بنيامين نتنياهو.. السياسي الإسرائيلي المحنك والمثير للجدل

15 عاما رئيسا للوزراء كأطول مدة لزعيم إسرائيلي في منصبه.
الاثنين 2023/07/24
بيبي العنيد لا يستسلم

القدس - رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو سياسي محنّك يهيمن منذ تسعينات القرن الماضي على المشهد السياسي في الدولة العبرية التي تشهد اليوم انقساما مجتمعيا هو الأكثر تعقيدا منذ عقود.

ويقدّم نتنياهو أو “بيبي” كما يلقبّه أتباعه في حزب الليكود نفسه على أنه المدافع عن الشعب اليهودي، ويقول إن ذلك يمثل “مهمة حياته” ضد التهديدات التي تواجهها بلاده من العرب أو العدو اللدود المتمثّل بإيران.

وأما بالنسبة لمعارضيه فهو “وزير الجريمة” الذي يقود البلاد في وقت يحاكم فيه بتهم تتعلق بالفساد ينفيها. ويتطلّع نتنياهو اليوم إلى تصويت البرلمان على خطة إصلاحية للقضاء يريدها بقوة، لكن منتقديها يقولون إنها تقوّض الديمقراطية.

وبدأ النقاش في البرلمان بعد ظهر الأحد، فيما نتنياهو في المستشفى بعد أن خضع لجراحة لزرع جهاز ينظّم ضربات القلب حالت دون تمكنه من ترؤس جلسة مجلس الوزراء. وقضى نتنياهو (73 عاما) ذو الشعر الأبيض المائل إلى الفضي ما مجموعه 15 عاما كرئيس للوزراء، وهي أطول مدة لزعيم إسرائيلي في منصبه.

"بيبي" يقدم نفسه على أنه المدافع عن الشعب اليهودي
◙ "بيبي" يقدم نفسه على أنه المدافع عن الشعب اليهودي

وفي ظل حكمه، توقفت عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية التي بدأت في تسعينات القرن الماضي تقريبا، في مقابل ازدياد النشاط الاستيطاني بشكل ملفت، ما جعل تحقيق حلم الفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية حلما بعيدا.

وفي ديسمبر، عاد نتنياهو إلى السلطة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية بدعم أحزاب يمينية متشددة. وفي ظل حكومته التي يُنظر إليها على أنها الأكثر يمينية وتطرفا، يشهد النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني فصلا من العنف منذ أشهر مع عمليات عسكرية إسرائيلية كبيرة في الضفة الغربية وتبادل إطلاق قصف وصواريخ مع قطاع غزة.

وداخليا، يشهد المجتمع الإسرائيلي اهتزازات مع خروج احتجاجات أسبوعية حاشدة إلى الشوارع ضد خطة الإصلاح القضائي التي يطرحها نتنياهو، والتي حذّر البعض من تداعياتها بما يشبه “الحرب الأهلية” في الدولة التي يبلغ عمرها 75 عاما.

وتسبّبت سياسات نتنياهو بتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة، الحليف الأقوى للبلاد، إذ انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن مرارا الخطة وكذلك التوسّع الاستيطاني. وولد نتنياهو في الحادي والعشرين من أكتوبر 1949 في تل أبيب، وورث عن والده المؤرخ عقيدة متشددة، إذ كان الأخير المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي، زعيم تيار صهيوني يقدّم نفسه على أنه “تصحيحي” ويسعى إلى تأسيس “إسرائيل الكبرى”.

وفي العام 1976، كان شقيقه يوناتان الجندي الإسرائيلي الوحيد الذي قتل أثناء مشاركته في عملية عسكرية نفذتها وحدة كان يشرف عليها لتحرير رهائن محتجزين في طائرة خطفتها منظمتان فلسطينية وألمانية في أوغندا.

وفي مذكراته التي نشرها العام الجاري، قال إنه “لن يتعافى أبدا” من مقتل شقيقه. ويضيف “عندما وصلني خبر وفاة يوني في عنتيبي، شعرت وكأن حياتي قد انتهت”. ونشأ نتنياهو في جزء من حياته في الولايات المتحدة، وتخرّج من معهد ماساتشوستس العريق للتكنولوجيا.

وبفضل طلاقته باللغة الإنجليزية، ركّزت القنوات التلفزيونية الأميركية عليه أثناء كلامه عن إسرائيل بين أواخر ثمانينات ومطلع تسعينات القرن الماضي، وهو ما ساهم في صعود نجمه كشخصية سياسية على الصعيدين المحلي والدولي. وفي الثمانينات، شغل منصبا دبلوماسيا في سفارة بلاده في واشنطن.

وتولّى نتنياهو الذي لطالما شكّك في اتفاقيات أوسلو للسلام، زعامة حزب الليكود العام 1993، وفاز في الانتخابات العام 1996، ليكون أصغر رئيس وزراء لإسرائيل سنا، عندما كان يبلغ من العمر 46 عاما. وخسر السلطة سنة 1999، لكنه استعادها بعد عشر سنوات ليبقى على رأسها حتى العام 2021. ولدى نتنياهو ابنان من زوجته سارة وابنة من زواج سابق.

ولم ينخرط نتنياهو في محادثات سلام فعلية مع الفلسطينيين خلال فترة حكمه، بل ساهم في دفن عملية السلام مع الفلسطينيين، وارتفع عدد المستوطنات في الضفة الغربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة خمسين في المئة. فبات عدد المستوطنين نحو 490 ألفا يعيشون وسط 2.8 مليون فلسطيني.

◙ رغم تقدم نتيناهو في السن واتهامات الفساد التي تلاحقه وقلة عدد الأصوات التي حصدها في الانتخابات يبقى طموحه إلى السلطة على ما هو عليه

وأعطت حكومته الحالية خلال الأشهر القليلة الماضية ضوءا أخضر للمزيد من العمليات العسكرية ضد معاقل النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وخصوصا في مدينة جنين (شمال) التي وصفها نتنياهو مؤخرا بأنها "عشّ الإرهابيين".

وفي السياسة الخارجية، ركّز نتنياهو على إيران وبرنامجها النووي والمجموعات المتحالفة معها مثل حزب الله اللبناني. وشهد العام 2020 نجاح نتنياهو في إبرام أربع اتفاقيات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، ونجح أيضا في إخراج البلاد من الإغلاق بعدما أطلق حملة تطعيم طموحة ضد فايروس كورونا.

ورغم تقدمه في السن واتهامات الفساد الموجهة إليه من القضاء وقلة عدد الأصوات التي حصدها في الانتخابات الأربعة الماضية، يبقى طموحه إلى السلطة على ما هو عليه.

وجاء في مذكراته "كجندي، كافحت للدفاع عن إسرائيل في ساحات القتال، وبصفتي دبلوماسيا صدّيت الهجمات على شرعيتها في المحافل الدولية، وبصفتي وزير مالية سعيت إلى مضاعفة قوتها الاقتصادية والسياسية بين الدول". وكتب “ساعدت في تأمين مستقبل لشعبي القديم".

6