ترامب يحاول طمأنة حلفائه الأفغان لتعبيد طريق سحب القوات الأميركية

واشنطن تذكر طالبان بالضمانات الأمنية لسحب قواتها من أفغانستان.
الخميس 2020/03/05
يحزمون أمتعتهم للرحيل

يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب امتصاص غضب كابول الرافضة للاتفاق الذي وقعته واشنطن مع حركة طالبان المتطرفة وطمأنتها من خلال تحصيل مزيد من الضمانات من المتمردين وكذلك ردعهم بعد أن أغار سلاح الجو الأميركي على مسلحين تابعين للحركة لإظهار مواصلة التزام بلاده بمؤازرة القوات الأفغانية في مواجهتها للمتطرفين.

كابول – أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب محادثة هاتفية مع زعيم طالبان الملا برادار، بحسب ما أعلنت الحركة المتطرفة الثلاثاء، بعد أيام من توقيع واشنطن اتفاقا تاريخيا مع الحركة.

من جهته، صرح ترامب للصحافيين في البيت الأبيض “في الحقيقة أجريت حديثا جيدا جدا مع زعيم طالبان” دون أن يذكر اسم برادار الذي يتزعم التيار السياسي للحركة الذي قاد المحادثات قبل التوقيع على الاتفاق التاريخي.

وكتب المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد على تويتر “رئيس الولايات المتحدة، أجرى مكالمة هاتفية مع المسؤول السياسي للإمارة الإسلامية الموقر الملا برادار أخوند”.

وتأتي المكالمة التي استغرقت 35 دقيقة غداة إنهاء طالبان الهدنة الجزئية ما يلقي شكوكا إزاء محادثات السلام بين كابول والمتمردين والتي من المقرّر أن تبدأ في الـ10 من مارس.

ويرى مراقبون أن إدارة ترامب تحاول في الظرف الراهن طمأنة حلفائها الأفغان (حكومة كابول) وتحصيل المزيد من الضمانات من الحركة المتطرفة لتأمين انسحاب القوات الأميركية بعد 18 سنة من غزو أفغانستان.

كما تأتي المحادثة بالتوازي مع إعلان الولايات المتحدة استهدافها قوات لحركة طالبان في محاولة على ما يبدو لامتصاص استياء كابول التي لم يرضها اتفاق واشنطن وطالبان.

ويساور القلق الأفغان من عودة تهديدات الحركة المتطرفة التي سارعت منذ التوقيع على الاتفاق التاريخي مع واشنطن إلى القيام بعمليات استهدفت القوات الأفغانية.

وأفاد نص المكالمة الهاتفية الذي أصدرته طالبان أن برادار حض ترامب على “اتخاذ خطوات حازمة في ما يتعلق بسحب القوات الأجنبية من أفغانستان”.

وبموجب بنود الاتفاق، ستنسحب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا، ويبقى ذلك رهين ضمانات طالبان الأمنية وتعهد المتمردين إجراء محادثات مع كابول.

ولكنّ خلافات ظهرت حول بند متعلق بتبادل الأسرى وأثارت تساؤلات عمّا إذا كانت المفاوضات بين كابول وحركة طالبان ستنطلق ومدى صمود الاتفاق الموقّع بين واشنطن والمتمردين.

الحكومة الأفغانية أرسلت وفدا إلى قطر للاتصال بالمتمردين لكن طالبان أكدت أنها لن تتفاوض إلا لإطلاق أسراها

ويتضمّن الاتفاق التزاما بتبادل خمسة آلاف سجين من طالبان تحتجزهم الحكومة الأفغانية مقابل ألف أسير، وهو أمر اعتبره المسلحون شرطا مسبقا للمحادثات، لكن الرئيس أشرف غني رفض أن يقوم بذلك قبل بدء المفاوضات.

ودعا برادار ترامب إلى “عدم السماح لأيّ كان باتخاذ خطوات تنتهك بنود الاتفاق وبالتالي تورطك أكثر في هذه الحرب الطويلة”، بحسب نص طالبان في إشارة إلى رفض حكومة الرئيس أشرف غني هذا البند.

والخلافات الواضحة بين اتفاق الدوحة وإعلان أميركي أفغاني مشترك صدر في أفغانستان تؤكد العقبات التي تواجه المفاوضين. ففي حين يلتزم الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان الإفراج عن السجناء، إلا أن وثيقة كابول تطلب من الطرفين تحديد “جدوى إطلاق سراح” الأسرى.

ومنذ توقيع الاتفاق، لم تتوقف طالبان عن ادعاء “الانتصار” على الولايات المتحدة.

وشنت طالبان أكثر من 12 هجوما على قواعد للجيش الأفغاني منذ إنهاء الهدنة المحدودة، كما أعلن مسؤولون مساء الثلاثاء.

وقد أرسلت الحكومة الأفغانية الأسبوع الماضي وفدا إلى قطر لبدء “اتصالات أولية” مع المتمردين، لكن المتحدث باسم طالبان سهيل شاهين قال الثلاثاء إنهم لن يلتقوا ممثلي كابول إلا لبحث الإفراج عن أسراهم.

وتأتي هذه المستجدات في وقت شن فيه الجيش الأميركي الأربعاء غارة جوية استهدفت مقاتلي طالبان للمرة الأولى منذ 11 يوما وذلك ردا على الهجمات التي نفذتها الحركة على القوات الأفغانية في ولاية هلمند الواقعة جنوبا، وفق ما أعلن متحدث عسكري أميركي.

وكتب المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان سوني ليغيت على تويتر “شنت الولايات المتحدة ضربة جوية في الـ4 من مارس ضد مقاتلي طالبان في نهري سراج بولاية هلمند، والذين كانوا يهاجمون قوات الأمن الأفغانية”.

وأضاف “نحن ملتزمون في سبيل السلام لكن لدينا مسؤولية الدفاع عن شركائنا الأفغان”.

وتابع “في يوم الـ3 من مارس لوحده، أطلقت طالبان 43 هجوما ضد نقاط تفتيش تابعة للقوات الأفغانية في هلمند” المحافظة الجنوبية التي تعتبر أحد أبرز معاقلها.

وذكر بأنه إذا كان المتمردون يقولون “إنهم يقاتلون من أجل تحرير أفغانستان من القوات الدولية، فإن اتفاق الـ29 من فبراير يحدد انسحابا يستند على أساس عدة شروط” يجب أن يلتزموا بها.

وتابع الكولونيل ليغيت على تويتر أن “قادة طالبان وعدوا المجموعة الدولية بأنهم سيحدون من العنف وليس بزيادة الهجمات”.

وجاءت غارات الجيش الأميركي بعد أن قتل المتمردون 20 جنديا وشرطيا أفغانيا على الأقل في سلسلة هجمات لطالبان ليلا، وفق ما أكد مسؤولون حكوميون الأربعاء.

وقال صفي الله أميري عضو مجلس ولاية قندوز إن “مقاتلي طالبان هاجموا ثلاثة مواقع للجيش في منطقة إمام صاحب في قندوز الليلة الماضية وقتلوا 10 جنود وأربعة شرطيين على الأقل”.

وأكّد مسؤول في وزارة الدفاع رفض الكشف عن اسمه حصيلة الجيش فيما أكد المتحدث باسم الشرطة المحلية حصيلة قتلى الشرطة.

كما هاجم المتمردون الشرطة في ولاية أوروزغان (وسط) ليل الثلاثاء وأكد المتحدث باسم الحاكم زرقاي عبادي لوكالة فرانس برس “قتل ستة من عناصر الشرطة وأصيب سبعة بجروح”.

5