بيَّضَ الله وجوهكم

قرأتُ أن دولة عربية قررت إلغاء رسومها الجمركية على مستحضرات التجميل.
إلى هنا والخبر منطقي ومقبول جداً؛ أتمنى أن يتم تعميم مثل هذا القرار على باقي السلع، على الأقل لرفع بعض المعاناة عن شعوبنا التي تعاني نقصاً هائلاً في الإنتاج وتستهلك كل شيء بما يقارب “السَّفه” وربما تستورد حتى رغيف خبزها.. قد يتهمني البعض بأنني ضد “المنتج الوطني” ولكن الرد قد يأتي على لسان مواطن بسيط يبحث عن لقمته في صندوق قمامة: “فليذهب المنتج الوطني للجحيم” طالما لا أجده إلا بسعر مرتفع!
لا تهمني هذه السفسطة، لكن ما جعلني أستلقي القفا ضحكاً، على قرار الحكومة إياها، أنها صنفت أقراص “الفياغرا” وغيرها من المقويات الجنسية ضمن هذه المستحضرات المعفاة من الجمارك، ربما للتخفيف من مستوى معيشة المواطنين -وبالطبع المواطنات-وهذا ما لم يذكره القرار بكل تأكيد.. حرصاً على صورة الحكومة الموقرة في أذهان الشعب!
عدا إعلانات “الصلابة” والقوّة، ربما يكون على مواطن “غير صالح” وسيء النيّة مثلي، أن يجد في قرار حكومته ما يمكن أن يلامس همومه ومعاناته اليومية خصوصاً في “الليل” تجنباً لإحراجه، أو يُبطل -على الأقل- حجج ودعوات نشطاء و”ثوار” وباحثين عن عيش وحرية و”فحولة جنسية”، فيفهم مدلول القرار الذي “يتدلدل” في دلالة تدل على “دلدلةٍ” تعالج كل ما سبق، ومفادها أنه إذا كانت مستحضرات التجميل “تبيِّض” بشرة وجوه النساء وتعتني بها، فإن “الفياغرا” تتولى ما هو أعظم.. “تبييض” وجه الرجال أمامهنّ! ما يرفع بالتالي من الروح المعنوية للشعب “العامل” ويزيد من كفاءته وحيويته.
ربما أيضاً يخرج متحدث باسم الحكومة، “بيَّض” الله وجهها، ليفضحنا أكثر، ويبرر القرار بأنه محاولة “وطنية” جادة لمعالجة مسببات ظاهرة الطلاق التي ننفرد بها في عالمنا العربي بشكل مأساوي، والتي يُقال “سراً” في مجالس النساء إن سوء العلاقات الجنسية، بسبب الضعف أو العجز، أحد المسببات المسكوت عنها.. والتي لم يفهمها طفل صغير مثلي، عندما كان يرى جارتهم وهي ترمي بمياه “طشت الاستحمام” في شارع القرية وهي تغني نكايةً في جارتها!
بالمناسبة، صديق لي مسيحي الديانة، كان الله في عونه.. متزوج، وامرأته أعاذنا الله منها، كنا نتحدث عن ظاهرة ارتفاع نسبة الطلاق، سألني بحزن: أتعلم لماذا ليس لدينا طلاق في المسيحية؟ فأجبت: طبعاً، لأن السيد المسيح عليه السلام قال: “ما جمعه الله لا يفرقه إنسان”.. نظر لي بانكسار وأردف: لا ليس كذلك. بل لأن السيد المسيح قال: “أحبوا أعداءكم”!