تركيا تقدم نفسها كوسيط لحماس لحل المشاكل مع إسرائيل

لندن- تشير تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد بخصوص نتائج محادثاته مع حركة حماس، إلى أن تركيا باتت تقدم نفسها وسيطا للحركة لحل مشاكلها مع إسرائيل.
وتحدث فيدان عن انفتاح حماس على اتفاق يتجاوز وقف إطلاق النار إلى حل دائم للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، خلال محادثات جرت مع الحركة في أنقرة بحضور رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين، وهو ما يشير إلى أن حماس تستخدم الوساطة التركية كسقف دبلوماسي وأمني من خلال الاعتماد على الخارجية والمخابرات.
وتسعى حماس بالاعتماد على أنقرة، لترتيب دور لها قبل أن تختفي تماما من المشهد، حيث تواجه مساعيها لاقتسام السلطة مع حركة فتح صعوبات كثيرة في ظل تقهقرها العسكري وترديد المسؤولين الإسرائيليين بأن لا مكان لها في المشهد بعد حرب غزة، ويزيد تعيين حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني محمود عباس من الضغوط على حماس التي استنكرت الخطوة واعتبرتها تكريسا لنهج “التفرّد والإقصاء”.
اجتماع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري مع رئيس الموساد الخميس الماضي كان يهدف إلى اللحاق بالمبادرة التركية
وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد صادقت على اقتراح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتعيين حسين الشيخ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائبا لرئيس اللجنة ونائب رئيس السلطة الفلسطينية.
لكن الأتراك يريدون جعل حركة حماس شريكا في الحكم باتفاقية لسلام دائم مع إسرائيل، بالضبط كما فعلت حركة فتح قبل سنوات.
ويجري حراك منذ أيام بدأ باستقبال وفد من حماس في أنقرة ثم زيارة رئيس الموساد ديفيد برنياع إلى الدوحة الخميس وأخيرا زيارة فيدان إلى قطر الأحد ولقائه برئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
ويقول مراقبون إن اجتماع الشيخ محمد بن عبدالرحمن مع رئيس الموساد الخميس الماضي كان يهدف إلى اللحاق بالمبادرة التركية.
ويرى رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية سمير غطاس لـ”العرب” أن مواقف قطر وتركيا تركز على أن يلعبا دور الوساطة بين حماس في قطاع غزة والنموذج الإسلامي الآخر في سوريا ويمثله الرئيس السوري أحمد الشرع مع إسرائيل وإن كانت هناك درجات متفاوتة بين البلدين في التفاصيل، حيث تتعامل تركيا برؤية أكثر براغماتية، إذ تدعم تحول حماس لحزب سياسي على شاكلة حزب العدالة والتنمية التركي واستنساخ نموذج إسلامي يمكن أن يكون على رأس السلطة، فيما تسوّق قطر لتكون حماس نسخة منقّحة من حركة طالبان.
وقال رئيس الوزراء القطري “شهدنا يوم الخميس بعض التقدم مقارنة بالاجتماعات الأخرى، لكننا بحاجة إلى إيجاد إجابة للسؤال الأهم: كيف ننهي هذه الحرب؟ هذه هي النقطة المحورية في المفاوضات كلها”.
ولم يذكر المسؤول القطري أي جوانب من محادثات وقف إطلاق النار شهدت إحراز تقدم في الأيام القليلة الماضية، لكنه قال إن حماس وإسرائيل لا تزالان على خلاف بشأن الهدف النهائي للمفاوضات.
وقال فيدان الأحد إن المحادثات التي أجراها مسؤولون أتراك مع حماس أظهرت أن الحركة ستكون أكثر انفتاحا على اتفاق يتجاوز وقف إطلاق النار في غزة ويهدف إلى حل دائم للأزمة مع إسرائيل بما في ذلك حل الدولتين.
ولاحقا، قال مصدر دبلوماسي تركي إن فيدان اجتمع مع مسؤولين كبار من حماس في الدوحة لمناقشة مفاوضات وقف إطلاق النار والأزمة الإنسانية في غزة.
وأضاف المصدر “قال فريق حماس إنهم واصلوا العمل من أجل وقف إطلاق نار دائم. نقلوا معلومات عن الاجتماعات التي عقدت في الأيام الماضية”.
حماس بالاعتماد على أنقرة، تسعى لترتيب دور لها قبل أن تختفي تماما من المشهد، حيث تواجه مساعيها لاقتسام السلطة مع حركة فتح صعوبات كثيرة
وأوضح المصدر أن فيدان أكد أن تركيا ستواصل الجهود الدولية والثنائية لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة.
وبحسب غطاس فإن قطر أكثر قدرة على تطويع حماس باعتبار إقامة الجزء الأكبر من القيادات على أرضها وهي الوسيط مع الجانبين الأميركي والمصري، وإن كانت تركيا تتمتع بثقل يرتبط باستضافة كوادر وقيادات من تنظيم الإخوان في مصر وقادة التنظيم الدولي ولديها مكانة عالية في صفوف الإخوان والحركات المنبثقة عنها، بما فيها حماس، كما أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يشغل من قبل منصب رئيس جهاز المخابرات ولديه علاقات جيدة بقادة حماس.
وأشار إلى أن كلا من قطر وتركيا تحدثتا عن تطور إيجابي في ملف المفاوضات بين حماس وإسرائيل دون أن توضحا طبيعة هذا التقدم، خاصة وأن الحركة تتمسك بسلاحها، وهو ما يحظى برفض إسرائيلي ولن تقبله السلطة الفلسطينية أو بعض الدول العربية التي يمكن أن تشارك في إدارة القطاع ولن يقبل به ممولو إعادة الإعمار إن كان سيحدث ذلك، لافتا إلى أن جزءا من الدور القطري هو إفشال الدور المصري في الوساطة لخدمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتأتي هذه التحركات في ظل توتر شاب العلاقات التركية -الإسرائيلية خلال الفترة الماضية بسبب سوريا، حيث شن الجيش الإسرائيلي حملة من مئات الغارات الجوية عقب سيطرة إدارة المعارضة الإسلامية على دمشق من بينها قاعدة تي-4 التي تستعد أنقرة للتمركز بها.
ويرجّح محللون أن تكون تركيا قد احتوت التوتر مع الإسرائيليين خاصة بعد الردود المحترفة للإدارة السورية الجديدة التي نجحت في تبديد مخاوف الإسرائيليين، مؤكدين وقوف الأتراك وراء كل خطوة تخطوها الإدارة السورية الجديدة.