بيت لحم تتشح بالسواد خلال إحياء شعائر عيد الميلاد

الحزن والغضب يخيمان على بيت لحم وكنائسها ومؤسساتها تفاعلا مع ما يحدث في قطاع غزة.
الأحد 2024/01/07
الحزن سيد الموقف

انطلقت فعاليات أعياد الميلاد في بيت لحم للطوائف المسيحية دون احتفالات، حيث اقتصرت على الطقوس الدينية وسط أجواء ممزوجة بالحزن والغضب بسبب ما يحصل في قطاع غزة.

بيت لحم (الضفة الغربية) - بدأت في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، السبت، فعاليات إحياء أعياد الميلاد للطوائف المسيحية، التي تسير حسب التقويم الشرقي، مع إلغاء الاحتفالات واقتصارها على الطقوس الدينية نظرا لاستمرار الحرب على قطاع غزة.

وقال رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا إن “بيت لحم اليوم حزينة لا يوجد فرحة، قررنا عدم تزيين المدينة، ولأول مرة المدينة دون شجرة الميلاد، فحالها لا يختلف عما كانت عليه في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، وعيد الميلاد حسب التقويم الغربي، فقد اتشحت بالسواد حدادا على أرواح الشهداء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، والضفة الغربية".

وأضاف أن بيت لحم وكنائسها ومؤسساتها "تعيش العيد بحزن وغضب لما يحدث في قطاع غزة والضفة.. اليوم يقتصر العيد على الطقوس الدينية". وتابع "نؤكد تمسكنا أكثر من أي وقت مضى بالرسالة التي جاء بها المسيح عليه السلام، وهي: السلام، والأمن، والمحبة، وإننا باقون صامدون متمسكون بالأرض".

ومنذ ساعات صباح السبت، بدأ وصول مواكب البطاركة لمختلف الطوائف التي تسير وفق التقويم الشرقي إلى كنيسة المهد، وهو المكان الذي يُعتقد أنه شهد ميلاد المسيح، تمهيدا لقداس منتصف ليل السبت/الأحد.

◙ اكتفاء بالطقوس الدينية نظرا لاستمرار الحرب على قطاع غزة
◙ اكتفاء بالطقوس الدينية 

وبدأ وصول المواكب بموكب المطران مارك انتيموس يعقوب النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس، ثم موكب رئيس الأساقفة الأنبا انطونيوس النائب البطريركي للأقباط الأرثوذكس، يليهم بعد الظهر موكب غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك الروم الأرثوذكس في الأراضي المقدسة، ثم رئيس الأساقفة إنباكوم مطران الأحباش الأرثوذك.

وتوافد الناس للصلاة في المغارة قبل وصول بطريرك الروم الأرثوذكس في القدس ثيوفيلوس الثالث إلى كنيسة المهد، وأعرب المشاركون بها عن حزنهم لما يحدث في قطاع غزة وصلاتهم من أجل من فيه.

وأجمع مسيحيون على أن العيد هذا العام حزين جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأنهم يصلون من أجل أطفال غزة ومن أجل السلام. وتحتفل الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي (من بينها الكاثوليك) بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر من كل عام، بينما تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي (بينها الأرثوذكس) بالعيد يوم 7 يناير. والطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الشرقي في فلسطين، هي: الروم الأرثوذكس، والسريان، والأقباط، والأحباش.

وقال الناطق الرسمي باسم بطريركية الروم الأرثوذكسية المقدسية الأب عيسى مصلح “طفل المغارة والسلام اليوم حزين، بسبب ما تمر به الأراضي الفلسطينية عامة، وبيت لحم خاصة، أمام نزف الدماء، وغياب الزوار والحجاج عنها من كافة أنحاء العالم، على خلاف مما كانت عليه سابقا”، وفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا). وأضاف “رسالتنا للعالم من مدينة مهد السلام، التي تعيش أجواء من الحزن والأسى، هي أن شعب فلسطين على قلب واحد نحو تحقيق الأهداف الوطنية".

وتقام الاحتفالات في بيت لحم هذا العام على غير العادة، حيث خلت المدينة التي تعد أقدس مكان ديني مسيحي في العالم من أي مظاهر احتفالية، ودون زينة وشجرة ميلاد.

وفي مثل هذا الوقت من كل عام كانت بيت لحم تعج بالحجاج المسيحيين والسياح الذين يزورون المدينة احتفالا بعيد الميلاد، حيث تقام احتفالات وتضاء شجرة الميلاد التي تعد واحدة من أهم أشجار الميلاد في العام. وخلت أزقة البلدة القديمة وأسوار الكنيسة الأهم للمسيحيين في العالم من أي مظاهر للزينة والعيد. وبدت ساحة المهد التي تشهد دوما حركة نشطة وتنصب فيها كل عام شجرة الميلاد شبه فارغة إلا من سكان محليين.

◙ اقتصاد بيت لحم يعتمد على السياحة، لكنه هذا العام شهد ضربة كبيرة في أهم موسم مما أثر سلبا على الوضع الاقتصادي في المدينة

وتقول لطيفة دعيس، مسيحية من مدينة القدس، عقب تأدية صلواتها في كنيسة المهد، "لم نشعر بالعيد، لا يوجد أي فرحة جراء الأجواء والوضع العام، من غير الممكن أن نفرح وغيرنا يموت".

وأشار المسيحي جاك عيسى إلى أن “بيت لحم اليوم دون حجاج وسياح، ولا يوجد أي مؤشر لوجود العيد، الحزن سيد الموقف". ويعتمد اقتصاد بيت لحم على قطاع السياحة، لكنه هذا العام شهد ضربة كبيرة في أهم موسم مما أثر سلبا على الوضع الاقتصادي في المدينة بحسب تصريح سابق لحنا حنانيا. إذ أن سكونا استثنائيا خيم منذ ديسمبر الماضي على ساحة المهد أمام الكنيسة التي عادة ما تكون نقطة محورية لاحتفالات عيد الميلاد.

ووصل موكب النائب البطريركي لشؤون الشباب والتنشئة المسيحية، المعتمد البطريركي لأبرشية القدس، والأردن، وسائر الديار المقدسة للسريان الأرثوذكس المطران مار انتيموس جاك يعقوب، السبت، إلى مدينة بيت لحم قادما من مدينة القدس، للمشاركة في قداس منتصف الليل. وشدد المطران انتيموس في كلمته على أن “رسالة الميلاد لم تتغير منذ ألفي عام رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، وهي رسالة سلام ومحبة”.

 

18