ترامب الأميركي يقلد نجاد الإيراني

الأربعاء 2016/07/27
وجهان لسياسة واحدة

واشنطن - تحذر العديد من الأصوات من عواقب وخيمة في حال فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وفيما يبدو الجزء الأكبر من العالم حذرا منه، ويخشى فعلا من أن يصل إلى البيت الأبيض. وهناك من يتطلّع إلى فوزه، وهو أمر ولئن بدا طبيعا، في ظل موجة العنصرية والقومية التي تجتاح العالم، إلا أن المفارقة تكمن في أن هذا الطرف الخارجي الذي يرى مصلحته في فوز ترامب، هو إيران.

ومردّ هذا الموقف ليس فقط كون هيلاري كلينتون تعرف في الأوساط الإيرانية، بأنها “سيدة العقوبات”، فهي الشخص الذي نسّق التبني الدولي للعقوبات غير المسبوقة ضد إيران في سنة 2010 والتي كان لها تأثير مدمر على الاقتصاد الإيراني، حيث يفضل الكثير من الإيرانيين النزعة المتشدّدة لترامب.

وذهبت متابعة صدرت عن المجلس الوطني الإيراني الأميركي إلى حد المقارنة بين المرشح الجمهوري الأميركي دونالد ترامب والرئيس الإيراني السابق المحسوب على التيار المتشدّد محمود أحمدي نجاد، الذي وصفه موقع “إيران واير” بأنه ترامب إيران. ولاحظ الخبراء في المجلس الوطني الإيراني الأميركي، في مقارنة بين أسلوب نجاد وترامب، أنهما ينتميان إلى نفس المدرسة الديماغوجية والجمع بين التصريحات الجامحة التي تخطف العناوين الرئيسة والجهل المطبق بالشؤون الدولية في مزيج خطير.

ويشير معد التقرير رضا ماراشي إلى أنه تم التوصل إلى نفس القدر من الأهمية ولكن بأقل فهم، حيث استخدم ترامب ورقة رابحة لقواعد اللعبة التي مارسها أحمدي نجاد في حملته الرئاسية لعام 2005؛ وكان الناخبون الإيرانيون محبطين إلى حد كبير في العام 2005. وحينها كانت الحركة الإصلاحية تمر بمرحلة حرجة، ولم يشعر جزء كبير من المجتمع الإيراني بتحسن في الوضع الاقتصادي رغم ارتفاع عائدات النفط في البلاد.

ودخل أحمدي نجاد السباق وانتقد برنامجه الانتخابي الشعبوي النخب السياسية في إيران لأنها تستخدم قوتها لاحتكار الثروة، ووعد بخلق فرص عمل، في نسخة إيرانية لحملة ترامب الحالية، “اجعل أميركا عظيمة من جديد”. وفي المقابل قال أكبر منافسي أحمدي نجاد، الرئيس السابق أكبر رفسنجاني إنه سوف يواصل الإصلاحات، ودعم التوصل إلى اتفاق نووي وتحفيز النمو الاقتصادي، وكل هذه الأشياء ينظر إليها معظم الإيرانيين بشكل إيجابي، وهي تبدو شبيهة بحملة هيلاري كلينتون.

دونالد ترامب يستخدم قواعد اللعبة التي مارسها محمود أحمدي نجاد في حملته الرئاسية لعام 2005

رفض معظم الإيرانيين رفسنجاني، وتجاهلوا إلى حد كبير تحذيرات المؤسسات السياسية التي كانت تشير إلى أن أحمدي نجاد يخطط لإقامة حكومة أشبه بحكومة طالبان. فبالنسبة إلى الناخبين في ذلك الوقت، يبدو أن صدى رسالة نجاد كان أكثر تأثيرا على اعتبار أنها مناهضة للمؤسسات الحاكمة وانتقدت وعودها الكاذبة بخلق فرص عمل.

وضع أحمدي نجاد الانتخابات في إطار أنها خيار بين المواطن العادي الذي فهم التحديات الناس ورفسنجاني “أب الفساد” في إيران، وفي النسخة الأميركية وصف ترامب منافسته هيلاري كلينتون بـ”المحتالة” و”غير الجديرة بالثقة”. وفي المقابل تعمل حملة كلينتون على تحذير الناخبين الأميركيين من أن ترامب ليس سوى “مدفع فضفاض لا يمكن الوثوق به”. ويبقى أن نرى ما إذا كانت تكتيكات التخويف تفيد اليوم أكثر مما كانت عليه قبل عشر سنوات في إيران.

وتبدو المواقف السياسية لترامب قصيرة ومفصّلة، لذلك من المستحيل تقريبا أن يتم وضعها كعقيدة رئاسية، ومع ذلك كانت لقاءاته الحوارية ثابتة حيث تطرق إلى مكافحة التجارة ومناهضة للحرب، وهو يميني متطرف في كل الأمور الأخرى. ومثل أحمدي نجاد في العام 2005، استخلص ترامب الفوائد من مسايرة البرامج الانتخابية المنافسة، واعتبر منافسته مسؤولة عن بعض السياسات التي تكفل هو بمهاجمتها. وفي إيران، لم يتم إجبار أحمدي نجاد على التغلب على هذا التناقض الأساسي، والآن يبدو أن ترامب سوف يجد نفسه في طريق مفتوح.

ويذكر أنه تم تقسيم الناخبين الإيرانيين في العام 2005 ولم يتبع الناخبون زعماءهم ولم يحجموا عن إحداث تغيير جذري. ولكن بعد 10 أعوام ربما يجد الناخبون الأميركيون أنفسهم في وضع مماثل. وعلى غرار أحمدي نجاد، يسعى ترامب إلى تأمين قاعدته من الناخبين المحافظين المتشددين ومداعبة مجموعة كبيرة من الناخبين المحبطين اقتصاديا لربح بعض الأصوات المناهضة للقيم التقليدية.

ويبقى التساؤل ملحا ومحاولة كشف طلاسمه واردة في ما إذا كان الناخبون الأميركيون سوف يتعلمون من تجارب نظرائهم الإيرانيين؟ وهل أن حملة كلينتون سوف تستلهم من تجارب الإصلاحيين الإيرانيين والسياسيين المعتدلين في العام 2005، لتقطع شوطا طويلا نحو تحديد النتيجة في يوم الانتخابات؟

12