تدخين الحامل لسجائر دون دخان يرفع ضغط دم طفلها

تعتقد الكثير من الحوامل أن تدخين سجائر دون دخان قد يمنع خطر انتقال مضار التبغ إلى أجنتهن، لكن العلماء أثبتوا أن الخطر لا يقتصر على استنشاق الدخان وإنما يكمن داخل النيكوتين الذي يتسرب عبر الدم إلى داخل الرحم.
ستوكهولم - أظهرت دراسة سويدية أن الأطفال الذين دخنت أمهاتهم سجائر دون دخان أثناء الحمل، يعانون من ارتفاع في ضغط الدم في الوقت الذي تتراوح فيه أعمارهم بين 5 و6 سنوات مقارنة بأقرانهم الذين تجنبت أمهاتهم التبغ.
قام الباحثون بفحص ضغط الدم لدى 21 طفلا تعرضوا للإصابة بالتهاب ناتج عن التبغ الذي لا يفرز دخانا، عندما كانوا داخل الرحم، و19 طفلا لم يتعرضوا للتبغ قبل الولادة.
بلغ متوسط ضغط الدم الانقباضي 4.2 مم زئبق (مليمتر من الزئبق)، وهو “الرقم الأعلى”، لدى الأطفال الذين تعرضوا للتبغ مقارنة بغيرهم. وهذا يدل على الضغط الكبير الذي يفرضه الدم على جدران الشرايين كلما نبض القلب.
وقالت الدكتورة فيليسيا نوردنستام، باحثة معهد كارولينسكا في ستوكهولم، “لا نعرف ما إذا كانت لارتفاع ضغط الدم الانقباضي تداعيات على صحة القلب والأوعية الدموية في الحياة لاحقا، مازال يتعين دراستها”.
وأضافت نوردنستام لرويترز عبر البريد الإلكتروني “من غير المعروف أي قدر من التبغ يكون آمنا أثناء الحمل”.
تدخين الأم يؤثر أيضا على كفاءة الرئتين لدى المواليد، وهي أسباب رئيسية تزيد معدلات وفيات الرضع
وأردفت “يجب على النساء الامتناع عن جميع أنواع التبغ والمنتجات المحتوية على النيكوتين خلال الحمل”. وإذا لم يكن الإقلاع عن التدخين والنيكوتين خيارا، فمن المستحسن تخفيض الجرعات قدر الإمكان”.
وحللت الدراسة أيضا معدل ضربات القلب لدى كل طفل والذي يتحكم فيه جزء من الجهاز العصبي الذي يتأثر بالنيكوتين. وبعد تقييم تقلب معدل ضربات القلب، وهو مقياس لاستجابة القلب للمتطلبات المتغيرة، وجد فريق الدراسة أن الأطفال الذين دخنت أمهاتهم سجائر دون دخان كانوا يعانون من ضعف معدل ضربات القلب.
ولم يجد الباحثون أي ارتباط بين التعرض لهذا النوع من التبغ قبل الولادة وضغط الدم “الانبساطي”، وهو العدد السفلي، مما يشير إلى مقدار الضغط الذي يمارسه الدم على جدران الشرايين عندما يكون القلب في حالة راحة بين النبضات.
ويذكر أن الدراسة السويدية ركزت فقط على النساء الحوامل اللاتي استخدمن جرعات عالية من منتجات التبغ التي وفرت ما قدره 48 ملليغراما أو أكثر من النيكوتين يوميا طوال فترة الحمل بأكملها. وتمت مقارنة نتائج أطفالهن بأطفال الأمهات اللائي لم يستخدمن منتجات التبغ على الإطلاق خلال فترة الحمل.
وتجدر الإشارة إلى أنه لم يكن لدى أي من الأطفال في الدراسة آباء يدخنون السجائر أثناء الحمل أو أثناء طفولتهم المبكرة.
كما لاحظ الباحثون في تقرير نشر في مجلة “ذو جورنال أو ذي أميريكان هارت اسوسيايشن” أن الاختلافات في ضغط الدم الانقباضي بين الأطفال الذين يعانون من التعرض للتبغ أو دونه كانت أكبر بفارق يتراوح من 1 إلى 3 مم زئبق الموجود في بعض الدراسات الحديثة حول تدخين السجائر أثناء الحمل.
ومن بين القيود على هذه الدراسة صغرها وعدم وجود بيانات طويلة الأجل لتحديد ما إذا كان التعرض للتبغ أثناء الحمل يمكن أن يؤدي إلى مشكلات قلبية وعائية دائمة للأطفال وكيف يحدث ذلك.
وقالت نوردنستام “إن الآلية الدقيقة وراء التعرض للنيكوتين قبل الولادة وتغيير التحكم في القلب وتنظيم ضغط الدم غير مفهومة تماما”.
لكن الباحثين يشيرون إلى أن ضغط الدم يميل إلى اتباع مسار يبدأ في الطفولة، مما يجعل الأطفال الذين لديهم أعداد مرتفعة قليلا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم عند البالغين.
وكانت العديد من الدراسات السابقة قد ربطت بين التدخين أثناء الحمل ومجموعة واسعة من المضاعفات، بما في ذلك الولادات قبل الأوان وانخفاض الوزن عند الولادة والإملاص والعيوب الخلقية ومتلازمة موت الرضع المفاجئ.
وأضافت تلك الدراسات أن تدخين الأم يؤثر أيضا على كفاءة الرئتين لدى المواليد، وهي أسباب رئيسية تزيد معدلات وفيات الرضع، إضافة إلى تأثيره السلبي على النمو البدني والنضج في مرحلة المراهقة.
وقد حذرت دراسة تركية سابقة من أن تدخين الأمهات أثناء الحمل، يضر بخصوبة ذريتهن الإناث في المستقبل ويعرضهن لمشكلات الصحة الإنجابية على المدى الطويل.
أجرى الدراسة باحثون في مستشفى “سيغلي” الحكومي للتدريب في تركيا، وعرضوا نتائجها أمام مؤتمر الجمعية الأوروبية لطب الغدد الصماء للأطفال في العاصمة النمساوية فيينا.
وأوضح الباحثون أنه من المعروف على نطاق واسع، أن التدخين أثناء الحمل يضر بصحة الأم والطفل، لكن الضرر يطال أيضا بعض الحوامل اللاتي يتعرضن للتدخين السلبي ويستنشقن السموم الموجودة في دخان السجائر.
وللتوصل إلى نتائج الدراسة، راقب الفريق 56 أنثى و64 ذكرا حديثي الولادة، كانت أمهاتهم يدخنّ التبغ أثناء فترة الحمل. ووجد الباحثون أن تدخين الأم أدى إلى زيادة تعرض الإناث لهرمون الذكورة أو “التستوستيرون” في الرحم، وهو ما يؤثر على نمو أعضائهن التناسلية بصورة طبيعية، ويعرضهن لتأثيرات سلبية طويلة المدى على خصوبتهن والتمثيل الغذائي لديهن.
وأضافوا أن التدخين يحدث اضطرابات في الغدد الصماء لدى الأم، وهو ما يعرض الإناث المواليد لمشكلات الصحة الهرمونية والإنجابية على المدى الطويل، لكن في المقابل لم يرصد الباحثون تأثيرات على خصوبة المواليد الذكور مقارنة بالإناث.
وقال الدكتور دينيز أوزالب كيزيلاي، قائد فريق البحث، إن “تعرض الفتيات المفرط لهرمون التستوستيرون نتيجة تدخين الأم، يشكل خطرا على الصحة الإنجابية، بما في ذلك التمثيل الغذائي والخصوبة على المدى الطويل”. وأضاف “على حد علمنا، هذه المرة الأولى التي يتم فيها رصد الآثار السلبية لتدخين الأم على خصوبة ذريتها الإناث، وهي مساهمة قيّمة في فهمنا بشكل أفضل للآثار السلبية لتدخين الأم على الأجيال القادمة”.
كما أفادت دراسة أميركية حديثة بأن إدمان النيكوتين، الذي يأتي نتيجة تدخين السجائر، يزيد فرص الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
الدراسة أجراها باحثون بالمعهد الوطني لتعاطي المخدرات في الولايات المتحدة، ونشروا نتائجها في العدد الأخير من دورية “نايتشر” العلمية.
ولكشف العلاقة بين التدخين ومرض السكري، راقب الفريق مجموعة من الفئران، التي عرضوها إلى مستويات وصلت إلى حد إدمان النيكوتين، بصورة تماثل مدمني التبغ.
ووجد الباحثون أن إدمان النيكوتين يُحدث تباينا في مجموعة من الجينات التي تنظم التعبير الجيني في البنكرياس والكبد وتحدد مستويات الجلوكوز في الدم.
واكتشف الفريق أن هذا التباين في الجينات التي يطلق عليها (تي.سي.أف 712) تزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.
وقالت الدكتورة نورا فولكو، قائدة فريق البحث، “هذا الاكتشاف غير المتوقع يشير إلى وجود صلة بين إدمان النيكوتين وبداية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني”.