تجربة أفريقيا مع الأوبئة تعلّم سكانها الوقاية من كورونا

معدلات الوفيات بكوفيد– 19 في القارة السمراء لم تكن بالسوء المتوقع.
الخميس 2020/10/01
الدروس المستفادة من الأوبئة السابقة طوق نجاة من الفايروس المستجد

انخفاض نسبة الوفيات بكوفيد – 19 في أفريقيا مقارنة ببقية القارات يسلط الضوء على العوامل المحتملة التي ساعدت سكان القارة السمراء في مجابهة الوباء المستجد وأكسبتهم حصانة لمواجهة الجوائح، ومنها صغر سن قطاع عريض من سكان القارة والدروس المستفادة من تفشي أوبئة سابقة.

جوهانسبرغ – دفعت نظم الصحة العامة المثقلة بما يفوق قدراتها في أفريقيا ونقص إمكانيات إجراء الفحوص والتكدس السكاني الكبير في الأحياء الفقيرة الخبراء إلى التنبؤ بكارثة عندما وصل فايروس كورونا إلى القارة السمراء في فبراير الماضي.

وكان الفايروس المستجد يعيث فسادا في الدول الآسيوية والأوروبية الغنية، وقالت إحدى منظمات الأمم المتحدة في أفريل إنه قد يقتل 300 ألف أفريقي هذا العام حتى مع تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي.

وفي مايو حذرت منظمة الصحة العالمية من أن 190 ألفا في القارة قد يموتون إذا ما أخفقت تدابير احتواء الفايروس.

إلا أنه في الوقت الذي سجل فيه العالم الوفاة رقم مليون بين المصابين بمرض كوفيد – 19 الناجم عن الإصابة بالفايروس تحقق أفريقيا نتائج أفضل من المتوقع بل وتنخفض فيها نسبة الوفيات عن قارات أخرى.

معدلات إجراء فحوص وباء كورونا في القارة التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليار نسمة من بين الأدنى في العالم

وتبلغ نسبة الوفيات في القارة 2.4 في المئة بإجمالي يبلغ 35 ألفا تقريبا بين أكثر من 1.4 مليون مصاب. وفي أميركا الشمالية تبلغ النسبة 2.9 في المئة وفي أوروبا 4.5 في المئة.

وسجلت إيطاليا وبريطانيا نسبة وفيات تبلغ 11.6 في المئة و9.0 في المئة على الترتيب بالمقارنة مع 1.6 في المئة في إثيوبيا و1.9 في المئة في نيجيريا و2.4 في المئة في جنوب أفريقيا أشد دول القارة تضررا من الجائحة.

وتقول مستشفيات في دول أفريقية كثيرة إن معدلات دخول المرضى المستشفيات تنخفض.

وقالت رشيدة فيراند الأستاذة بكلية الصحة العامة والطب المداري في لندن والتي تعمل مع مجموعة مستشفيات باريرنياتوا في هاراري عاصمة زيمبابوي “بناء على ما شهدناه حتى الآن من المستبعد أن نرى شيئا يشبه المدى الذي نشهده في أوروبا سواء من حيث معدلات الإصابة أو الوفاة”.

ويقول بعض الخبراء إن البيانات الرسمية لا ترصد على الأرجح بعض حالات الوفاة من كوفيد – 19 في أفريقيا. فمعدلات إجراء الفحوص في القارة التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليار نسمة من بين الأدنى في العالم والكثير من الوفيات لمختلف الأسباب لا تسجل على الإطلاق.

التزام بالاجراءات الصحية
التزام بالاجراءات الصحية

ووفقا لتقرير صدر في يوليو من مجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا، شهدت جنوب أفريقيا حوالي 17 ألف حالة وفاة إضافية بأسباب طبيعية في الفترة بين أوائل مايو ومنتصف يوليو بزيادة 59 في المئة عما يمكن توقعه في الأحوال العادية.

ويقول الباحثون إن ذلك يشير إلى أن الوفيات الناجمة عن كوفيد – 19 قد تكون أعلى بكثير من الرقم الرسمي الذي يتجاوز حاليا 16 ألف وفاة. ورغم ذلك، ثمة توافق واسع على أن معدلات الوفيات من المرض لم تكن حتى الآن بالسوء المتوقع.

فما السبب في ذلك؟

يطرح العلماء وخبراء الصحة العامة عددا من العوامل المحتملة منها صغر سن قطاع عريض من سكان القارة والدروس المستفادة من تفشي أمراض سابقة.

كذلك كان أمام الحكومات الأفريقية وقت ثمين للاستعداد بسبب العزلة النسبية لكثير من مواطنيها عن المطارات وغيرها من الأماكن التي يمكن فيها الإصابة بالعدوى من المسافرين.

ويستكشف بعض العلماء أيضا إمكانية أن يكون لقاح السل الذي يتم تحصين الأطفال به في كثير من الدول الأفريقية عاملا مساعدا في تقليل الوفيات من كوفيد – 19.

ومن النظريات الأخرى التي يبحثها العلماء ما إذا كان التعرض لأنواع أخرى من الفايروسات بما في ذلك الفايروسات المسببة لنزلات البرد الشائعة قد أتاح قدرا من المقاومة في بعض المجتمعات التي كان يعتقد من قبل أنها أكثر عرضة من غيرها للتأثر بالمرض.

وقال سليم عبدالكريم خبير الأمراض المعدية في جنوب أفريقيا الذي عمل مستشارا للحكومة في ما يتعلق بكوفيد – 19 “يوجد الكثير من الأدلة الظرفية، لكن لا يوجد دليل قاطع”.

17