تراكم المشكلات اللوجستية يدفع بتأجيل الانتخابات في إثيوبيا

أديس أبابا - قالت رئيسة اللجنة الانتخابية في إثيوبيا السبت إنه سيكون من المستحيل إجراء انتخابات برلمانية مقررة في الخامس من يونيو بسبب تزايد المشكلات اللوجستية معلنة إرجاءها من دون تحديد موعد جديد.
وعندما تولى رئيس الوزراء آبي أحمد السلطة قبل ثلاث سنوات، وعد بالتخلي عن ماضي إثيوبيا الاستبدادي وبإجراء انتخابات تكون الأكثر ديمقراطية في البلاد على الإطلاق.
وسبق أن أرجئت الانتخابات من أغسطس الماضي بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد، ومن ثم تفاقمت المشكلات مع اندلاع نزاع في إقليم تيغراي (شمال) وأعمال عنف إثنية وحشية في الكثير من المناطق.
وقالت رئيسة اللجنة بيروتكان ميديسكا إن "الاقتراع لن يجري في 5 يونيو.. لا يمكننا تحديد الموعد لأنه يتعين على اللجنة درس الآراء التي تلقتها من الأحزاب".
وأوردت عددا من الأسباب اللوجستية للتأخير مثل استكمال سجل الناخبين وتدريب موظفي الانتخابات وطبع بطاقات الاقتراع وتوزيعها.
وأضافت "عمليا من المستحيل إنجاز كل ذلك في المواعيد المحددة أساسا".
وأكدت أن الموعد الجديد سيأخذ في الاعتبار موسم الأمطار الذي يستمر من يونيو إلى سبتمبر.
وفي وقت سابق، أعلن المجلس الوطني للانتخابات بإثيوبيا تسجيل نحو 36 مليون ناخب في الانتخابات، فيما استثني إقليم تيغراي من الانتخابات المقبلة، وذلك بعد عملية عسكرية شنتها ضد "جبهة تيغراي" المتمردة، التي صنفتها الحكومة المركزية مؤخرا كمنظمة إرهابية، بجانب جماعة "أونق شني" المحسوبة على إقليم الأروميو.
وكان مجلس الانتخابات المعني بإجراء الانتخابات العامة في البلاد، مدد عملية تسجيل الناخبين أسبوعا حتى 14 مايو الجاري، لأسباب أمنية، مما يعد ثاني تمديد، إذ كان مقررا أن تنتهي أواخر أبريل الماضي.
وفي 25 مارس الماضي، أعلنت إثيوبيا بدء تسجيل الناخبين باستثناء إقليم تيغراي شمالي البلاد. ولا تزال التحديات الأمنية التي طالت عدة أقاليم ومناطق إثيوبية تشكل تهديدا للعملية الانتخابية في البلاد.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قد أكد في وقت سابق، استعداد حكومته لإجراء الانتخابات وتجاوز التحديات، وقال إن تشكيلته "تتحمل مسؤولية مزدوجة لضمان أن تكون الانتخابات سلمية وحرة ونزيهة".
وحذر من أن "أعداء إثيوبيا يعملون ليل نهار لتعطيل الانتخابات وتشكيل حكومة ضعيفة، مما يتطلب من جميع أصحاب المصلحة بذل كل جهد ممكن".
وتعد الانتخابات المقبلة السادسة من نوعها منذ إقرار البلاد الدستور الوطني عام 1994، والأولى في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد.
وقبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات، لم تكن قد برزت مؤشرات على خوض حملات فيما تعتزم الكثير من أحزاب المعارضة مقاطعة الاقتراع الذي وصفته بأنه "مهزلة".
وكانت إثيوبيا البالغ عدد سكانها 110 ملايين نسمة تعتزم تنظيم انتخابات لاختيار أعضاء البرلمان الوطني والبرلمانات المحلية.
وينتخب النواب رئيس الوزراء وكذلك الرئيس الذي يضطلع بدور رمزي إلى حد كبير.
وحتى مع إرجاء الموعد، يتوقع أن تبرز عدة أزمات أمنية تجعل من المستحيل إجراء الاقتراع في مساحات شاسعة من البلد.
ومن تلك المناطق إقليم تيغراي الواقع في الشمال، حيث شن آبي عملية عسكرية في نوفمبر الماضي أصبحت حربا طاحنة شهدت مجازر واعتداءات جنسية وحشية ومعاناة إنسانية.
وقالت بيرتوكان إن نحو 36 مليون ناخب تسجلوا حتى الآن، فيما لا تجري عمليات التسجيل بتاتا في بعض المناطق التي شهدت أعمال عنف إثنية ومن بينها أوروميا وأمهرة، أكثر الأقاليم تعدادا للسكان.
وتسلم آبي أحمد السلطة في 2018 بعدما أجبرت سنوات من احتجاجات أكبر مجموعتين إتنيتين، هما أورومو وأمهرة، سلفه هايلا مريم ديسالين على الاستقالة.
وأثار أحمد وهو أول رئيس وزراء على الإطلاق من الأورومو الأمل بعدما أفرج عن منشقين من السجن، واعتذر إزاء الأعمال الوحشية للدولة وأعاد إلى البلاد مجموعات منفية، في إطار تجدد للديمقراطية كان سيتوج في أكثر انتخابات تنافسية في تاريخ إثيوبيا.
والائتلاف الحاكم الذي سبق آبي أحمد، أعلن عن الفوز بغالبية كبيرة في دورتي الانتخابات السابقتين، واللتين قال مراقبون إنهما لم تفيا بالمعايير الدولية للنزاهة.
وفي انتخابات أكثر انفتاحا العام 2005 حققت المعارضة مكاسب كبيرة لكن ذلك أدى إلى قمع دام لاحتجاجات رافضة للنتائج.
وحاز آبي جائزة نوبل للسلام في 2019 تقديرا لإصلاحاته ومنها وضع حد لنزاع طويل مع إريتريا حول خلاف حدودي.
وحلّ آبي الائتلاف الحاكم وأسس حزب الازدهار مهمشا جبهة تحرير شعب تيغراي التي هيمنت على السياسات الوطنية لعقود.
وتزايد تحدي الجبهة لسلطته وأجرت انتخاباتها المحلية رغم الإرجاء بسبب الفايروس.
وتحول النزاع إلى أعمال عنف عندما أرسل رئيس الوزراء جنوده إلى تيغراي للإطاحة بالحزب بعدما اتهمه بمهاجمة معسكرات للقوات الفيدرالية، لكن العملية التي وصفت بحملة عسكرية مقتضبة تحولت إلى حرب طاحنة.
وبموازاة ذلك تفاقمت أعمال العنف الإثنية مع مقتل المئات منذ مارس في هجمات في إقليم أمهرة وتزايد أعداد القتلى في مناطق متوترة أخرى.
وتضم إثيوبيا عشرة أقاليم فيدرالية تتمتع بحكم شبه ذاتي، ومقسمة إلى حد كبير على أساس عرقي. وكثيرا ما تثير الخلافات السياسية والنزاعات حول أراض، أعمال عنف بين الأقاليم وداخلها.
ويقول المحللون إن إصلاحات آبي السياسية بعد سنوات من حكم بيد حديد، أدت إلى تفاقم القومية االإثنية والصراع على السلطة.