تزايد الضغوط على منتجي النفط يقرّب اتفاق أوبك++

لندن – بدا واضحا أن هامش المناورة يضيق على الدول المنتجة للنفط بسبب استمرار تهاوي الأسعار وارتفاع الخسائر، خاصة أن عدة دول منتجة تبني موازناتها على عائدات النفط، ما جعلها في موقف صعب وهي تواجه وباء كورونا كونه الأزمة الأكثر حدة، والتي تتطلب إنفاقا كبيرا لشراء المعدات الكافية، ما يسرّع باتفاق عاجل في أول اجتماع يوسع دائرة الشركاء والمساهمين في التحالف الجديد أوبك++.
وأشار وزير الطاقة الأميركي دان برويليت الاثنين إلى أنه بعد حديثه إلى وزيري الطاقة السعودي والروسي يأمل أن ينهي البلدان حربهما على الحصص بسوق النفط الأسبوع الجاري.
وقال الوزير لشبكة فوكس بيزنس “سيجتمعان في وقت لاحق من هذا الأسبوع (اجتماع الخميس) ونأمل أن ينهيا الخلاف الذي بدأ قبل حوالي أسبوعين أو ثلاثة”.
وانخفضت أسعار النفط بعدما تهاوى الطلب بفعل التباطؤ الاقتصادي العالمي وسط تفشي فايروس كورونا ومع ضخ السعودية وروسيا النفط بكامل طاقتهما في حرب على حصص السوق.
ويعني انخفاض سعر النفط أن عددا كبيرا من منتجي النفط الصخري ذوي المديونيات العالية مهددون بالإفلاس والعاملين في القطاع مهددون بفقد وظائفهم.
ويعتقد خبراء في مجال النفط أن الدول المنتجة لم تعد قادرة على تحمل خسائر تهاوي الأسعار، ولذلك ستبحث عن اتفاق حتى وإن لم يرض رغباتها في الحصص، خاصة أن الأزمة قد تستمر طويلا في ظل تراجع الطلب الناجم عن توقف أنشطة اقتصادية رئيسية عن العمل بسبب اتساع تدابير الحجر الصحي الصارمة عبر العالم بمواجهة تفشي الفايروس.
ويشير هؤلاء إلى ضغوط أخرى تتعلق بالإنتاج ذاته، منها أنه إذا امتلأت الخزانات، فإن الكثير من الآبار ومحطات الإنتاج ستضطر إلى التوقف، خاصة أن الحقول القديمة، وهي أغلب حالات حقول النفط في العالم، سوف تفقد الضغط الحالي، ما يؤدي إلى تراجع كبير في الإنتاج، لافتين إلى أن ما يبدو تخمة نفطية الآن قد يتحول إلى نقص في المستقبل.
ومن الواضح أن التحركات الأميركية الأخيرة، والتي ساهمت في تقريب وجهات النظر بين روسيا والسعودية، تعود إلى استشعار للأخطار على الاقتصاد الأميركي، حتى لو بدا إغراق الأسواق في البداية وكأنه حاجة أميركية تتعلق بالضغط على روسيا في ملفات غير نفطية.
ووجد الروس أن المبادرة الأميركية لجَسر خلافهم مع السعودية بمثابة قشة النجاة متخلين عن منطق المكابرة والإيحاء بأن الاقتصاد الروسي قادر على الصمود، وأن موسكو لديها من احتياطيات العملة الصعبة ما يمكنها من التجاوب مع أوضاع السوق لأشهر.
وصرح مفاوض روسي كبير في مجال النفط لتلفزيون سي.أن.بي.سي الاثنين بأن السعودية وروسيا “قريبتان جدا” من اتفاق لخفض إنتاج النفط لتقليص تخمة السوق العالمية، لكنْ لا تزال تفاصيل مثل كيف سيجري تقاسم تخفيضات الإنتاج غير واضحة قبيل المحادثات المزمعة في وقت لاحق من الأسبوع.
وقال مصدران روسيان لرويترز إن روسيا مستعدة لخفض كبير جدا في إنتاجها النفطي لدعم أسواق الخام الضعيفة، لكنهما لم يذكرا أرقاما محددة.
وأضاف المصدران، أحدهما في الحكومة والآخر في صناعة النفط تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن تخفيضات إجمالية قدرها 10 ملايين برميل يوميا تم اقتراحها حتى الآن ربما تكون غير كافية لتحقيق استقرار سوق النفط العالمية بالنظر إلى ضعف الطلب في أعقاب إجراءات العزل العام حول العالم لكبح انتشار فايروس كورونا المستجد.
وكان اتفاق بخصوص الإمدادات بين أوبك وروسيا ومنتجين آخرين، في إطار المجموعة التي تعرف بأوبك+، والذي دعم أسعار النفط لثلاث سنوات، قد انهار في مارس بينما يتراجع الطلب بفعل جائحة فايروس كورونا.
وتبادلت السعودية وروسيا الاتهامات بشأن الفشل في التوصل إلى حل وسط ونشبت بينهما معركة على الحصص السوقية أدت إلى تراجع أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ 20 عاما مما أنهك ميزانيات الدول المنتجة للخام وألحق الضرر بالمنتجين مرتفعي التكلفة في الولايات المتحدة.
وقال كيريل ديمترييف، أحد كبار المفاوضين الروس في مجال النفط والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، الصندوق السيادي للبلاد، لتلفزيون سي.أن.بي.سي “أعتقد أن السوق بأسرها تدرك أن هذا الاتفاق مهم وسيحقق قدرا كبيرا من الاستقرار، وهو استقرار مهم جدا للسوق، ونحن قريبون جدا”.
وكان ديمترييف أول من تحدث على الملأ الشهر الماضي عن الحاجة إلى اتفاق إمدادات أوسع، يمكن أن يضم منتجين من خارج أوبك+.
ويعقد وزراء الطاقة من مجموعة العشرين وأعضاء ببعض المنظمات الدولية الأخرى مؤتمرا بالفيديو تستضيفه السعودية الخميس في إطار مساع لحمل الولايات المتحدة على المشاركة في اتفاق جديد لخفض الإنتاج.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قاد محاولات التقريب، إن الاتفاق قد يؤدي إلى خفض بنسبة عشرة إلى 15 في المئة من الإمدادات العالمية، لكن محللين يقولون إنه حتى خفض كبير كهذا لن يحل مشكلة تخمة المعروض الحالية.
لكن المحلل لدى “آي جي” كريس بوشان يحذّر من أن “فرص التوصل إلى اتفاق تبدو ضعيفة” والسوق “تستعد لخيبة أمل أليمة قد تبدد المكاسب المسجلة في الساعات الـ48 الأخيرة”.