تاي تشي رياضة تجمع بين التأمل والتدريب البدني والدفاع عن النفس

تمارَس رياضة تاي تشي في العديد من المجتمعات الآسيوية، وأصبحت تحظى بشعبية متزايدة في البلدان الغربية، لما لها من فوائد للعضلات والأوتار والمفاصل والعظام. كما تقدم حلولا غير تقليدية للمصابين بالسمنة، خاصة مع تقدم العمر وصعوبة الحركة. وتعد شكلا من أشكال ممارسة التأمل العقلي وتعمل على تحسين التوازن، ومن ثم تقي كبار السن بصفة خاصة من خطر التعرض للسقوط.
برلين - تعد رياضة تاي تشي فن حركة صينيا يجمع بين التأمل والتدريب البدني والدفاع عن النفس، وفق ما قاله مركز الصحة الألماني، مشيرا إلى أنها رياضة تتميز بتأثير إيجابي على طاقة الحياة وتساعد على تحقيق الانسجام بين الجسد والروح، بالإضافة إلى المساعدة على علاج بعض الأمراض.
وأوضح المركز أن المحاور التي ترتكز عليها رياضة تاي تشي هي شد الجسم والانتباه والتنفس، وتقوم على تسلسل التدريبات الجسدية المتداخلة والانسيابية.
وبذلك تعود رياضة تاي تشي بالفائدة على العضلات والأوتار والمفاصل والعظام، وتساعد في التمتع بوضعية منتصبة للظهر وتخفّف العبء الواقع على الأقراص الفقرية، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي على الجهاز العصبي.
وأضاف المركز أن رياضة تاي تشي تعمل على تحسين التوازن، ومن ثم تقي كبار السن بصفة خاصة من خطر التعرض للسقوط وما يترتب عليه من كسور. كما يعد تحسين التوازن مفيدا بصفة خاصة لمرضى الباركنسون (الشلل الرعاش).
المحاور التي ترتكز عليها رياضة تاي تشي هي شد الجسم والانتباه والتنفس، وهي تدريبات جسدية متداخلة وانسيابية
وتساعد هذه الرياضة أيضا على تخفيف آلام مرضى التهاب المفاصل التنكسي. وبالإضافة إلى ذلك تحسّن وظيفة الرئة، مما يعود بالفائدة على مرضى الانسداد الرئوي المزمن.
وبحسب خبراء “مايو كلينيك ” فإن رياضة تاي تشي هي سلسلة من التمارين البدنية وتمارين المد والمط الخفيفة، حيث تنساب كل وضعية في الوضعية التالية دون توقف لضمان حركة الجسم المستمرة. ويُنظر إلى تاي شي في بعض الأحيان على أنها نوع من التأمل أثناء الحركة لأنها تعزز السكينة من خلال الحركات الخفيفة التي تربط العقل بالجسم.
ويؤكد الخبراء أنها رياضة نشأت في الصين القديمة أصلاً للدفاع عن النفس، وقد تطورت إلى شكل هادئ من التمارين يُستخدم في الوقت الراهن لتقليل الضغوط النفسية وللمساعدة على الشفاء من عدة حالات مرضية أخرى.
ولرياضة تاي شي أنماط عديدة ومختلفة. ويتسم كل نمط بالتشديد المُتقن على المبادئ والطرق المتنوعة لهذه الرياضة. ونتيجة لذلك أصبحت هناك أكثر من 100 حركة ووضعية ممكنة في رياضة تاي شي.
وبصرف النظر عن التنويع تتضمن جميع أشكال رياضة تاي شي أنماط حركة إيقاعية تتناسق مع التنفس لمساعدة الشخص على بلوغ الإحساس بالسكينة الداخلية.
وأظهرت دراسة أجرتها الكلية الأميركية للأطباء في مطلع يونيو2021، ونشرتها الدورية العلمية “إيه سي بي”، أن ممارسة تمارين تاي شي لها أثر فعال يوازي البرامج والتمارين الرياضية المكثفة.
ويبرز أثر تمارين تاي تشي خاصة على مستوى منطقة محيط الخصر لدى البالغين في مراحل منتصف العمر وكبار السن الذين يعانون من السمنة المركزية، أو السمنة المتمركزة حول البطن والخصر (الكرش)، التي تعد مشكلة صحية شائعة في هذه الفئة العمرية التي يصعب معها أحيانا القيام بتدريبات رياضية قاسية بصورة منتظمة.
ورياضة تاي تشي، التي تسمى أيضا “تاي تشي تشوان”، هي تمارين تجمع بين التنفس العميق والاسترخاء مع الحركات المتدفقة.
وقد تم تطوير تاي تشي في الأصل كأحد الفنون العسكرية في الصين خلال القرن الثالث عشر، ولكن بحلول الألفية الثالثة انتشرت تمارين تاي تشي وأصبحت تمارس الآن في جميع أنحاء العالم لتعزيز الصحة.
وتعتبر هذه الرياضة شكلا من أشكال التأمل الذي غالبا ما يوصف بأنه “تأمل في الحركة”، وتمارس تمارينه في العديد من المجتمعات الآسيوية، وأصبحت تحظى بشعبية متزايدة في البلدان الغربية، مع أكثر من مليوني شخص يمارسونها في الولايات المتحدة وحدها، في حين أنه من المعروف أنها نشاط مناسب لكبار السن بمن في ذلك أولئك الذين يصعب عليهم الحركة بسبب آلام المفاصل، كما أثبتت عدة مؤسسات صحية في العالم أن لهذه الرياضة فوائد نفسية وجسدية.
ويقدم تاي تشي حلولا غير تقليدية للمصابين بالسمنة، خاصة مع تقدم العمر وصعوبة الحركة، وهو ما قام به الباحثون عبر إجراء تجربة على أكثر من 500 شخص بالغ فوق سن الخمسين يعانون من السمنة المركزية. وقسم الباحثون المشاركين إلى ثلاث مجموعات، الأولى تمارس نظام تاي تشي والثانية تمارس التمارين التقليدية والثالثة لا تمارس الرياضة مطلقا، وتم وضعهم في نظام مراقبة على مدار ثلاثة أشهر.
والتقى المشاركون في مجموعات تاي تشي وتدربوا لمدة ساعة واحدة، وبمعدل ثلاث مرات أسبوعيا على مدى 12 أسبوعا متواصلا، ويتألف برنامج تاي تشي من أسلوب يانغ من تاي تشي، وهو النمط الأكثر شيوعا بين ممارسي رياضة تاي تشي، فيما تألف برنامج ممارسة الرياضة التقليدية من المشي السريع وتمارين المقاومة التي تُركز على عضلات الجسم.
تاي تشي يقدم حلولا غير تقليدية للمصابين بالسمنة، خاصة مع تقدم العمر وصعوبة الحركة
وقام الباحثون بقياس محيط الخصر ومؤشرات أخرى للصحة والتمثيل الغذائي على مدار 12 أسبوعا، ثم تبعت ذلك قياسات على مدار 38 أسبوعا.
ووجد الباحثون أن كل من شارك في مجموعة تاي تشي أو مجموعة التمارين الرياضية التقليدية كان لديه أثر كبير في خفض محيط الخصر، كما كان لانخفاض محيط الخصر تأثير إيجابي على مستوى الكولسترول في الجسم، لكنه لم يترجم إلى اختلافات سريعة يمكن اكتشافها على مستوى الغلوكوز في الدم وضغط الدم.
وذكرت هيئة الصحة الوطنية في بريطانيا أن هناك بعض المؤشرات على أن رياضة تاي تشي قادرة على تحسين الحركة في الكاحلين والوركين والركبتين للأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل الروماتويدي، واعتبرت الهيئة أنها رياضة مفيدة جدا لكبار السن الذين يرغبون في رفع مستويات نشاطهم بلطف، كما أن هناك العديد من حركات تاي تشي التي تتناسب مع الأشخاص مستخدمي الكراسي المتحركة.
ووفقا لمؤلفي الدراسة، فإن النتائج التي تم التوصل إليها بمثابة أخبار جيدة للبالغين في منتصف العمر وكبار السن الذين يعانون من السمنة المركزية ولا يستطيعون ممارسة الرياضة التقليدية بسبب آلام المفاصل أو محدودية الحركة.
ويمكن لممارسي تاي تشي أن يحققوا نتائج ملموسة بعد 12 أسبوعا من التدريبات، وقد تستمتع بفوائد أكبر إذا انتظمت في تدريبات تاي تشي على المدى الطويل لتصبح روتينا يوميا، في حين تبين للعديد من الأشخاص الذين يمارسون هذه الرياضة أنها مهدئ نفسي يحد من التوتر وليست مجرد تمارين للتخلص من الوزن الزائد وتقوية العضلات.