ترقب شعبي لنتائج لجنة إصلاح المنظومة السياسية في الأردن

عمان - يترقب الأردنيون نتائج ما ستصدره اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي تقرر تشكيلها في 10 يونيو الماضي، على أمل إحداث تغييرات مفترضة في شكل الحياة السياسية للمملكة.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أصدر قرار تشكيل اللجنة برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، موضحا في كتاب تكليفه محاور التحديث المطلوبة، ومحددا إصدار نتائجها من توصيات ومشاريع القوانين المقترحة، قبل انعقاد الدورة العادية المقبلة (أكتوبر المقبل) لمجلس الأمة (البرلمان بشقيه).
وبحسب رسالة الملك إلى رئيس اللجنة، فإن مهمتها تتضمن وضع مشروعي قانون جديدين للانتخاب والأحزاب، والنظر في التعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار.
وانطلاقا من ذلك، فإن الأردنيين يأملون بنتائج تحيي مفهوم المشاركة السياسية، وتحقق لهم دورا فاعلا في صنع القرار، خصوصا أن المشهد الحالي دفع بعزوفهم عن الانخراط بأهم وأبرز أبجديات العمل السياسي، وهي العمل الحزبي والانتخابات، لعدم رضاهم عن مخرجاتها.
ويعتبر جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية (حكومية)، أن "الملك يبحث عن مخرج لمواجهة المشكلات التي تتعرض لها الدولة الأردنية منذ فترة، والتي منها المشكلة الاقتصادية".
وأوضح أن هذه المشكلة تتمثل في "ديون تصل إلى أكثر من 50 مليار دولار، ونسبة بطالة تزيد على 25 في المئة من عدد السكان، وتباطؤ كبير في الإنتاج، فضلا عن بروز وباء كورونا، الذي أضعف الإمكانات الاقتصادية بشكل واضح وصريح".
وتابع "لذلك، فإن الإصلاح السياسي يمثل وسيلة مهمة من الملك، ليحمل الشعب مسؤوليته الكاملة في مواجهة هذه التحديات التي أصبحت تثقل على الشعب والمجتمع الأردني".
ومع ذلك، يرى الشلبي أن "اللجنة تأتي من مشارب وتيارات مختلفة، ما يعني من ناحية أنها تمثل الجميع، ولكن من ناحية أخرى تظهر صعوبة التوصل إلى توافقات ترضي الجميع، لاسيما أنها تمثل تيارات وأيديولوجيات، لا أقول مختلفة وإنما متعارضة في مختلف الأحيان".
وأشار إلى أن "في ذاكرة الشعب الأردني وبعض من نخبه الكثير من التجارب الإصلاحية التي ابتدأت بتشكيل لجان، من دون أن تحقق أي نتائج".
واستدرك قائلا "ثمة إحساس عام بأن هذه اللجنة لن تكون أفضل من سابقاتها، وأعتقد أن تشكيل اللجنة قد يتضارب مع دور السلطة التنفيذية (الحكومة) التي من واجبها أن تطرح مشاريع إصلاحية تهم الدولة والمجتمع، والحال ذاته بالنسبة إلى السلطة التشريعية التي يمثلها البرلمان بشقيه".
ورأى أن "الإصلاح لا يحتاج إلى لجان جديدة، كون الأردن لديه ترسانة قانونية وتشريعية وحتى تجربة سياسية ليبني عليها".
وطرح الشلبي عدة تساؤلات، من بينها "ألا نملك دستورا ليبراليا شاملا ومقبولا من الجميع منذ عام 1952؟ ألم نفرز ميثاقا وطنيا بعد الانفتاح السياسي عام 1991؟ ألا نملك كتب التكليف السامي التي تبين وتحدد دور السلطة التنفيذية ومسارها وأهدافها؟".
ومضى بتساؤلاته "لماذا لم نستفد من الأوراق الملكية السبعة؟ ألا تملك هذه الوثائق رؤى وأساليب ومناهج لتطبق على أرض الواقع؟".
ومجيبا عن تساؤلاته، قال الشلبي "كل ذلك يشي بأن الأردن غني بالتشريعات القانونية والمبادرات الملكية، وما ينقصه هو تحويلها إلى مشاريع ملموسة تنعكس إيجابا على الدولة والمجتمع، من جانب رجال ونخبة سياسية مؤمنة بتحقيق الإصلاح المنشود من الملك والشعب على حد سواء".
وترى ريم أبوحميدان، أستاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط (خاصة)، "أن الملك عبدالله الثاني أكد في كتاب تكليفه لرئيس اللجنة عزمه على التغيير وبأنه الضامن لتطبيق المخرجات".
وأضافت أن "الرسالة الملكية واضحة بكل جوانبها وتكمن أهميتها في رسم مستقبل الأردن السياسي والتشريعي، وضرورة المشاركة السياسية بأطياف واسعة".
واستدركت "التعددية السياسية عماد الديمقراطية، والتي تقود بالتالي إلى التعددية الحزبية".
وأشارت إلى أن "الإصلاح السياسي لا يقتصر على القوانين فقط، بل على وعي المواطن وإدراكه لأهمية دوره في اختيار من يمثله، واختيار أشخاص قادرين على حمل المسؤولية من السلطتين التنفيذية والتشريعية".
وأردفت أن "هذا لن يتحقق من دون وجود أحزاب ذات برامج واضحة ومدروسة، قادرة على إقناع الناخبين في برامجها، بحيث يكون محور هذه البرامج مصلحة المواطن وأمنه واستقراره السياسي والاقتصادي".
وأعربت أبوحميدان عن أملها بأن "تكون مخرجات اللجنة قابلة للتطبيق وقادرة على إنجاز قوانين تتوافق ورأي الشارع الأردني".
ولفتت إلى أن "التجارب السابقة أثبتت عدم إمكانية وصول اللجان إلى نتائج ملموسة وواقعية، ولم تحقق آمال المواطنين بمخرجات ترضي طموحاتهم".
ورأت أن "الإصلاح السياسي لا بد أن يرافقه إصلاح اقتصادي، وحتى تنجح عملية التطوير السياسي، لا بد من إعادة النظر في المنظومة الاقتصادية بتعديل التشريعات الناظمة للنشاطات الاقتصادية.. الإصلاح يجب أن يكون شاملا متكاملا".
ورغم التفاؤل بقرارات تخدم المصلحة الأردنية ويضمن العاهل الأردني تطبيقها، فإن الأحزاب الإسلامية ترى أن الوقت لا يزال مبكرا لتوقع مخرجات اللجنة.
ويقول مراد العضايلة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، إنه "من المبكر الخوض في توقعات ما يتعلق بمخرجات اللجنة".
وأضاف "لم تظهر بوادر لأي مخرجات، أو ما يدلل على توجهات اللجنة التي تعد آخر الفرص لتقديم نتائج ترضي الشارع، في ظل حالة الاحتقان التي يمر بها، وفي ظل الأزمات السياسية والاقتصادية".
وشدد العضايلة على أن "لا مخرج إلا بالإصلاح، وتأخيره مكلف على الدولة والمجتمع".
وأوضح أن "قوى الشد العكسي لا تريد الإصلاح ولا ترغب فيه، وتسعى إلى ترويج مشكلات تعيق مسيرته، خوفا على تأثر مصالحها والفساد الذي ترعاه".
وعما هو مطلوب من اللجنة، أكد العضايلة أن "الحد الأدنى الذي يقبله الشارع هو تحقيق حكومات برلمانية كما ورد في الأوراق النقاشية للملك".
وفي 10 يونيو الماضي وجه الملك عبدالله رسالة إلى الرفاعي، عهد إليه فيها برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تكون مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب وآخر جديد للأحزاب السياسية، والنظر في التعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي.
كما تتولى اللجنة، التي تتألف من 92 عضوا يمثلون مختلف الأطياف السياسية والفكرية والقطاعات، تقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
ويأتي تشكيل اللجنة كخطوة على طريق الإصلاح الذي ينادي به الملك عبدالله الثاني ويتحدث عنه في لقاءاته المختلفة بالمسؤولين والمواطنين، وبما يتماشى ويتسق مع أوراقه النقاشية السابقة.
وبين أكتوبر 2016 وأبريل 2017، أصدر الملك ما يعرف بـ"الأوراق النقاشية"، وعددها 7، وهي تمثل رؤيته إلى تحقيق الإصلاح الشامل.
وعلى الرغم مما يعتبره البعض جدية في تحقيق الإصلاح، فإن مراقبين لا يرون وجود إرادة حقيقية لتنفيذه وفق الرؤية الملكية، ما أدى إلى خروج احتجاجات خلال السنوات الماضية للمطالبة بتغيير النهج.