تدابير لحماية الأطفال من الابتزاز الجنسي على الإنترنت

برلين - يستغل المبتزون التسجيلات والصور الحميمية للضغط على ضحاياهم، وكثيرا ما يقع الأطفال والمراهقون ضحايا لهذه الظاهرة، التي تعرف باسم الابتزاز الجنسي. وأوضحت هيئة الوقاية من الجريمة بألمانيا أن المبتزين يتواصلون من الضحايا الصغار في كثير من الأحيان عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي أو تطبيقات المواعدة أو دردشة الألعاب، ولكي يتم كسب ثقة المستخدمين الصغار فإنهم يتظاهرون بوجود جوانب مشتركة بينهم مثل الادعاء بوجود نفس الاهتمامات.
وبعد مرور فترة قصيرة من الوقت يقوم المبتزون بنقل المحادثات الودية والمرحة إلى قنوات اتصال أخرى مثل خدمات التراسل الفوري، حتى يتم تجاوز تدابير الأمان، التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي لحماية القاصرين. وحذر الخبراء من أن المحادثات البسيطة قد تنتهي لاحقا بطلب صور أو مقاطع فيديو عارية، وفي أغلب الحالات ينتمي المبتزون للمحيط الاجتماعي المباشر للضحايا، مثل المدرسة، وغالبا ما يكونون من الذكور.
وسواء كان المبتزون من الغرباء أو المعارف فإن عملية الابتزاز هي نفسها، وبمجرد أن يحصل المبتزون على تسجيلات حميمية، فإنهم يقومون بابتزاز الضحايا من خلال التهديد بنشر الصور أو مقاطع الفيديو، وغالبا ما تكون مطالب المبتزين دفع مبالغ نقدية أو الحصول على المزيد من التسجيلات.
ويتعين على الآباء توعية الأطفال والمراهقين بشأن مخاطر التعامل مع الآخرين على الإنترنت. ونصحت كارين فيلهلم، خبيرة حماية المستهلك بالمكتب الاتحادي لأمان تكنولوجيا المعلومات بألمانيا قائلة: “من الأمور الصحية على الإنترنت عدم الثقة بشكل أساسي في الغرباء،” وأضافت قائلة:
◙ يتعين على الآباء التفكير مع الأطفال في كيفية ضبط إعدادات الحساب والخصوصية والقواعد الأخرى لكي تبدو منطقية
- يجب على الآباء عرض المساعدة على الأطفال، مثلا كيفية التحقق من طلب الصداقة.
- يتعين على الآباء التفكير مع الأطفال في كيفية ضبط إعدادات الحساب والخصوصية والقواعد الأخرى لكي تبدو منطقية.
ومن جانبه، يقدم المكتب الاتحادي لأمان تكنولوجيا المعلومات بألمانيا القواعد الأساسية التالية لتشجيع الشك الصحي ولتعزيز الحوار بين الآباء والأطفال حول المخاطر المتعلقة باستعمال الإنترنت:
- لا تصدق ما تقرأه على الإنترنت.
- يتعين على الأطفال التحدث مع الآباء أو المقربين، إذا حدث معهم شي غريب، حتى أن الأشخاص البالغين يتلقون رسائل إلكترونية غريبة أو طلبات غير عادية.
- تنبغي مراعاة أنه يمكن تزوير الهويات وإخفائها باستعمال بروفايل مزيف، خاصة في برامج الدردشة والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
- لا يجب الرد على الرسائل من الغرباء؛ لأنهم قد يستغلون الصفات الإنسانية مثل الاستعداد للمساعدة أو الثقة أو الخوف أو احترام السلطات للتلاعب بشخص ما عمدا.
- يجب التفكير جيدا في الصور، التي يتم تحميلها على الإنترنت؛ نظرا لأنه يتم نسخ الصور أو مشاركتها دون تحكم من المستخدم.
ونصحت مارتينا بلاكمان، خبيرة الوقاية من الجريمة، بضرورة إبلاغ الشرطة في حالة التعرض لحوادث الابتزاز؛ لأنها الطريقة الوحيدة لمنع تعرض الآخرين لحالات ابتزاز أخرى.
وأضافت أنه لا يجوز أبدا التجاوب مع مطالب المبتزين؛ لأنهم لا يتوقفون عن مطاردة الضحايا في أغلب الأحيان، وبدلا من ذلك يجب قطع الاتصال على الفور وإبلاغ الجهة المشغلة لبرنامج الدردشة أو منصة التواصل الاجتماعي، حتى يتم حذف المحتوى المخالف.
وكان الباحثون قد دعوا إلى اتخاذ إجراءات عالمية بعد اكتشاف تعرّض 1 من كل 12 طفلا للاستغال الجنسي والاعتداء عبر الإنترنت، وفق ما كشفت دراسة جديدة.
وقال الدكتور شيانغ مينغ فانغ، المؤلف الرئيسي للدراسة، والأستاذ المساعد في السياسة الصحية والعلوم السلوكية بكلية الصحة العامة في جامعة ولاية جورجيا، “تسلّط الدراسة الضوء على الحاجة الملحّة إلى زيادة الوعي والتحرّك من قبل الناس وصنّاع السياسات. إنّ التقدم السريع في التكنولوجيا الرقمية، ونمو الوصول إلى الإنترنت والهواتف الذكية، لاسيما في الدول النامية، يعرّض المزيد من الأطفال للخطر كلّ يوم.”
ونظر التقرير الذي نُشر في مجلة “ذو لنست تشايلد أند أدوليسنت هيلث”، في بيانات استقاها من 123 دراسة بين عامي 2010 و2023. ثم قام الباحثون بتحليل عدد الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاما، وتعرّضوا لأي من الأنواع الفرعية للإساءة الجنسية والتحرّش عبر الإنترنت، والاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، والابتزاز الجنسي، والتقاط الصور، ومقاطع الفيديو الجنسية ومشاركتها، والتعرّض لها من دون موافقة.
◙ التقدم السريع في التكنولوجيا الرقمية ونمو الوصول إلى الإنترنت والهواتف الذكية يعرّض المزيد من الأطفال للخطر كلّ يوم
وفي العام الماضي، تلقى المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلّين وجهاز الأمن الداخلي، أكثر من 36 مليون تقرير عن استغلال جنسي مشتبه به للأطفال، وعددا غير محدود من الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها أبدا، بحسب كيت كينيدي، مديرة حملة “كناو2 بروتكت” التابعة لوزارة الأمن الداخلي.
وقال فانغ “لقد أصبحت الإنترنت مسرحا للجريمة، حيث يتم استغلال الأطفال جنسيا، وإساءة معاملتهم عبر الإنترنت عشر مرات كل ثانية تقريبا. إنها حالة طوارئ صحية عالمية مرتبطة بتدهور الصحة العقلية والجسدية، وتراجع فرص العمل، وانخفاض متوسّط العمر المتوقّع.”
بدورها حذرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال الدكتورة نجاة معلا مجيد من تزايد الاستغلال الجنسي والإساءة إلى الأطفال عبر الإنترنت، مشيرة إلى أن تأثر حوالي 300 مليون طفل حول العالم بهذا الأمر لا يعكس الواقع الحالي حيث إن هناك مشكلة في الإبلاغ عن حالات العنف، كما لا تتوافر كل البيانات.
وبالحديث عن العنف الذي يتعرض له الأطفال عبر الإنترنت، أشارت الدكتورة مجيد إلى أن المشكلة في ازدياد لاسيما أن هناك “المزيد من الأطفال الأصغر سنا متصلون بالإنترنت، وكذلك هناك المزيد من المفترسين والمجرمين الجنسيين المتصلين بالإنترنت.”
وتطرقت إلى أنواع العنف الأخرى التي يتعرض لها الأطفال لاسيما في المدارس وحولها، وقالت “يجب ألا ننسى الحرب حيث تستهدف القنابل المدارس.” ووصفت عمالة الأطفال بأنها “عنف ضدهم، لأن الأطفال ينبغي أن يكونوا في المدارس، لا أن يعملوا.”
ونبهت كذلك إلى أن الطفل نفسه قد يقع ضحية لأشكال مختلفة من العنف في ظروف مختلفة. وأشارت إلى “نقطة أخرى لا نتحدث عنها كثيرا تتعلق بقضية العنف النفسي والعاطفي لأنه من الصعب جدا قياسه، لكنه موجود.” وأكدت المسؤولة الأممية أن “الأطفال ليسوا مشكلة يجب حلها، بل ثروة ينبغي الاستثمار فيها.”