بيمارستان المؤيد في القاهرة القديمة يعود بحلة جديدة

أعادت وزارة السياحة والآثار المصرية ترميم بيمارستان المؤيد ليعود اليوم في حلة جديدة كشاهد على دوره في خدمة المرضى قديما وعلى حيوية القاهرة القديمة التي يجري ترميمها لتصبح وجهة سياحية وذاكرة ثقافية حية.
القاهرة - افتتحت وزارة السياحة والآثار المصرية الأحد (18 أغسطس) بيمارستان المؤيد شيخ، أحد أقدم المستشفيات في القاهرة التاريخية، بعد أعمال ترميم كبيرة نفذت بالشراكة بين مصر والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
يقع البيمارستان، الذي بناه السلطان المملوكي المؤيد الشيخ، في شارع سوق السلاح بالقرب من قلعة صلاح الدين في القاهرة. وأزاحت الوزارة الستار عنه في حفل حضره مسؤولون من مصر والولايات المتحدة.
وتفقد أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، صباح الأحد، بيمارستان بجوار المدخل الجنوبي للقاهرة التاريخية المسجلة على قائمة التراث العالمي باليونسكو، قائلا، “لنحتفي بنموذج يحتذى به لإدارة وإعادة توظيف مواقع التراث والآثار، وهو بيمارستان السلطان المؤيد شيخ، والذي كان مخصصًا كما نعلم كمستشفى، وكدنا أن نفقده كمبنى أثري نتيجة عوامل الزمن والتقادم والتدخلات المتتالية، لولا تدخل وزارة السياحة والآثار، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، وإدارة القاهرة التاريخية لترميمه ترميما كاملًا، واستعادة ملامحه المعمارية والوظيفية”.
وأضاف، “كانت وزارة الثقافة سباقة في إعادة توظيف العديد من الآثار لتقديم خدمات ثقافية وفنية، ولنا في قبة الغوري، ووكالة الغوريّ وقصر المانسترلي، وغيرها من الأمثلة التي يحتذى بها في هذا الصدد”.
يتميز البيمارستان بطرازه المعماري الفريد الذي يجمع بين العناصر الإسلامية التقليدية والزخارف المميزة، ويتكون من واجهة شمالية شرقية مزينة بالرُخام المعشّق والزخارف بنظام الأبلق، مما يُضفي فخامة على المبنى. يحتوي المدخل الرئيسي على سلم ذي جناحين يؤدي إلى ممرات مختلفة توصل إلى بيت الصلاة والملاحق الأخرى، بما في ذلك الميضأة وبيوت الخلاء، وأربع أيوانات تضم قاعات مكتملة التخطيط.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار محمد إسماعيل على أهمية دمج المجتمع المدني في عملية الحفاظ على الآثار، مشيرا إلى أن ترميم بيمارستان المؤيد يأتي ضمن مبادرة أوسع تشمل أكثر من ثمانية مبان تاريخية.
وقال إسماعيل “اليوم نقف أمام بيمارستان المؤيد، وهو أحد المعالم الأثرية التي تم الانتهاء من ترميمها ضمن مجموعة أكثر من 8 مبان تاريخية وأثرية تم الانتهاء من ترميمهم بالاشتراك مع الوكالة الأميركية، البيمارستان ليس مجرد ترميم لأننا نسبق ذلك بترميم آخر، والدولة صرفت مليارات الجنيهات وملايين الجنيهات على العملية برمتها، نحن نقوم بفكرة جديدة وسياسة جديدة تنتهجها الدولة، هي اندماج المجتمع المدني وحثه للحفاظ على الآثار، إننا نشركه مع كل المحيطين بها، وداخل النسيج العمراني في المنطقة. إن الناس يحافظون على الأثر ويرممون المعلم وفي نفس الوقت يستغلون المكان من الناحية الثقافية. يتم إدماجهم في هذا الاستغلال ليبقوا مستفيدين من المكان و يحافظوا عليه في المستقبل”.ويتماشى الترميم مع إستراتيجية أوسع لاستغلال هذه المواقع كي تصبح مراكز ثقافية ولتشجيع السكان المحليين على الحفاظ عليها.
السفيرة الأميركية في مصر هيرو مصطفى جارج تسلط الضوء على الشراكة طويلة الأمد بين البلدين، مشيرة إلى أن الحكومة الأميركية استثمرت أكثر من 140 مليون دولار في الحفاظ على الآثار المصرية
وأضاف محمد إسماعيل “الفكرة من وراء ترميم البرمارستان وإعادة استغلاله هي أن يعود لخدمة الناس في كل المنطقة وإدماج الناس أنفسهم في تلك الخدمات وهذا الاستغلال التراثي”.
وأعلنت نائبة وزير السياحة يمنى البحار عن خطط لعرض المواقع الثمانية بعد الانتهاء من ترميمها للاستثمار.
وقالت يمنى “عندما تنتهي الأعمال تماما سيتم طرح المواقع الثمانية للاستثمار بحيث إننا نستطيع أن نقدم خدمات ترفيهية وفنية وثقافية تثري تجربة الزيارة للسائح وأيضا من شأنها أن تعود بالنفع على المجتمعات المحلية المحيطة”.
وسلطت السفيرة الأميركية في مصر هيرو مصطفى جارج، الضوء على الشراكة طويلة الأمد بين البلدين، مشيرة إلى أن الحكومة الأميركية استثمرت أكثر من 140 مليون دولار في الحفاظ على الآثار المصرية على مدى الثلاثين عاما الماضية.
وقالت جارج “هذه المواقع الرائعة ليست مجرد كنوز تاريخية وإنما هي أصول للتنمية الاقتصادية المستدامة في مصر”.
وتمثل إعادة افتتاح بيمارستان المؤيد شيخ خطوة مهمة في الحفاظ على التراث الثقافي الثري في مصر وتعزيز الشراكة المجتمعية وتنشيط السياحة المستدامة في القاهرة القديمة.
البيمارستان المؤيدي، أو بيمارستان المؤيد شيخ، هو مبنى تاريخي من العصر المملوكي كان مخصصاً لاستشفاء المرضى في قلب مدينة القاهرة التاريخية بجوار القلعة وقد أسسه السلطان المملوكي المؤيد أبوالنصر شيخ المحمودي الشركسي وذلك بين عامي 1418 و1420م.
وتضرر المبنى على مر السنين ولم تبق سوى واجهة اليبمارستان وجدران قاعته الرئيسية، لكن تم ترميمه وتجديده بالكامل في السنوات الأخيرة.