تركيا تجبر أقلياتها الدينية على تعلم مناهج الإسلام

أنقرة – تعمل الحكومة التركية على تعميم مناهج التعليم الإسلامي، حيث تجبر طلاّب المدارس والجامعات مهما كان دينهم أو طائفتهم على حضور الدروس الدينية القائمة أساسا على تحفيظ القرآن وتعلم السيرة النبوية. ورغم احتجاج الأقليات الدينية في تركيا على التعليم الديني الإجباري إلاّ أن السلطات تتجاهل كلّ الأصوات المعارضة لسياستها التربوية والتعليمية.
أعلنت الجمعيات العلويّة أنها تعتزم تنظيم مسيرة حاشدة احتجاجًا على قرارات وزارة التربية والتعليم بشأن التعليم الديني الإسلامي الإجباري
وستخرج المسيرة في ميدان “صحيّة” بالعاصمة التركية أنقرة، في 12 أكتوبر المقبل، سيتم خلالها الاحتجاج على قضايا عديدة تأتي في مقدمتها المواد الدينية الإجبارية التي بدأت مع الانقلاب العسكري الذي تزعمه الجنرال كنعان إيفرين مع مجموعة من الضباط في 12 سبتمبر 1980.
ووصفت الجمعيات العلوية المواد الدينية الإجبارية على أنها دمج إجباري لا يحترم خصوصياتهم الدينية والحضارية، مناشدة الأكراد المشاركة في المسيرة.
وجاء في الدعوة التي وجهها مجلس إدارة المؤتمر الديمقراطي للشعوب إلى الرأي العام ما يلي: “يتم إلحاق العلويين وشعوب الأقلية والطلاب المنتسبين لديانات أخرى قسراً إلى مدارس الأئمة والخطباء دون النظر إلى مذاهبهم ودياناتهم، وبهذا تمارس ضدهم عملية دمج إجباري، وكما أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يسعى لمنع التعليم باللغة الأم ويشمّع المدارس مصرّا على التعليم باللغة التركية انطلاقاً من شعار “أمة واحدة”، كذلك يصر أيضاً على تدريس المواد الدينية الإسلامية الإجبارية استنادا إلى شعاره المتمثل في “دين واحد ومذهب واحد”.
وتابع المجلس: “حان الآن الجمع والتوحيد بين صراع الأكراد ضد الدمج الإجباري المرتكز على المطالبة بحق التعليم بلغتهم الأم وصراع العلويين ضد المواد الدينية الإجبارية والدمج الإجباري في الدين”.
|
يشار إلى أن أحمد داود أوغلو رئيس الحكومة التركية ندد، في وقت سابق، بقرار صدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ينتقد التعليم الديني الإجباري لمناهج الإسلام في المدارس التركية، معتبرا أن غياب هذا التعليم قد يدفع البلاد نحو التطرف على غرار ما هو حاصل في العراق وسوريا.
وأوضح أوغلو أنه لا يمكن القبول بإظهار درس التربية الدينية في تركيا وكأنه وسيلة ضغط، في حين يؤخذ الطلاب في بعض الدول إلى الكنائس لإجراء دروس دينية عملية.
وقال أوغلو في معرض تعليقه على قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي دعا الحكومة التركية “لإصلاح نظام الدروس الدينية الإلزامية ومنح الطلاب حق عدم حضورها” إن درس “الثقافة الدينية والأخلاق” يدرس في تركيا بشكل يشرح كافة الأديان، وهو ما نفاه العديد من الحقوقيين والأكاديميين.
وأضاف في تصريح صحفي عقب مشاركته في اجتماع لوزارة التربية “إذا لم يتم تقديم معلومات دينية صحيحة وسليمة عن طريق مؤسساتنا التربوية فلا يمكن مراقبة المعلومات الدينية المغلوطة التي تعد مصدر النزعات الأصولية في محيطنا”.
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد دعت السلطات التركية إلى إصلاح التعليم الديني في المدارس “في أسرع وقت” لضمان احترام قناعات الأهل بما يتعلق بالتعليم الديني الخاص بأبنائهم.
وتشير المحكمة بقرارها إلى ذوي طالب علوي اعتبروا أن مضمون التعليم الديني في المدارس التركية يستند إلى المذهب السني ومن وجهة نظر واحدة.
يشار إلى أن الحكومة التركية تبذل جهودا مكثّفة لتوسيع التعليم الديني الإسلامي وإشاعته بين المواطنين بغض النظر عن طائفتهم أو دينهم، حيث ألزمت الطلاب بالحضور أسبوعيا في مدارس “إمام خطيب” للتعليم الديني الذي يشمل تعلم القرآن واللغة العربية والسيرة النبوية.
|
ويتهم حقوقيون الرئيس أردوغان، بخيانة المبادئ العلمانية التي أرساها مؤسس جمهورية تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك الذي فصل بين الدين والدولة بشكل واضح بعد السلطنة العثمانية، وقد اشتهر أردوغان بقوله مرة إنه يريد أن يربي جيلا من “الشباب المتدين”، وبذل جهودا لحظر الاختلاط في السكن في الجامعات الحكومية.
والمعلوم أن كمال أتاتورك كان أول من أسس مدرستين دينيتين عام 1926 لتخريج مشايخ وخطباء علمانيين لا يعادون العلمانية، ويرفعون أكفة الدعاء له من أعلى المنابر. فاليسار العلماني في تركيا سعى لتسخير الأئمة والخطباء في وجه تنامي النشاط الشيوعي، لكن هذه المدارس سرعان ما تحولت إلى أداة بيد الحزبين المتنافسين على السلطة، لاستقطاب الناخبين من الطبقات المحافظة والمتدينين.
واليوم يستغل إسلاميو تركيا المسيطرين على دواليب الدولة المدارس الدينية لفرض التعليم الإسلامي وإجبار طلاب المدارس والجامعات على حضور الدروس الدينية وتعلمّ مناهج الإسلام دون مراعاة دينهم أو طائفتهم، وهو ما ترفضه الأقليات الدينية في تركيا التي ترغب في الحفاظ على خصوصياتها العقائدية والثقافية وبالتالي الحفاظ على التنوع والاختلاف رغم محاولات إشاعة الدين الواحد والمذهب الواحد ورغم سعي حكومة أردوغان إلى القضاء على التعدد وتطويق الأقليات.