن نظام الكشف المبكر عن المرض في الدول الصناعية

وتحتوى هذه الدراسة على معلومات تم جمعها ما بين 1990 و2019 بشأن 29 نوعا من السرطان في 204 دول، وتركز على من تتراوح أعمارهم من 14 حتى 49 عاما. ووفقا للتقرير، تم تسجيل 3.26 مليون حالة إصابة جديدة بالسرطان بينها خلال عام 2019، بارتفاع بنسبة 79 في المئة مقارنة بعام 1990. وأرجع واضعو الدراسة الزيادة التي تم رصدها إلى تحسن نظام الكشف المبكر عن المرض في الدول الصناعية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام الغذائي غير الصحي وشرب الكحوليات وتدخين التبغ وعدم ممارسة الرياضة والبدانة وارتفاع مستوى السكر في الدم، من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالسرطان بجانب العوامل الوراثية.

وتوقع الأطباء بناء على تحليلهم أن ترتفع حالات الإصابة الجديدة بالسرطان وحالات الوفاة المرتبطة بها بين من هم أقل من 50 عاما في أنحاء العالم بنسبة 31 في المئة بالنسبة لحالات الإصابة و20 في المئة بالنسبة لحالات الوفاة بحلول 2030، حيث سوف يكون الأشخاص الذين يبلغون من العمر أكثر من 40 عاما هم الأكثر عرضة للخطورة.

وبالنظر لتطور حالات الإصابة والوفاة بالمرض ما بين 1990 و2019، يظهر أن من بين الفئة العمرية التي خضعت للدراسة، كان الأكثر إصابة هم من يبلغون من العمر ما بين 40 و49 عاما.

وفي تعليق له صلة بالأمر، اقترح الباحثان أشليج هاملتون وهيلين كوليمان من جامعة كوينز في بلفاست تطبيق إجراءات كشف مبكر مخصصة لهذه الفئة العمرية.

ااوبالنسبة للباحثين هاملتون وكوليمان، توضح نتائج الدراسة كيفية رصد السرطانات في مجموعات الفئة العمرية الأصغر سنا، وقالا “من المهم توعية العامة والعاملين في مجال الرعاية الصحية على السواء بشأن احتمالية إصابة البالغين الأصغر سنا بسرطانات معينة لإتاحة الفرصة لإجراء تشخيص مبكر، وهو ما من شأنه أن يؤدي بدوره إلى تحسين النتائج”.

وكتب الباحثان أن هناك حاجة ملحة إلى إجراءات الوقاية والكشف المبكر، حيث إنها تحدد إستراتيجيات العلاج المثالية: إذ إن المرضى الأصغر سنا لهم احتياجات رعاية ودعم مختلفة.

وقد أصيب أكثر من مليون شخص أقل من 50 عاما بالسرطان خلال عام 2019، بزيادة بنحو 28 في المئة مقارنة بعام 1990. وترجع معظم حالات الوفاة إلى سرطانات الثدي والقصبة الهوائية والقولون والمعدة، في حين ارتفعت حالات الوفاة بسرطان الكلى والمبايض بأكبر نسبة.

ومن الناحية الجغرافية، تم تسجيل أعلى معدلات إصابة بالسرطان في أميركا الشمالية وأستراليا وأوروبا الغربية، ولكن الدول المنخفضة إلى متوسطة الدخل سجلت أيضا زيادة في حالات الإصابة، خاصة بين النساء. وأوضح واضعو الدراسة أنه بسبب اختلاف جودة بيانات تسجيل حالات الإصابة بالسرطان في الدول المختلفة، ربما لا يتم تسجيل جميع حالات الإصابة بالسرطان.

ويشار إلى أن نتائج الدراسة لا تنطبق على جميع دول العالم بصورة متساوية، ويقول فولكر أرندت من مركز بحوث السرطان في ألمانيا “لم يتم رصد زيادة في حالات الإصابة الجديدة بالسرطان بين من هم أقل من 50 عاما في ألمانيا خلال الـ20 عاما الماضية”.

3.26

مليون حالة إصابة جديدة بالسرطان بينها خلال عام 2019، بارتفاع بنسبة 79 في المئة مقارنة بعام 1990

مع ذلك، فإنه حتى في الدول التي لا تسجل ارتفاعا في حالات الإصابة بالسرطان إجمالا، هناك ارتفاع في حالات الإصابة بأنواع معينة من السرطان تشمل الجلد والثدي والبروستاتا والغدة الدرقية في الفئة العمرية من 15 حتى 49 عاما، مما يشير إلى زيادة معدل التشخيص.

وتشير الأبحاث إلى أن هناك بعض التغييرات الحياتية، مثل الإقلاع عن التدخين وتجنب التعرض الشديد للشمس واتباع حمية غذائية متوازنة، التي يمكن أن تفيد في الحد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. وبالمقابل، هناك أيضا عوامل خطورة أخرى لا يمكن السيطرة عليها، مثل التقدم بالعمر والتاريخ العائلي والعوامل الجينية. لكن ذلك لا يعني أنه من المحتم على جميع الأشخاص الإصابة بالسرطان، بل من المهم بذل كل الجهود الممكنة للوقاية من هذا المرض وإجراء الفحوصات الطبية الدورية وتجنب كل ما من شأنه أن يزيد خطر الإصابة به.

يفيد الكشف المنتظم عن السرطان في البحث عن مؤشرات وجود المرض رغم غياب أي أعراض، وهو خطوة وقائية مهمة تعزز من إمكانية اكتشاف السرطان في مرحلة مبكرة، وتزيد احتمال نجاح العلاج، كما تحد من احتمال الحاجة إلى الجراحة أو التدخلات الطبية الأخرى.

ويوضح الدكتور ستيفن غروبماير، رئيس معهد الأورام في كليفلاند كلينك أبوظبي، أن “الكشف المبكر عامل مهم جدا لنجاح العلاج في الكثير من أنواع السرطان”، ويقول “هناك الكثير من الفحوصات المتوفرة للكشف عن السرطان قبل ظهور أي أعراض بفترة طويلة، وعندها يكون علاجه أسهل بكثير”.

ويضيف أن “اكتشاف المرض مبكرا يزيد فرصة الشفاء التام لدى المرضى. ولإدراك مدى أهمية ذلك، يكفي التمعن في الأرقام، إذ تظهر الإحصائيات أن الكشف المبكر يفيد في إطالة عمر 90 في المئة من المرضى الذين يعانون من سرطان المثانة والثدي والمبيض بنحو 5 سنوات، مقارنة بالمرضى الذين يكتشفون المرض في مراحل متأخرة”. وينصح الخبراء بإجراء الفحوصات الدورية للكشف عن الأنواع الشائعة من السرطان.

15