تريد نشر محتوى فلسطيني في فيسبوك المنحاز؟ تعلم كيف تتجاوز رقابته

كرّ وفرّ بين الفلسطينيين وخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي.
الثلاثاء 2021/05/11
امتلاك تقنيات الدعاية مهم

الفلسطينيون يخوضون مواجهة إلكترونية بموازاة مواجهات ميدانية مع الجيش الإسرائيلي لنشر رواياتهم للعالم بسبب انحياز شبكات مواقع التواصل الاجتماعي ضد المحتوى الفلسطيني.

القدس - يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام تحدي نشر محتوى ذكي لا تمحيه خوارزميات فيسبوك لأنه “مخالف لقواعد النشر”.

ويخوض الفلسطينيون بموازاة مواجهات ميدانية مع الجيش الإسرائيلي في القدس معركة أخرى شرسة على شبكات التواصل الاجتماعي بسبب انحيازها ضد المحتوى الفلسطيني ومحاربته.

وتفوق نشطاء ومؤثرون في تغطية الاعتداءات الإسرائيلية في القدس، إذ وثقوا بالصوت والصورة في بث مباشر تدخلات الجيش الإسرائيلي، ونقلوا حواراتهم إلى كل المنصات بالوصف والتحليل، واستضافوا شخصيات من كل التوجهات دون الحاجة لأي قرار تحريري.

يذكر أن التلفزيون الرسمي الفلسطيني كان خارج التغطية إذ تجاهل أحداث المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وقام بعرض مسلسلات الدراما الرمضانية. وسخرت مغردة:

ورغم أن تجربة النشطاء، خاصة أولئك الذين يمتلكون أعدادا كبيرة من المتابعين، وهم يحاولون نقل ما يجري على الأرض لا تخلو من محاذير مهنية في مقدمتها عدم توفر الكثير منهم على آليات التحقق من الأخبار ومن الصور ومقاطع الفيديو، فقد استطاع الصوت الفلسطيني أن يبرز على المنصات الاجتماعية قبل أن تتدخل خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي لإعاقة المحتوى الفلسطيني.

وأطلق الفلسطينيون فيض هاشتاغات حجب أغلبها على غرار #القدس_تنتفض و#أنقذوا_حي_الشيخ_جراح و#اقتحام_28_رمضان و#الأقصى و#أنا_عقبة وغيرها.

واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس وهي متورطة بدورها مع السلطة الفلسطينية في ملاحقة الفلسطينيين والتجسس عليهم على مواقع التواصل الاجتماعي إدارات مواقع فيسبوك وتويتر وإنستغرام بـ”ملاحقة المحتوى الفلسطيني وحذف عشرات من الحسابات” متهما إدارات هذه الشبكات بـ”التواطؤ مع الاحتلال في ملاحقة المحتوى الفلسطيني”.

وفهمت إسرائيل مبكرا نسبيا مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الرأي العام العالمي.

ومنذ 2016 استطاعت ترويض “الوحش” إذ منح فيسبوك إسرائيل مكانة الرقيب على مضامين المواد التي ينشرها الفلسطينيون. وبنى فيسبوك خوارزمية تحذف عددا كبيرا من منشورات الفلسطينيين إذا جاءت فيها مصطلحات معينة دون النظر حتى إلى السياق الذي ترد به هذه المصطلحات.

ونظرا لكون فيسبوك المنصّة الأكثر شعبيّة وانتشارا بين الفلسطينيين، فإنّ قراراتها في ما يتعلّق بإدارة المحتوى تستطيع أن تؤثّر بشكل هائل على قدرة الفلسطينيين على نقل روايتهم للعالم.

حقيقة ملاحقة المحتوى الفلسطيني من فيسبوك وتويتر
حقيقة ملاحقة المحتوى الفلسطيني من فيسبوك وتويتر

من جانبها تحثّ إسرائيل فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي  الأخرى على تبني مصطلح اللاسامية على اعتبار أنّه “مصطلح حيادي وعملي” الذي صيغ عام 2005 من قبل المركز الأوروبي لرصد العنصرية ورهاب الأجانب وتبناه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست عام 2016، وتبنّته دول كثيرة هي جزء من هذا التحالف وأدرجته في منظوماتها السياسية والقانونية ويربط معاداة الصهيونية باللاسامية.

كما عينت شبكة فيسبوك من بين “حكمائها” الذين يعود إليهم البت في مراقبة المحتوى وتحسين الشفافية على منصتها الإسرائيلية إيمي بالمور المديرة العامة السابقة لوزارة القضاء الإسرائيلية التي أنشأت تحت إشراف وزيرة العدل المنتمية لليمين المتطرف إيليت شكد وحدة “سايبر” مختصة في تشديد الرقابة على المنشورات الفلسطينية.

ومنذ أكثر من 4 سنوات يحاول الناشطون الفلسطينيون التحايل على خوارزميات فيسبوك من خلال نشر الكلمات التي تعتبرها إدارة الموقع مخالفة لسياسات النشر منقوصة الحروف أو تتضمن حروفا باللغة الإنجليزية، لكن يبدو أن هذه الحيلة لم تجد نفعا.

واتهمت مؤسسة “إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان” الاسرائيليين بالعمل مع شركة فيسبوك على “محاربة المحتوى الفلسطيني”.

ورغم الانحياز الفاضح هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقع فيسبوك معتبرا أنه لا يفعل ما يكفي لوقف ما سماه “التحريض”.

وفيسبوك ليس الموقع الوحيد الذي يفرض رقابة على المحتوى الفلسطيني إذ أن معظم الشبكات الاجتماعية تحذو حذوه.

وأفاد موقع “موندويس” الأميركي وهو موقع مستقل عبر حسابه على تويتر أن منصتي “إنستغرام وفيسبوك تفرضان رقابة على المنشورات المتعلقة بأحداث الشيخ جراح في القدس منذ الجمعة”.

وقال موقع “نيو برس” الأميركي عبر تغريدة إن “تويتر يحارب المحتوى الفلسطيني الذي يفضح جريمة تهجير الفلسطينيين من حي الشيخ جراح”. مضيفا أن حسابه باللغة الإنجليزية تم تعليقه من قبل إدارة تويتر.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي توالت ردود الأفعال الغاضبة بسبب انحياز الشبكات الاجتماعية إلى الموقف الإسرائيلي في ابتعاد كلي عن الموضوعية. وانتشر هاشتاغ #منصات_التواصل_تحجب_الأقصى.

لكن رغم ذلك يؤكد الخبراء أن “التنديد والوعيد والصراخ ليست حلولا مفيدة في حالة مواقع التواصل الاجتماعي خاصة أنها تصل إلى العرب حصرا”، مؤكدين أنه لتغيير سياسات الشبكات الاجتماعية يجت أن تمارَس ضغوط متكاتفة عبر حملات منظمة.

تصدير مضامين أكثر جدوى
حقيقة ملاحقة المحتوى الفلسطيني من فيسبوك وتويتر

ويعاني المحتوى الفلسطيني من ضعف كبير خاصة باللغة الإنجليزية واللغات الأخرى غير العربية، وفي المقابل فإن إسرائيل تنتج محتوى مؤيد لروايتها بمعظم اللغات الأساسية في العالم.

وبات الفلسطينيون يلجأون إلى تطبيقات صينية مثل “تيك توك” لكن الأمر بدوره حل مؤقت خاصة أن قيادات من وزارات إسرائيلية اجتمعوا مع مديري التيك توك لمحاولة التأثير
عليهم.

ويرى معلقون أن المطلوب من المؤسسات الفلسطينية تصدير مضامين أكثر جودة لا تقع بسهولة في الرصد فتضيع فرصة الانتشار في منصات التواصل الاجتماعي خاصة أن الكتابة بعقلية البروباغندا حتى وإن كانت تقدم حقا لا لبس فيه، ستجد طريقها للحذف الجائر.

وينتقد معلقون في المقابل “ردود الفعل التي قام بها الفلسطينيون والتي تتسم بالتوتر”. ونشر بعض الفلسطينيين صورا ومقاطع فيديو لهم على منصة تيك توك وهم يقومون بـ”الاعتداء على يهود”، وتساءل معلقون عبر العالم “كيف لذلك أن يخدم قضيتهم؟”.

وتنتشر تعليقات موتورة ومتشفية تصنف “إرهابية” لدى مواقع التواصل الاجتماعي، وينجر عنها حذف المنشورات ويقول عنها معلقون إنها تضعف الموقف الفلسطيني لدى الرأي العام العالمي.

ويثني مغردون في المقابل على مقاطع فيديو أصبحت أيقونات يتداولها رواد في تلك الشبكات على مستوى العالم. ويقولون إن هذا المطلوب في هذا الظرف لإيصال الرواية الفلسطينية إلى العالم وكسب التعاطف.

وكانت صور الابتسامات أكثر ما تم تداوله على الشبكات الاجتماعية. وأظهرت فلسطينيين معتقلين وأيديهم مكبلة بالقيود وهم يبتسمون وسط حشد من جنود إسرائيليين، غير آبهين بما ينتظرهم خلف قضبان السجون.

وعلق مغرد على صورة:

وأظهرت صور أخرى فلسطينيين وهم ينظفون ما خلفته المواجهات في الشوارع المحيطة بالمسجد. وكتب حساب:

MaydanAlquds@

رغم الوجع والألم المقدسيون يقومون بتنظيف ساحات الأقصى بعد المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الآمنين العزل.

ومنذ بداية شهر رمضان في 13 أبريل الماضي تشهد القدس اعتداءات متصاعدة من جانب قوات الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين خاصة في منطقة باب العامود وحي الشيخ جراح.

ويشكو الفلسطينيون من عمليات إسرائيلية مكثفة ومستمرة لطمس هوية القدس وتهويدها، حيث تزعم إسرائيل أن المدينة بشطريها الغربي والشرقي “عاصمة موحدة وأبدية لها”.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة.

19