تخفيضات أوبك+ قبل الشتاء تغذي مخاوف التضخم العالمي

لندن - اشتدت المخاوف بشأن نقص إمدادات النفط وزيادة مستويات التضخم في مختلف البلدان بعد أن أعلنت مجموعة أوبك+ عن أكبر خفض للإمدادات منذ عام 2020 قبل حظر الاتحاد الأوروبي للطاقة الروسية.
ووسّعت هذه الخطوة الخلاف الدبلوماسي بين المجموعة المدعومة من السعودية وبين الدول الغربية، التي تخشى أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى الإضرار بالاقتصاد العالمي الهش ويعرقل جهود حرمان روسيا من عائدات النفط في أعقاب الحرب في أوكرانيا.
وأثار تحرّك أوبك+ تحذيرات من الأسواق الناشئة المستوردة للنفط، والتي سيكون بعضها معرضا بشكل خاص لصدمات الأسعار وسط مشكلات الإمدادات العالمية.
ولن تكون الدول العربية المستوردة للطاقة والمشتقات النفطية وفي مقدمتها مصر والأردن وتونس والمغرب والسودان بمنأى عن التأثيرات المحتملة لقرار تحالف أوبك+، لكن الدول الضعيفة في شرق آسيا ستكون أكثر تأثيرا.

رانيل ويكريميسنغ: التضخم سيواصل التأثير علينا جميعا العام المقبل
وتعاني سريلانكا على سبيل المثال من أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1948، في ظل انخفاض للعملة وتضخم جامح ونقص حاد في الدولار لتغطية تكاليف الواردات الأساسية من الغذاء والوقود والأدوية.
وحذر الرئيس رانيل ويكريميسنغ من أن بلاده ستضطر إلى دفع المزيد مقابل الوقود بينما تقوم الدول الأكثر ثراء بتكديس احتياجاتها.
وقال أمام البرلمان الخميس “لسنا وحدنا من نواجه هذه المشكلة، ولكن هناك عدة دول أيضا في جنوب آسيا”. وأضاف أن “التضخم العالمي سيواصل التأثير علينا جميعا العام المقبل”.
وقفزت العقود الآجلة للنفط الخام العالمي هذا الأسبوع، لتعود إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، بعد أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، وبينهم روسيا، على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا قبيل موسم الشتاء.
ورجّح خبراء في القطاع أن يؤدي هذا إلى رفع الأسعار الفورية، خاصة بالنسبة إلى نفط الشرق الأوسط، الذي يلبي حوالي ثلثي الطلب في آسيا.
وأكدوا أن مثل هكذا اتجاه قد يغذي القلق من زيادات جديدة في معدلات التضخم، حيث تكافح الحكومات من اليابان إلى الهند ارتفاع تكاليف المعيشة بينما من المتوقع أن تستهلك أوروبا المزيد من النفط كبديل للغاز الروسي هذا الشتاء.
وقال متحدث باسم أس.كي إنرجي أكبر شركة تكرير في كوريا الجنوبية لرويترز “نشعر بالقلق من عودة زيادة أسعار النفط العالمية بعد أن ظهرت بعض بوادر الهدوء منذ الربع الثاني لعام 2022”.
وأكد مصدر كوري جنوبي آخر في مجال التكرير، لم تذكر الوكالة هويته، أن خفض الإمدادات قد يدفع الأسعار إلى مستويات الربع الثاني من هذا العام.
وشهدت كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا وأحد عمالقة التصنيع، ارتفاعا حادا في التكاليف بسبب القفزات في أسعار السلع الأساسية.
وبلغ سعر خام برنت 139.1 دولارا للبرميل في مارس الماضي، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، بعد أن أثارت الحرب في شرق أوروبا مخاوف من فقد معروض النفط الروسي.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان عقب اجتماع التحالف الأربعاء الماضي، إن “الخفض الحقيقي للإمدادات سيتراوح بين مليون و1.1 مليون برميل يوميا”، في رد فعل على ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وضعف الاقتصاد العالمي.
وأثارت هذه الخطوة رد فعل حادا من الولايات المتحدة، التي انتقدت اتفاق أوبك+ ووصفته بأنه قصير النظر. وأكد البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن سيواصل تقييم ما إذا كان سيتم سحب المزيد من مخزونات النفط الاستراتيجية لخفض الأسعار.
العقود الآجلة للنفط الخام العالمي لتعود إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، بعد أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا
وقال تيلاك دوشي العضو المنتدب لشركة دوشي للاستشارات الذي كان يعمل في السابق مع أرامكو السعودية “من المرجح أن تضطلع السعودية والإمارات والكويت بمعظم العبء في ما يتعلق بالتخفيضات”.
وأضاف “هذه صفعة على وجه بايدن من قبل أوبك+”، موضحا أن العلاقات بين روسيا والسعودية تبدو متينة بشكل متزايد.
وفي حين أن المتحدث باسم أس.كي إنرجي يتوقع تسريع السحب من الاحتياطيات الأميركية قبل انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة خلال نوفمبر المقبل، قال محللو بنك آر.بي.سي كابيتال إن “عمليات السحب التالية من المرجح أن تكون أبطأ”.
وأضاف محللو البنك “من غير المرجح أن نرى سحبا ضخما آخر (من المخزونات) في الأجل القريب”.
وتُضاعف تخفيضات أوبك+ المخاوف المتعلقة بالإمدادات حيث من المقرر أن تدخل عقوبات الاتحاد الأوروبي على النفط والمنتجات النفطية الروسية حيّز التنفيذ في ديسمبر وفبراير المقبلين، مما دفع بنك مورغان ستانلي إلى رفع التوقعات لأسعار النفط.
وتشير تقديرات خبراء هذه الصناعة لخسارة ما يتراوح بين مليون ومليوني برميل يوميا من الخام الروسي، بناء على رد فعل موسكو على فرض سقف لأسعار نفطها من جانب مجموعة السبع.
وتهدف هذه السياسة إلى ضمان استمرار تدفق النفط الروسي إلى الاقتصادات الناشئة، ولكن بأسعار أقل لتقليل العائدات التي تجنيها موسكو.