تحالفات عراقية هشة لمنع عودة داعش

الخلافات بين بغداد وأربيل تفتح المجال أمام فلول داعش لتثبيت أقدامها في المنطقة المتنازع عليها.
الاثنين 2021/12/20
داعش يجبر الأكراد على الفرار

تخوض القوات العراقية عملية مشتركة بين قوات الحكومة الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية لملاحقة خلايا تنظيم داعش الإرهابي التي تشنّ هجمات متواترة خاصة في المنطقة الحدودية الفاصلة بين السلطات الاتحادية وإقليم كردستان شمالي البلاد، مستفيدين من خبرات التحالف الدولي وتدريباته، غير أن هذه الشراكة تبدو في نظر بعض المحللين هشة قد لا تصمد في الحرب ضدّ فلول داعش إذ تؤثر فيها جملة من الخلافات بين الطرفين تغذيها ضغوط ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران التي لا تثق في النوايا الكردية.

بغداد - عندما انطلقت الجرافات لبناء الخنادق، مسح الجنود العراقيون الأراضي الزراعية الشاسعة بحثا عن المسلحين. وفعل نظراؤهم الأكراد الشيء نفسه.

كان المشهد في وقت سابق من هذا الشهر في قرية اللهيبان الزراعية الصغيرة في شمال العراق مثالا نادرا للتنسيق بين الحكومة الفيدرالية والمنطقة الكردية شبه المستقلة. وكان الطرفان يحصنان موقعا مشتركا يهدف للدفاع عن القرية ضد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

وتتخذ بغداد وأكراد العراق خطوات للعمل معا لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية على الرغم من الخلاف الإقليمي طويل الأمد بينهما.

وتعتقد سامية كُلاب مراسلة وكالة “أسوشيتد برس” في تقرير أعدته للوكالة أن الاختبار الكبير يكمن فيما إذا كان بإمكان الشراكة الأمنية الهشة أن تصمد في الفصل التالي من حرب العراق مع تنظيم الدولة الإسلامية. ويقول الجانبان إنهما يحتاجان إلى الأميركيين للمساعدة في الحفاظ على تماسكه وإن هذا أحد أسباب عدم زوال الوجود العسكري الأميركي في العراق حتى مع انتهاء مهمته القتالية رسميا في الحادي والثلاثين من ديسمبر الجاري.

وأعلن العراق هزيمة داعش في ديسمبر قبل أربع سنوات. لكن التنافس بين بغداد والأكراد فتح صدوعا تسلل من خلالها تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة متنازع عليها عبر أربع محافظات (نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى) حيث لم تدخل قوات أيّ من الجانبين. وكان عرض المنطقة يصل إلى 40 كيلومترا في بعض الأماكن.

وتقع اللهيبان في جزء واحد من المنطقة، وهددت موجة هجمات داعش الأخيرة بإخلائها من سكانها، ومعظمهم من الأكراد. لذلك وللمرة الأولى منذ 2014 تنشئ القوات العراقية والبيشمركة مراكز تنسيق مشتركة حول المنطقة لمراقبة الفجوات بشكل أفضل.

وقال النقيب نقيب حجر رئيس عمليات البيشمركة الكردية في المنطقة لوكالة أسوشيتد برس إن “داعش استغل الفرصة. نحن ننسق.. والبداية هنا، في هذه القرية”.

رؤى ليلية

سامية كلاب: الشراكة الأمنية الهشة أمام اختبار الصمود في وجه داعش

مثل كل سكان قرية اللهيبان، كان هيملت ظاهر متعبا. ففي الأشهر الماضية، كان عامل مصنع الإسمنت يقضي الليل كله على سطح منزله المتواضع، وتنام زوجته وأطفاله بالداخل بينما يحمل بندقيته وينتظر.

وكان أفراد الأمن الذين يحرسون شركة نفط قريبة (وهم الوحيدون في المنطقة المجهزون بمناظير رؤية ليلية حرارية) يرسلون الإشارة عند رصد مقاتلي داعش وهم يشقون طريقهم أسفل سلسلة جبال قراتشوك باتجاه القرية.

وكان على ظاهر وغيره من السكان المسلحين صدهم. وقال “لقد تخلوا عنا. كانت البيشمركة في جانب والجيش العراقي في جانب ولم يتدخل أيّ منهما”.

ودفعت الزيادة الأخيرة في الهجمات على القرية، مع وقوع ثلاث هجمات في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر وحده، العديد من سكان القرية، ومعظمهم من الأكراد، إلى مغادرتها. وقرر ظاهر نقل عائلته إلى ديبكة في الشمال الذي يديره الأكراد بأمان نسبي. وقال مختار قرية يادغار كريم إن القرية كانت تجمع 65 عائلة، ولم يبق منها سوى اثنتي عشرة عائلة.

وفي السابع من ديسمبر الجاري، تحركت قوات البيشمركة والقوات العراقية إلى القرية مع خطط لتكرار التنسيق في أماكن أخرى عبر الأراضي المتنازع عليها. ويأمل المسؤولون الأكراد أن يدفع هذا القرويين إلى العودة إلى بيوتهم. إذ أن الحفاظ على السكان الأكراد في المنطقة أمر أساسي لمطالبهم الإقليمية. لكن ظاهر غير مقتنع وقال “جئت للاطمئنان على الوضع فقط، وأخشى العودة”.

وتشغل البيشمركة مواقع على طول سلسلة جبال قراتشوك. وأوضح العقيد كهار جوهر أنه ليس لديهم أوامر بوقف مسلحي داعش أثناء عبورهم الهجمات أو مداهمة مواقع التنظيم بسبب الحذر من دخول الأراضي المتنازع عليها.

كما يتحرك المسلحون ليلا باستخدام الأنفاق ويختبئون في الكهوف، وتفتقر البيشمركة إلى المعدات الأساسية بما في ذلك الرؤية الليلية. وقال جوهر “يستطيع تنظيم الدولة الإسلامية إرهاب السكان لهذا السبب لأننا لا نستطيع رؤيتهم”.

الأرض المتنازع عليها

Thumbnail

بدأت المحادثات لإعادة إنشاء مراكز تنسيق مشتركة بين الجيش العراقي والبيشمركة منذ أكثر من عامين، لكنها انهارت بسبب انعدام الثقة العميق والخلافات حول كيفية تحديد خطوط السيطرة.

واستؤنفت المحادثات في عهد رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، مما مهد الطريق لاتفاق لإنشاء ستة مراكز تنسيق مشتركة في بغداد وأربيل وعبر المنطقة المتنازع عليها. كما وافق الكاظمي على إنشاء لواءين مشتركين لشن عمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية. لكن هاجر إسماعيل رئيس علاقات البيشمركة مع التحالف قال إن هذا ينتظر الموافقة على الميزانية من وزارة المالية في بغداد.

ونفذت القوات العراقية والكردية عمليات أمنية مشتركة في محافظات نينوى وكركوك وديالى الشمالية بين 2009 و2014. لكن انهيار الجيش العراقي خلال هجوم داعش في 2014 أنهى الترتيب.

وتمكنت السلطات الكردية من إحكام سيطرتها على كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها آنذاك، حتى أنها طورت حقول النفط واتخذت سياسة تصدير مستقلة، مما أثار حفيظة الحكومة الفيدرالية.

وبعد إعلان العراق الانتصار على داعش في 2017، وجهت بغداد أنظارها إلى هذه المناطق، حيث شنت عملية عسكرية في أكتوبر 2017 لاستعادتها. وتوترت العلاقات مع قطع بغداد مخصصات الميزانية للإقليم الكردي، مما جعلها غير قادرة على دفع رواتب العاملين في القطاع العام والديون لشركات النفط.

وكانت بغداد مترددة منذ فترة طويلة في استئناف المحادثات الأمنية، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن العديد من الأحزاب الشيعية المهيمنة لا تثق بشدة في النوايا الكردية، وفقا لمسؤولين فيدراليين.

وعارضت قوات الحشد الشعبي، المكونة إلى حد كبير من الميليشيات الشيعية القريبة من إيران، الدوريات المشتركة مع البيشمركة. كما تتمتع قوات الحشد الشعبي بحضور قوي في العديد من المناطق في المنطقة المتنازع عليها.

وكان الحشد الشعبي حتى الآن هادئا بشكل مدهش بشأن الترتيب المشترك الجديد، حيث يتعامل مع خسارة مدمرة في الانتخابات الفيدرالية في وقت سابق من هذا العام. لكن “في مرحلة ما سيقف ضده”، حسب زمكان علي الباحث البارز في معهد الدراسات الإقليمية والدولية، وهو مركز أبحاث في السليمانية.

صديق مشترك

Thumbnail

غالبا ما شمل الطريق إلى تنسيق أفضل على صديق مشترك هو الولايات المتحدة. وقال مسؤولون عراقيون وأكراد إن وساطة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ودعمه عاملان أساسيان في جلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات.

وقال جوهر “لقد لعبوا دورا مهما بالتنسيق معنا ومع الجانب العراقي. ما كنا نتحدث دونهم، لمّا أتوا إلى هنا، ولمّا ذهبنا إلى هناك”. ويقول الجانبان إنهما ما زالا في حاجة إلى أن يلعب الأميركيون هذا الدور.

وأوقفت القوات الأميركية بهدوء مشاركتها المباشرة في القتال ضد داعش منذ أشهر، وتقدم منذ ذلك الحين المشورة وتدرّب القوات. وسيستمر هذا الدور عندما تنتهي المهمة القتالية رسميا في الحادي والثلاثين من ديسمبر الجاري.

لكن الوجود الأميركي مهمّ من نواحٍ أخرى أيضا. حيث يدفع الأميركيون رواتب العديد من مقاتلي البيشمركة وسط خلافات مستمرة على الميزانية مع بغداد. ويغطي التمويل الأميركي حوالي 240 مليون دولار تمثل رواتب حوالي 45 ألف فرد من البيشمركة، وفقا لإسماعيل الذي قال “لحسن الحظ، سيستمر هذا في العام القادم”.

7