تربية اليرقات وزرعها لإنقاذ حاجز المرجان العظيم في أستراليا

مشروع واسع يهدف إلى حصد البويضات والسوائل المنوية من الحاجز المرجاني لتربية يرقات المرجان ومن ثم إعادة زرعها في بعض المناطق المتضررة في الحاجز.
الخميس 2018/11/29
الابيضاض يأتي على الثروة المرجانية

سيدني - أعلن باحثون الأربعاء إطلاق أكبر محاولة لإعادة تأهيل الحاجز المرجاني العظيم، وتقوم المحاولة على حصد البويضات والسوائل المنوية من هذه الحيوانات للعناية بها وإعادة زرعها في أجزاء متضررة في هذا الموقع الطبيعي الضخم في أستراليا.

ويعد الحاجز المرجاني العظيم في شمال شرق أستراليا بيئة معيشية فريدة من نوعها، ولا يوجد في أي مكان آخر في العالم نظام كبير ومتماسك من الجزر والشعاب المرجانية يماثله، لكن الحاجز المرجاني العظيم أصبح حاليا في خطر، بسبب التغيرات المناخية.

وأُدرج الحاجز المرجاني الكبير في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو، ويمتد على مساحة 345 ألف كيلومتر مربع تقريبا، وهو أكبر حاجز مرجاني في العالم، ويعتبر بمثابة المهد الأول للأسماك، هنا تخرج إلى الحياة، وهنا تكبر، ومن هنا تنطلق في مياه المحيط الواسع.

وعانى هذا الحاجز المرجاني من عدة موجات ابيضاض غير مسبوقة في ظاهرة تعزى إلى الاحترار المناخي.

ويقول علماء المناخ إن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو تحبس الحرارة الصادرة عن الأرض مما يتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري. وأستراليا من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الكربون بسبب اعتمادها على مصانع تعمل بالفحم لتوليد الكهرباء.

والشعاب مهددة أيضا بنجمة البحر الحمراء التي تلتهم المرجان، مثلما هي مهددة كذلك بالأنشطة الصناعية والزراعية.

وأعلن الباحثون في عدة جامعات في أستراليا الأربعاء عن مشروع واسع يهدف إلى حصد البويضات والسوائل المنوية من الحاجز المرجاني لتربية يرقات المرجان ومن ثم إعادة زرعها في بعض المناطق المتضررة جدا في الحاجز. وقال بيتر هاريسون من جامعة ساذرن كروس في مقاطعة نيو ساوث ويلز “إنها المرة الأولى التي ينفذ فيها مشروع واسع النطاق لتربية اليرقات وزرعها مجددا مباشرة على الشعاب المرجانية في الحاجز المرجاني العظيم”.

وأضاف في بيان “فريقنا سيرمم المئات من الأمتار المربعة مع الأمل في ترميم المئات من الكيلومترات المربعة في المستقبل على نطاق غير مسبوق”.

زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو تحبس الحرارة الصادرة عن الأرض مما يتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري

وتزامن إطلاق المشروع مع انطلاق الموسم السنوي لتزاوج المرجان على الشعاب وقد بدأت هذه العملية في وقت سابق من الأسبوع وتستمر عادة بين 48 و72 ساعة فقط.

وتقوم الفكرة على جمع بويضات المرجان وسوائله المنوية خلال هذه الفترة القصيرة وتربية اليرقات ومن ثم نشرها على الشعاب المتضررة. وعادة ما تؤدي العملية الطبيعية في البحر إلى ضياع الكثير منها بسبب الأمواج والتيارات.

وقد نفق المرجان على مساحات كبيرة من الحاجز الممتد على 2300 كيلومتر بسبب ارتفاع حرارة مياه البحر جراء التغير المناخي في ظاهرة تعرف بالابيضاض. وعرفت الأجزاء الشمالية من الحاجز موجتين متتاليتين من الابيضاض غير مسبوقتين في 2016 و2017 ما زاد المخاوف من تعرضها لأضرار لا يمكن جبرها.

ويأمل هاريسون وزملاؤه أن يساعد مشروعهم على تحسين الوضع، لكنه شدد على أن هذا الجهد وحده لن يكون كافيا لإنقاذ الحاجز المرجاني. وأكد أن “التحرك على صعيد المناخ هو السبيل الوحيد للتحقق من مقاومة الشعاب المرجانية واستمرارها في المستقبل”.

وأوضح “النهج الذي نعتمده لترميم الشعاب المرجانية يهدف إلى كسب الوقت لتتمكن الشعاب من الاستمرار والتطور إلى حين خفض الانبعاثات وإحلال الاستقرار المناخي”. ويأمل العلماء أن يكون المرجان الذي نجا من موجات الابيضاض أكثر مقاومة للاحترار المناخي حتى ينمو الجيل الجديد الناتج عن بويضات السنة الراهنة بطريقة أفضل وحتى يكون أكثر قدرة على مقاومة ظاهرة الابيضاض المقبلة.

وقال الباحثون -وبعضهم ينتمي إلى جامعة جيمس كوك وجامعة سيدني للتكنولوجيا- إن الجديد في التقنية التي يتبعونها هو تربية يرقات المرجان مع طحـالب مجهرية كما هو الحال على الشعاب.

وأوضح ديفيد سوجيت من جامعة سيدني للتكنولوجيا “نهدف إلى تسريع هذه العملية لنرى إذا كان بالإمكان أن نعزز النمو الأولي للمرجان من خلال توفير الطحالب له بسرعة”. وتسببت ظاهرة الابيضاض بتلف المرجان وفقدانه لونَه.

وأعلنت الحكومة الأسترالية في بداية العام عن خطة لاستثمار 60 مليون دولار أسترالي (48 مليون دولار أميركي) في إنقاذ الشعاب المرجانية في الحاجز المرجاني العظيم، على أن يتم إنفاق معظم الأموال على مبادرات تحفيز المزارعين المحليين على منع التلوث من الوصول إلى مياه الحاجز المرجاني، بينما يتم تخصيص بعض الأموال للتصدي لزيادة أعداد نجوم البحر ذات الأشواك التي تلتهم الشعاب المرجانية.

وتعمل الحكومة الحالية على دعم البحث العلمي الأول في العالم لتأمين بقاء الحاجز المرجاني العظيم وتوفير 64 ألف وظيفة تعتمد على ازدهاره.

20