تراجع الدعم الغربي يضع أوكرانيا في موقف دفاعي ضعيف

انتكاسة منيت بها القوات الأوكرانية بسبب النقص في القوة البشرية والذخيرة التي يزودها بها الغرب.
الأحد 2024/02/25
في انتظار الإمدادات الأوروبية الموعودة

كييف- يدخل الغزو الروسي عامه الثالث وأوكرانيا في وضع ضعيف بسبب تلاشي المساعدات الغربية بينما تكتسب الآلة العسكرية الروسية قوة مع تحقيقها مكاسب جديدة.

وعندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن “عملية عسكرية خاصة” فجر 24 فبراير 2022، توقع الكثيرون نصرا لموسكو في غضون أيام، لكن أوكرانيا تصدت للهجوم وأرغمت القوات الروسية أكثر من مرة على التراجع.

غير أن أوكرانيا منيت بانتكاسات مع فشل هجومها المضاد في 2023. وفي المقابل تمكن الجيش الروسي من بناء موقع قوة بفضل ازدهار الإنتاج الحربي، في حين تعاني القوات الأوكرانية من نقص في القوة البشرية ونقصا في الذخيرة التي يزودها بها الغرب للمدفعية والدفاعات الجوية.

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي الجمعة إن القرارات المتعلقة بإمدادات الأسلحة ينبغي أن تكون “الأولوية”.

◙ بوتين استغل فترة الحرب لحشد المشاعر الوطنية وشن حملة قمع أشد قسوة على المعارضة، فيما قلة من الأشخاص يجرؤون على التعبير عن معارضتهم للحرب

وبمناسبة الذكرى توافد زعماء غربيون من بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين التي أشادت بـ”المقاومة الاستثنائية” لأوكرانيا لدى وصولها إلى كييف السبت.

كما وصلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الحكومة الكندية جاستن ترودو.

لكن المشهد العام يظل قاتما بالنسبة إلى كييف بسبب عرقلة الكونغرس الأميركي حزمة مساعدات حيوية بقيمة 60 مليار دولار. ويضاف هذا إلى التأخير في وصول إمدادات أوروبية موعودة.

وجدد الرئيس الأميركي جو بايدن دعواته للمشرعين الجمهوريين للإفراج عن التمويل الإضافي، محذرا من أن “التاريخ يرصد” و”الإخفاق في دعم أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة لن يُنسى”.

وقال القائد الأعلى للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي السبت إن أوكرانيا ستنتصر على “الظلام” الروسي. وكتب على تلغرام “أنا مقتنع أن انتصارنا يكمن في الوحدة. وهذا سيحدث بالتأكيد. لأن النور دائما ينتصر على الظلام”.

وتفقد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو السبت قواته في مناطق تحتلها في أوكرانيا، وقال للجنود في أحد مراكز القيادة “اليوم، من حيث نسبة القوات، فإن الأفضلية لنا”.

وجاء في بيان الجيش أن شويغو أُبلغ أن القوات الروسية في وضع هجومي بعد السيطرة على مدينة أفدييفكا الصناعية الإستراتيجية.

وتكثف روسيا هجومها في الشرق وكانت بلدة ماريينكا المدمرة بالقرب من دونيتسك آخر النقاط الساخنة التي استولت عليها بعد أفدييفكا شديدة التحصين في 17 فبراير.

وتضرر الاقتصاد الأوكراني أيضا بسبب إغلاق المزارعين البولنديين الحدود، ما يهدد الصادرات ويعطل تسليم الأسلحة بحسب كييف.

وفي كييف تخيم أجواء قاتمة لكن لا تخلو من التحدي ويقول الأهالي إنهم باتوا معتادين على ظروف الحرب.

وقالت خبيرة التغذية أولغا بيركو في كييف “بالنسبة إلى نساء أوكرانيا، نتألم لأزواجنا وأبنائنا وآبائنا”. وأضافت “أود حقا أن ينتهي هذا في أسرع وقت”.

◙ المشهد العام يظل قاتما بالنسبة إلى كييف بسبب عرقلة الكونغرس الأميركي حزمة مساعدات حيوية بقيمة 60 مليار دولار
المشهد العام يظل قاتما بالنسبة إلى كييف بسبب عرقلة الكونغرس الأميركي حزمة مساعدات حيوية بقيمة 60 مليار دولار

وقال يوري باسيتشنيك، رجل أعمال يبلغ 38 عاما، “نعم، بالطبع تعلمنا كيف نتعايش معها.. الحرب الآن هي حياتنا”.

وقال كوستيانتين غوفمان (51 عاما) “أعتقد أننا في حاجة إلى المزيد من الأسلحة حتى نتمكن من طرد هذه الروح الشريرة من أرضنا والبدء في إعادة بناء أوكرانيا”.

وتحتاج أوكرانيا إلى نحو نصف تريليون دولار لإعادة بناء البلدات والمدن التي دمرت في الغزو الروسي، وفقا لأحدث تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية.

وتقدر أوكرانيا أن نحو 50 ألف مدني قتلوا. ولم يعلن أيّ من الطرفين عن أعداد القتلى والجرحى العسكريين، فيما تؤكد كل جهة إلحاقها بالجهة الأخرى خسائر فادحة.

وفي أغسطس 2023 نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أميركيين قولهم إن حصيلة الخسائر العسكرية لأوكرانيا بلغت 70 ألف قتيل و120 ألف جريح.

وأشارت تسريبات استخباراتية أميركية في ديسمبر إلى مقتل أو جرح ما يقرب من 315 ألف عسكري روسي.

وعلى الجبهة الشرقية تنخفض المعنويات في وقت تتكبد فيه القوات الأوكرانية خسائر على الأرض أمام القوات الروسية التي تتفوق عليها عددا وعتادا.

وقال جندي قرب باخموت طالبا عدم الكشف عن هويته “نفدت الذخائر لدينا والروس يواصلون التقدم. عدد كبير من رفاقنا أصيبوا أو أسوأ من ذلك. كل شيء يزداد سوءا”.

وأعلنت بريطانيا السبت عن حزمة عسكرية جديدة بقيمة 245 مليون جنيه إسترليني (311 مليون دولار) للمساعدة في تعزيز إنتاج “ذخائر مدفعية تشتد الحاجة إليها” لأوكرانيا، فيما شدد رئيس الوزراء ريشي سوناك في بيان سابق تزامنا مع ذكرى الحرب على أن “الطغيان لن ينتصر أبدا”.

وعززت موسكو إنتاجها من الأسلحة بشكل كبير وحصلت على مسيّرات من إيران، فيما تقول كييف إنها تأكدت من استخدام روسيا لصواريخ كورية شمالية.

◙ أوكرانيا منيت بانتكاسـات مع فشـل هجومها المضاد وتراجع الدعم الغربي، في المقابـل تمكنت روسـيا من التحول إلى موقع قوة

وقال زيلينسكي في ديسمبر إن الجيش يسعى لتعبئة ما يصل إلى 500 ألف جندي إضافي. وأثار مشروع قانون بهذا الخصوص مخاوف واسعة النطاق.

وتسببت الحرب في عزلة أكبر لروسيا عن الغرب، مع فرض الولايات المتحدة وحلفائها سلسلة من العقوبات.

لكن بوتين تجاهل التداعيات وأشاد بالجنود معتبرا أنهم “أبطال وطنيون حقيقيون”.

واستغل بوتين فترة الحرب لحشد المشاعر الوطنية وشن حملة قمع أشد قسوة على المعارضة، فيما قلة من الأشخاص يجرؤون على التعبير عن معارضتهم للحرب.

ومع وفاة أبرز معارضي الكرملين أليكسي نافالني في السجن خلت الساحة أمام بوتين المتوقع أن يحظى بولاية جديدة في الانتخابات الشهر المقبل.

وفي شوارع موسكو أكد معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم فرانس برس دعمهم للجنود الذين يحاربون في أوكرانيا.

وقالت نادجدا المهندسة في مجال البيئة والبالغة 27 عاما ”أنا فخورة برجالنا”. وأضافت “بالطبع أنا قلقة عليهم لكن من المطمئن أنهم بخير. يحاربون من أجل وطننا”.

لكن كونستانين أستاذ الدراما والذي يعمل حاليا نادلا كان له رأي مغاير وقال “أنا ضد كل الحروب. مرّ عامان ويزعجني أن الناس لا يستطيعون التحدث لبعضهم البعض ولا يزالون في حرب”.

6