ترامب يصعّد حملته: تدقيق شامل للراغبين في اللحاق بجامعة هارفارد

الإدارة الأميركية تشن هجوما متعدد الجبهات على الجامعات الأميركية المرموقة في البلاد والتي تُعد  بحسب ترامب مهدا للحركات المناهضة لأميركا.
الأحد 2025/06/01
هارفارد في مرمى ضغوط ترامب

واشنطن- أمرت وزارة الخارجية الأميركية جميع بعثاتها القنصلية في الخارج بالبدء في إجراء تدقيق إضافي لطالبي التأشيرات المرتبطة بالسفر لزيارة جامعة هارفارد لأيّ غرض، وذلك في تشديد كبير لحملة الرئيس دونالد ترامب على المؤسسة الأكاديمية.

وفي برقية بتاريخ 30 مايو أرسلت إلى جميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأميركية، أصدر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تعليمات بالبدء الفوري في “تدقيق إضافي لأيّ متقدم للحصول على تأشيرة، لغير المهاجرين، يسعى للسفر إلى جامعة هارفارد لأيّ غرض”.

وجاء في وثيقة كشفت عنها وكالة رويترز أن هؤلاء المتقدمين يشملون على سبيل المثال لا الحصر الطلاب المحتملين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والمتعاقدين والمتحدثين الضيوف والسياح.

وذكرت الوثيقة نقلا عن وزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة أن جامعة هارفارد “تقاعست عن الحفاظ على خلوّ الحرم الجامعي من العنف ومعاداة السامية،” وبالتالي فإن إجراءات التدقيق المعززة تهدف إلى مساعدة الموظفين القنصليين على تحديد طالبي التأشيرات “الذين لديهم تاريخ من المضايقات والعنف المعادي للساميّة”.

◄ التدقيق يشمل المتقدمين من الطلاب المحتملين والطلاب الحاليين وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والمتعاقدين والمتحدثين

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في رسالة عبر البريد الإلكتروني ردا على طلب للتعليق على الوثيقة إن الوزارة لا تعلّق على وثائقها أو اتصالاتها الداخلية.

وشنت إدارة ترامب هجوما متعدد الجبهات على أقدم وأغنى جامعة في البلاد إذ جمدت منحا وتمويلات أخرى بالمليارات من الدولارات واقترحت إنهاء إعفائها الضريبي ضمن إجراءات أخرى.

وتأتي الخطوة في إطار حملة إدارة ترامب المشددة على الهجرة، وفي أعقاب توجيه أصدره روبيو بوقف جدولة مواعيد جديدة لطالبي تأشيرات الدراسة.

وقال روبيو في وقت سابق من الأسبوع الجاري إن واشنطن ستبدأ في إلغاء التأشيرات الممنوحة للطلاب الصينيين بالجامعات الأميركية الذين تربطهم علاقة بالحزب الشيوعي الصيني والذين يدرسون في مجالات حيوية.

ويوجه الأمر أيضا الموظفين القنصليين بالتشكيك في مصداقية مقدم الطلب إذا كانت حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي مغلقة أمام العامة، ويوجههم كذلك لأن يطلبوا منه تعديل إعدادات الحسابات إلى عامة.

وجاء في الوثيقة “إذا لم تكن مقتنعا تماما وبشكل شخصي بأن مقدم الطلب، خلال فترة وجوده في الولايات المتحدة، سيشارك في أنشطة تتوافق مع وضعه كحاصل على تأشيرة لغير المهاجرين، فعليك رفض التأشيرة”.

في مقابل ذلك، تسعى جامعات في أنحاء العالم إلى توفير ملاذ للطلاب المتضررين من حملة ترامب على المؤسسات الأكاديمية، إذ تهدف إلى استقطاب المواهب الكبرى وحصة من إيرادات أكاديمية بالمليارات من الدولارات تحصل عليها الولايات المتحدة.

◄ ماركو روبيو أصدر تعليمات بالبدء الفوري في تدقيق إضافي لأيّ متقدم للحصول على تأشيرة، لغير المهاجرين، يسعى للسفر إلى جامعة هارفارد لأيّ غرض

وتقدم جامعة أوساكا، وهي واحدة من أعلى الجامعات تصنيفا في اليابان، إعفاءات من رسوم الدراسة ومنحا بحثية والمساعدة في ترتيبات السفر للطلاب والباحثين في المؤسسات الأميركية الذين يرغبون في الانتقال إليها.

وتدرس جامعتا كيوتو وطوكيو اليابانيتان أيضا تقديم برامج مماثلة، فيما وجهت هونغ كونغ جامعاتها لاستقطاب أفضل الكفاءات من الولايات المتحدة.

ووجهت جامعة شيآن جياوتونغ الصينية دعوة لطلاب جامعة هارفارد الأميركية المتضررين من حملة ترامب، ووعدتهم بقبول “سلس” ودعم “شامل”.

وخفضت إدارة ترامب تمويل الأبحاث الأكاديمية بشكل كبير، كما فرضت قيودا على تأشيرات الطلاب الأجانب – وخاصة القادمين من الصين – وتخطط لزيادة الضرائب على المؤسسات التعليمية المخصصة للنخبة.

ويقول ترامب إن الجامعات الأميركية المرموقة تُعد مهدا للحركات المناهضة لأميركا. وفي تصعيد خطير، ألغت إدارته الأسبوع الماضي صلاحية جامعة هارفارد في تسجيل الطلاب الأجانب، وهي خطوة أوقفها لاحقا قاض اتحادي.

وتهدف اليابان إلى زيادة عدد الطلاب الأجانب خلال السنوات العشر المقبلة إلى 400 ألف من نحو 337 ألف طالب حاليا.

وقالت جاسيكا تيرنر، الرئيسة التنفيذية لشركة كواكواريلي سيموندز في لندن، المعنية بالتحليلات وتصنيف الجامعات عالميا، إن جامعات رائدة أخرى حول العالم تحاول جذب الطلاب غير المتأكدين من الدراسة في الولايات المتحدة.

وأضافت أن ألمانيا وفرنسا وأيرلندا تبرز كبدائل جذابة بشكل خاص في أوروبا، بينما تتزايد أهمية نيوزيلندا وسنغافورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية واليابان والبر الرئيسي للصين في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

واستهدفت حملة ترامب الطلاب الصينيين بشكل خاص، إذ تعهد وزير الخارجية الأربعاء باتخاذ إجراءات صارمة بشأن تأشيراتهم.

ويوجد أكثر من 275 ألف طالب صيني في المئات من الجامعات الأميركية، ما يُوفر مصدر دخل رئيسيا لهذه الجامعات ومصدرا حيويا للمواهب لشركات التكنولوجيا الأميركية.

وساهم الطلاب الأجانب الذين يمثل الهنود والصينيون 54 في المئة منهم بأكثر من 50 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي في عام 2023، وفقا لوزارة التجارة الأميركية.

وتأتي الحملة في وقت حرج بالنسبة إلى عملية تقديم الطلاب الأجانب لطلبات الالتحاق بالجامعات، إذ يستعد الكثير من الشباب للسفر إلى واشنطن في أغسطس للبحث عن سكن وللاستقرار قبل بدء الفصل الدراسي.

275

ألف طالب صيني وأكثر يوجدون في المئات من الجامعات الأميركية

وكانت داي (25 عاما)، وهي طالبة صينية مقيمة في تشنغدو، تخطط للسفر إلى الولايات المتحدة لإتمام دراستها للحصول على درجة الماجستير، لكنها الآن تفكر جديا في قبول عرض في بريطانيا بدلا من ذلك.

وقالت داي التي طلبت عدم الكشف عن اسمها الكامل لأسباب تتعلق بالخصوصية “كانت السياسات المختلفة (التي وضعتها الحكومة الأميركية) بمثابة صفعة على وجهي. أفكر في صحتي النفسية، ومن المحتمل أن أغير جامعتي”.

وقال توم مون، وهو نائب رئيس قسم الاستشارات في شركة أوكسبريدج للتطبيقات، التي تساعد الطلاب في تقديم طلباتهم الجامعية، إن الطلاب من بريطانيا والاتحاد الأوروبي أصبحوا الآن أكثر ترددا في التقديم للجامعات الأميركية.

وأضاف أن الكثير من الطلاب الأجانب المسجلين حاليا في الجامعات الأميركية يتواصلون الآن مع الشركة الاستشارية لمناقشة خيارات التحويل إلى كندا وبريطانيا وأوروبا.

ووفقا لاستطلاع أجرته الشركة الاستشارية في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال 54 في المئة من عملائها إنهم أصبحوا الآن “أقل ميلا” للتسجيل في جامعات أميركية ممّا كانوا عليه في بداية العام.

وذكرت منظمة “جامعات المملكة المتحدة”، وهي منظمة تُعنى بالترويج للمؤسسات البريطانية، أن هناك زيادة في طلبات الالتحاق بالجامعات البريطانية من الطلاب الذين يحتمل أن يدرسوا في الولايات المتحدة. ومع ذلك، حذّرت المنظمة من أنه من السابق لأوانه الجزم بما إذا كان ذلك سيُترجم إلى زيادة في عدد الطلاب المسجلين.

6