تردي الاقتصاد كابوس سيظل يحاصر أردوغان

إسطنبول – أدلى الأتراك بأصواتهم الأحد في الانتخابات البلدية التي كانت بمثابة واحدة من أكثر المحطات أهمية في تاريخ تركيا بالنظر لكونها جاءت في وقت تعاني فيه البلاد من صعوبات اقتصادية بالجملة.
وقبل الانتخابات الأخيرة، هيمن أردوغان على المشهد السياسي التركي منذ قرابة 16 عاما بفضل عوامل من بينها النمو الاقتصادي القوي، لكن المحطة الجديدة دارت في أجواء مشحونة زاد في تعقيدها الوضع الاقتصادي المتردي وهو ما حتم على أردوغان خوض حملة انتخابية مرهقة سعيا لتفادي هزيمة في مدن مثل أنقرة وإسطنبول.
وفي وقت تواجه فيه تركيا أول انكماش اقتصادي منذ عشر سنوات وتضخما قياسيا وبطالة متزايدة، كان الاقتراع بمثابة اختبار لأردوغان بعد فوزه في كل الانتخابات منذ وصول حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه إلى السلطة عام 2002.
ومما ميز الانتخابات الأخيرة، أن أردوغان كرس كل جهوده للتأكيد باستمرار أن “بقاء الأمة” على المحك ودعا إلى “دفن” أعدائها “في صناديق الاقتراع”، فيما طالبت المعارضة من جهتها إلى اغتنام الانتخابات قبل استحقاق 2023 لمعاقبة السلطة على سياستها الاقتصادية.
وفي مؤشر إلى أهمية الانتخابات المحلية بالنسبة له، شارك أردوغان (65 عاما) بشكل نشط في الحملة، حيث عقد أكثر من مئة مهرجان انتخابي خلال خمسين يوما، وألقى ما لا يقل عن 14 خطابا الجمعة والسبت في إسطنبول.
وألقى الرئيس التركي بكامل ثقله في السابق الانتخابي، خوفا من هزيمة حزبه التي تقوض أسطورة الرئيس الذي لا يقهر وفق الأستاذ في جامعة بيلجي في إسطنبول، إمري أردوغان.
وتم التركيز بصورة خاصة على ثلاثين بلدية كبرى في مدن تشكل الرئة الاقتصادية للبلاد، وقد شهدت عدة معارك حامية ولاسيما في بورصة (شمال غرب) وأنطاليا (جنوب).
لكن الانتباه بقي منصبا بصورة خاصة على العاصمة أنقرة، وإسطنبول، القلب الاقتصادي والديمغرافي لتركيا، حيث كان حزب العدالة والتنمية في خطر بعدما هيمن وأسلافه الإسلاميون على المدينتين على مدى 25 عاما. ولإدراكه بأن المهمة صعبة، عمد أردوغان إلى إرسال رئيس وزرائه السابق بن علي يلديريم إلى إسطنبول، لتفادي هزيمة مذلة في هذه المدينة التي نشأ فيها وكان رئيس بلديتها بين 1994 و1998.
أما في أنقرة، فقد أرسل الرئيس التركي وزيرا سابقا، خاصة بعدما كان الوضع أكثر تعقيدا على ضوء استطلاعات للرأي حيث تصدرها قبل الانتخابات مرشح المعارضة منصور يافاس بفارق واضح.
وأعلن منصور يافاس قبل أن يدلي بصوته في العاصمة “بمشيئة الله، سنحصل على نتيجة جيدة. لا شيء أهم من إرادة الناخبين”.
ويوجه الوضع الاقتصادي خيار العديد من الناخبين، مع بلوغ التضخم نسبة 20 بالمئة وقد أضرّت بشدّة بالقدرة الشرائية للأتراك. ويقول حسنو أكار بعد تصويته لصالح المعارضة في حي بيلكدوزو في إسطنبول “الاقتصاد سيء، الاقتصاد انتهى!”.
وكان أردوغان قد طلب من بلديتي إسطنبول وأنقرة فتح محال للخضار والفاكهة بأسعار مخفضة. لكن بدل أن يتناول الصعوبات الاقتصادية التي ينسبها إلى “عملية من الغرب”، ركز أردوغان حملته على المسائل الأمنية، محذرا من خطر إرهابي يحاصر البلاد ومن قوى معادية تهددها.
كما أعلن خلال تجمع انتخابي السبت في إسطنبول أن التصويت لن يكون على “سعر الباذنجان أو الطماطم أو الفلفل، إنها انتخابات من أجل بقاء البلاد”.
وفي حي قاسم باشا الذي ولد فيه أردوغان بإسطنبول، بدا أن الرئيس التركي إعتمد على دعم كبير. وقال سنان قايا وهو طالب هندسة بعد إدلائه بصوته “لتركيا أعداء كثر يريدون أن يروا أردوغان يخسر، لكننا لن ندع ذلك يحصل”.
وتواجه ائتلافان الأحد، هما ائتلاف حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية (قومي متشدد) من جهة، وحزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) وحزب “إيي” القومي من جهة أخرى.
وحظي الائتلاف الأخير بتأييد حزب الشعوب الديمقراطي الذي لم يقدم مرشحين لإسطنبول وأنقرة لتفادي تشتيت أصوات المعارضة. وتميزت الحملات الانتخابية باتهامات أردوغان لمعارضيه. حيث اتهم أحد المعارضين بأنه يؤيد أيديولوجيا منفذ الهجوم ضد مسجدين في نيوزيلندا بعرضه مقطع فيديو يوحي بذلك .