تدوير الملابس من كساء للفقراء إلى موضة تراعي البيئة

العلامات التجارية الكبرى للأزياء تتجه إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
الثلاثاء 2021/02/16
موضة وبيئة

مع تزايد الوعي بأهمية صناعة الموضة وبمخاطرها في الوقت نفسه -فهي إحدى الصناعات الأكثر تلويثا على كوكب الأرض- بدأت دور الأزياء وماركات صناعة الملابس العالمية التي تصنع ملابسها في بنغلاديش تتجه إلى توفير منتوجات تبرز الجانب الجمالي والمبهر مع مراعاتها للبيئة وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة من التصنيع بحلول سنة 2030.

داكا – ينبغي أن يأخذ المرء بعين الاعتبار لدى اتخاذه قرارا بشراء قطعة ملابس ما يمثله تصنيع هذه الثياب من تأثير ضار على البيئة وما تنطوي عليه من بيانات مثيرة للقلق، فلم تعد صناعة الموضة تُظهر جانبها الجمالي والمبهر فحسب، بل بات مدى مراعاتها للبيئة أمرا يؤخذ في الحسبان وازداد التعويل على صناعة الثياب من أنسجة معاد تدويرها.

تعمل العلامات التجارية الكبرى للأزياء، بما في ذلك إتش.أند.أم وماركس أند سبنسر وسي.أند.أي، على دعم مبادرة في بنغلاديش تهدف إلى استخدام المزيد من المواد المعاد تدويرها في إنتاج الملابس وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة من التصنيع بحلول سنة 2030.

وتجمع الشراكة التي تم الإعلان عنها مؤخرا أكثر من 30 علامة تجارية عالمية وشركات إعادة تدوير بنغلاديشية ومصنعي ملابس في محاولة لإعادة استخدام نفايات المنسوجات من مصانع الملابس لتصنيع منتجات جديدة.

وبعد أن كان العمل بالخيط المعاد تدويره مرادفا للفقر وسوء الجودة، أصبح اليوم قيمة مضافة، كما أنه يساعد على ترشيد استهلاك الماء والطاقة ويقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويتيح الاستغناء عن المبيدات الحشرية والمنتجات الملوثة ويقلل مساحة الأرض المخصصة لمستودعات القمامة.

وقالت أجندة الأزياء العالمية، وهي هيئة غير ربحية تقود المخطط الجديد، إنه يمكن تكرار المبادرة في بلدان أخرى مثل إندونيسيا وفيتنام إذا نجحت للمساعدة في خفض انبعاثات صناعة الأزياء الأوسع.

ويجري سنويا استهلاك ما بين 80 مليارا و100 مليار قطعة ملابس، أي ما يمثل 12 أو 14 قطعة للشخص.

Thumbnail

وتساهم عملية التخلص من الملابس من قبل المستهلكين أو شركات الملابس في الإضرار بالبيئة، حيث تحتوي تلك الملابس على الأزرار والحلي المصنوعة من البلاستيك، إلى جانب أنها تتسبب في تصاعد أدخنة شديدة عند حرقها فهي لا تتحول إلى رماد وتبقى دون أن تتحلل.

ووفقا لما ذكرته الهيئة، في 2018 تجاوزت انبعاثات الغازات الدفيئة في القطاع 2 مليار طن، وهو رقم يجب خفضه إلى النصف بحلول سنة 2030 ليتماشى مع أهداف المناخ العالمية.

وقالت المتحدثة باسم الهيئة، أليس روبرتا تايلور، في تعليقات عبر البريد الإلكتروني “إن الحد من الآثار البيئية مثل انبعاثات غازات الدفيئة والتدوير يسيران جنبا إلى جنب”.

وأشارت إلى أن الشراكة ستخفض انبعاثات الكربون من إنتاج الملابس والطلب على المواد الخام، والتي تشمل الوقود الأحفوري، من خلال تقليل كمية النفايات وزيادة استخدام المواد المعاد تدويرها.

وبموجب اتفاق باريس للمناخ لسنة 2015، وافقت حوالي 200 دولة على تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ عبر الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية هذا القرن إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية.

ووفقا لبحث أجرته أجندة الأزياء العالمية وماكنزي وشركاؤه في 2020، تنتج صناعة الأزياء 4 في المئة من الانبعاثات الدفيئة أي ما يعادل الانبعاثات من فرنسا وألمانيا وبريطانيا السنوية مجتمعة.

وشدد على الحاجة إلى تكثيف الجهود للتوافق مع اتفاقية باريس، كما قدّر برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة في 2019 حصة صناعة الأزياء من انبعاثات الكربون بنسبة 10 في المئة، أي أكثر من جميع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري مجتمعين. وقال إنها ثاني أكبر مستهلك للمياه.

شراكة بين علامات تجارية وشركات تدوير بنغالية لإعادة استخدام نفايات المنسوجات في تصنيع منتجات جديدة

وتعدّ بنغلاديش، التي تعتبر معرضة لتأثيرات تغير المناخ مثل الفيضانات والعواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، ثاني أكبر منتج للملابس في العالم ويعتمد اقتصادها عليها بشكل كبير.

لكن، حسبما قال الاتحاد العالمي للصناعة، معظم النفايات الناتجة عن الصناعة تصدّر أو يتم تدويرها لاستخدامات أقل قيمة، مضيفا أن الخطة الدائرية تهدف إلى تغيير ذلك من خلال زيادة قيمة النفايات.

وقال ميران علي، وهو مدير في اتحاد مصنعي ومصدري الملابس في بنغلاديش، إن الوقت قد حان لابتعاد صناعة الأزياء عن نموذج الأعمال الخطي واعتماد اتجاه نهج دائري.

وأشار إلى أنه نظرا لأن المصانع البنغلاديشية تنتج سلعا بكميات كبيرة، فإن نفاياتها موحدة، مما يسهل التعامل معها، مضيفا “لذلك يمكن لبنغلاديش أن تكون رائدة عالميا في مجال الاقتصاد الدائري”.

وقد وافق صندوق المناخ الأخضر، الذي تم إنشاؤه لمساعدة الدول النامية على تبني الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ، على مشروع منفصل العام الماضي للمساعدة في خفض الانبعاثات في قطاع الملابس في بنغلاديش من خلال تمكين استخدام أكثر كفاءة للطاقة.

وقالت إتش.أند.أم، وهي واحدة من أكبر زبائن الصناعة في بنغلاديش وتتعامل مع 260 مصنعا بنغاليا، إنها تعمل على تحويل أعمالها بالكامل لتصبح بيئية. وتشمل أهداف سلسلة الأزياء السويدية جعل سلسلة التوريد “محايدة مناخيا”، بمعنى أنها لا تساهم في الاحتباس الحراري، واستخدام المواد المعاد تدويرها أو غيرها من المواد ذات المصادر المستدامة فقط، بحلول سنة 2030.

وقالت سيسيليا تيباد بيرنتسون، وهي مديرة الاستدامة البيئية في إتش.أند.أم، “بينما نتحرك نحو نموذج أعمال قائم على الاقتصاد الدائري، يتم دفع أجندتنا المناخية. ونريد استغلال حجمنا لإحداث فرق”.

20