تدريب المناعة حل لتقبل الحساسية من الفول السوداني

العلماء يرون أنه من الأفضل تناول كميات محدودة منه مع متابعة دقيقة من الأطباء.
الجمعة 2019/11/01
تناول كميات صغيرة من الفول السوداني يدرب المناعة على الاستجابة

تعد حساسية الفول السوداني مرضا مميتا لم يتوصل العلماء إلى حد الآن إيجاد علاج فعال ونهائي له، لكن ذلك لا يعني التوقف نهائيا عن تناوله خشية الوفاة. ويرى العلماء أنه بدل الاستغناء عنه تماما وهو ما قد يزيد الطين بلة، من الأفضل تناول كميات محدودة منه مع متابعة دقيقة من الأطباء تساعد الجهاز المناعي على التعامل مع استجابة الخلايا له.

لندن – تشير دراسة جديدة إلى أن علاج حساسية الفول السوداني عبر التناول المنتظم لكميات صغيرة منه فعال، لكن شرط أن يكون المريض خاضعا لبرنامج علاجي متواصل.

فحص فريق من العلماء في كلية كينغز لندن تفاعل خلايا المرضى مع مكونات الفول السوداني ووجدوا أنه لم يكن هناك تغير. وقالوا إن العلاج المناعي يقدم “حماية ولكنه ليس علاجا” لهذا النوع من الحساسية.

وأكدت مؤسسة “آلارجي يو كاي الطبية” أنه على الرغم من ذلك يعد العلاج المناعي “خطوة إيجابية”.

ويقدر أن حوالي واحد من كل 50 طفلا في المملكة المتحدة مصاب بحساسية الفول السوداني.

ويوضح الباحثون أنه لا يوجد علاج. والطريقة الوحيدة التي يمكن لمعظم الناس القيام بها لحماية أنفسهم من الحساسية هي محاولة تجنب الفول السوداني، الأمر الذي قد يكون صعبا ومقيدا وأكثر تعقيدا وخطرا.

وخلال العلاج المناعي، يتم إعطاء الناس كمية صغيرة من المادة التي تسبب لهم الحساسية، مثل الفول السوداني، كل يوم. إنه يعمل عن طريق حث الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة تقلل من استجابة الجسم للحساسية، لذلك إذا تعرض شخص ما لكمية صغيرة من الفول السوداني، فبإمكانه أن يتأقلم معها ويكون أقل عرضة لرد فعل خطير.

نتائج الدراسات توصلت إلى أن الخوف من رد الفعل التحسسي الذي يهدد الحياة والمسبب لحالتي القلق والتوتر له تأثير خطير على نوعية الحياة

ويشارك أكثر من 100 شخص في بريطانيا في تجارب العلاج الذي لا يزال غير متوفر لدى الهيئات التابعة للخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة.

وفي هذه الدراسة، أراد باحثون من كلية كينغز ومستشفى الأطفال “إفيلينا لندن” أن يرصدوا كيفية تصرف الخلايا حتى يتمكنوا من معرفة ما إذا كان المرضى لا يزالون يعانون من الحساسية ويحتاجون إلى مواصلة العلاج أو إذا لم تعد لديهم حساسية ويمكنهم تناول الفول السوداني دون قلق.

وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية نقلا عن مجلة “جورنال أوف آلارجي اند كلينيكال ايمونولوجي” أن الباحثين اختبروا عينات لـ14 مريضا قبل وبعد العلاج. ووجدوا أنه حتى بعد إزالة الأجسام المضادة، تفاعلت الخلايا تجاه الحساسية بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها قبل العلاج.

وقالت الدكتورة ألكسندرا سانتوس، التي قادت الدراسة، “هناك حاجة ماسة لعلاجات نهائية لحساسية الفول السوداني وبقية الأغذية الأخرى”.

العلماء يعتبرون أن استخدام العلاج المناعي يعد خطوة إيجابية في توفير مستوى من الحماية لم يكن موجودا من قبل

وأضافت “حاليا، العلاج المناعي هو الخيار الوحيد الذي يمكننا تقديمه لمرضى الحساسية من الفول السوداني”. وظل السؤال ما إذا كان العلاج المناعي يمكن أن يغير الاستجابة للحساسية.

وأردفت “كان بعض المرضى يأملون في أن يتمكنوا من تناول الفول السوداني، لكن هذا فقط سوف يوفر لهم الحماية من مواجهة الأعراض الخطرة”.

وشددت على أنه من المفيد أن تكون قادرا على إخبار الأشخاص بأن الحماية ستستمر فقط أثناء العلاج المناعي. وأوضحت ألكسندرا أن المراهقين، على سبيل المثال، غير ملتزمين بالعلاج المناعي ويمكنهم التوقف عن تناول الفول السوداني. وهذا يعني أنهم يعرضون أنفسهم لمضاعفات أشد خطورة.

وقالت أمينة وارنر مديرة الخدمات الكلينيكية في (آلارجي يو كاي)، “الخوف من رد الفعل التحسسي الوخيم الذي يهدد الحياة وهو ما يطلق عليه الحساسية المفرطة والقلق والتوتر المرتبط بحساسية الفول السوداني له تأثير خطير على نوعية الحياة”.

ولفتت الأخصائية وارنر إلى “أن الحصول على علاجات جديدة لمواجهة مخاطر التعرض للمضاعفات عن طريق تحمل كميات صغيرة من بروتين الفول السوداني يمكن أن يزرع الأمل لدى المتضررين من الحساسية تجاهه.

قد لا يكون هذا علاجا، ونأمل أن يتم العثور عليه يوم ما، لكن العلاج المناعي يعد خطوة إيجابية في توفير مستوى من الحماية لم يكن موجودا من قبل”.

الفول السوداني يؤثر على نوعية الحياة
الفول السوداني يؤثر على نوعية الحياة

ويذكر أن دراسة مشتركة أميركية بريطانية سابقة كانت قد توصلت إلى “علاج” ضد حساسية الفول السوداني.

وكشفت صحيفة “الإندبندنت” أن الدراسة اشتركت فيها جامعتا تينيسي الأميركية وكينغز البريطانية، وأن نتائجها تعد الأكبر من نوعها حتى الآن في مجال مقاومة الحساسية.

وشملت الدراسة 496 طفلا تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 17 سنة، ووجدت أن ثلثي الأطفال الذين شاركوا في الدراسة لم يتحملوا تناول 10 حبات من
الفول السوداني قبل الدراسة، لكن مستوى تحملهم تحسن بعد خضوعهم للتجربة.

وتلقى ثلثا المشاركين كبسولات تحتوي على جزيء بروتيني وجد في الفول السوداني، المعروف بأنه محفز رئيسي لردود الفعل التحسسية، بينما تناول الباقي حبوبا بديلة، مع زيادة تركيز البروتين كل أسبوعين لمدة 6 أشهر تحت إشراف طبي و6 أشهر أخرى بمعدل ثابت.

وكشفت نتائج الدراسة أن 67 بالمئة من المشاركين يمكنهم تحمل 600 ملليغرام على الأقل من بروتين الفول السوداني، وهو ما يعادل حبتين من الفول السوداني دون رد فعل، مقارنة بـ4 بالمئة فقط من أولئك الذين تلقوا العلاج البديل. وأشارت الدراسة إلى أن معدل تحمل بعض الأطفال المشاركين ازداد من 4 إلى 7 حبات فول سوداني.

ومع ذلك حذر فريق الباحثين من أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة التوصل لحل سريع، أو أن الأشخاص الذين يعانون من حساسية الفول السوداني سيكونون قادرين على تناوله في أي وقت يريدون، “لكنها بالتأكيد نتائج مبشرة وواعدة”.

وعرض موقع مايو كلينك الأميركي تقريرا تناول أعراض حساسية الفول السوداني الخطيرة والشديدة الخطورة التي قد تؤدي إلى الوفاة.

وتَحدُث الاستجابة التحسُّسية لهذا النوع من الأغذية عادة خلال دقائق بعد أكله. ويمكن أن تشمل علامات وأعراض الحساسية سيَلان الأنف وردَّ فعل تحسُّسي جلدي، مثل الشَرَى، والاحمرار، والتورُّم وحُكّة أو وخزا في الفم والحلق أو حولهما ومشكلات الهضم، مثل الإسهال وتشنجات في المعدة والغثيان أو القيء وشدّ في الحلق وضيق النفس أو الصفير.

وتعد حساسية الفول السوداني السبب الأكثر شيوعا للإصابة بحساسية البروتينات من الطعام، وهي حالة طوارئ تَتطلب العلاج بحقن الإبينفرين (أدرينالين) علاوة على التوجه لقسم الطوارئ.

ومن أكثر علامات وأعراض حساسية البروتينات شيوعا انقباض مجاري الهواء وتورم الحلق الذي يجعل التنفس صعبا وهبوط حاد في الضغط ونبض سريع ودُّوَار أو دوخة أو فقدان للوعي.

12