بلينكن: واشنطن لن تتدخل عسكريا للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية

واشنطن - قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن إدارة الرئيس جو بايدن لن تشجع الديمقراطية حول العالم "من خلال التدخلات العسكرية أو محاولة الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية بالقوة".
جاء ذلك في أول خطاب رئيسي ألقاه بلينكن بصفته وزيرا للخارجية الأميركية، ونشر فحواه موقع الوزارة الإلكتروني مساء الأربعاء، كشف من خلاله عن الخطوط العريضة لاستراتيجية السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأضاف بلينكن "لقد جربنا هذه التكتيكات في الماضي. مهما كانت النوايا الحسنة، إلا أنها لم تنجح. لقد أطلقوا سمعة سيئة على ترويج الديمقراطية، وفقدوا ثقة الشعب الأميركي. سنفعل الأشياء بشكل مختلف".
وأكد بلينكن أن بلاده ستسعى إلى تجديد الديمقراطية "لأنها مهددة"، منوها في الوقت ذاته بأن "تآكل الديمقراطية لا يحدث فقط في الولايات المتحدة"، وأشار إلى تقرير جديد "يبدو واقعيا" صادر عن منظمة فريدوم هاوس، لافتا إلى أنه رصد أن "الاستبداد والقومية آخذان في الازدياد في جميع أنحاء العالم. أصبحت الحكومات أقل شفافية وفقدت ثقة الناس. الانتخابات هي على نحو متزايد بؤر التوتر للعنف. الفساد آخذ في الازدياد. وقد أدى الوباء إلى تسريع العديد من هذه الاتجاهات".
وقال وزير الخارجية الأميركي إنه "كما وعد الرئيس، فإن الدبلوماسية - وليس العمل العسكري - ستأتي دائما أولا"، مضيفا "الأميركيون قلقون بحق من التدخلات العسكرية الأميركية المطولة في الخارج. لقد رأينا كيف أنها تأتي في الكثير من الأحيان بتكلفة باهظة للغاية، سواء بالنسبة لنا أو للآخرين".
وسبق للولايات المتحدة أن تدخلت عسكريا في العراق في عام 2003 بحجة حيازته أسلحة دمار شامل، ليتحول البلد إلى ساحة نفوذ لإيران التي تمددت طيلة السنوات الماضية في الأراضي العراقية، وهي تعمل جاهدة الآن على الإبقاء على سيطرتها من خلال الأحزاب والميليشيات الموالية لها، حيث يعتبر هذا البلد بمثابة المرتكز الأول لوجودها في المنطقة.
وانعكس التدخل العسكري للناتو تحت قيادة أميركية في ليبيا في 2011 سلبا على البلد الغني بالنفط، لينتهي به الأمر بعد انهيار حكم الرئيس الراحل معمر القذافي إلى فوضى وصراع بين القوى الإقليمية والدولية على النفوذ، ولا مؤشر فعليا إلى حد الآن على انتهاء أزمة هذا البلد رغم الاتفاق السياسي وانتخاب حكومة مؤقتة لتسيير البلاد حتى إجراء انتخابات في ديسمبر 2021.
وقال بلينكن "عندما ننظر إلى العقود الماضية من تدخلنا العسكري في العالم، وخاصة في أفغانستان والشرق الأوسط، يجب أن نتذكر ما تعلمناه عن حدود القوة لبناء سلام دائم، أن اليوم التالي لتدخل عسكري كبير يكون دائما أصعب مما نتخيل، وما مدى أهمية السعي وراء كل السبل الممكنة للتوصل إلى حل دبلوماسي".
وشدد على أن واشنطن لن تتردد أبدا في استخدام القوة عندما تكون أرواح الأميركيين ومصالحهم الحيوية على المحك، وضرب مثلا بأمر بايدن بشن غارة جوية الأسبوع الماضي ضد الميليشيات المدعومة من إيران في مواقع على الحدود ما بين العراق وسوريا، "التي تستهدف القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق".
ووصف وزير الخارجية الأميركي علاقة بلاده بالصين بأنها "أكبر اختبار جيوسياسي للقرن الحادي والعشرين"، رغم اعترافه بوجود "تحديات خطيرة لعدة دول، بما في ذلك روسيا وإيران وكوريا الشمالية. وهناك أزمات خطيرة علينا التعامل معها، بما في ذلك في اليمن وإثيوبيا وبورما".
وأشار إلى أن "التحدي الذي تمثله الصين مختلف. الصين هي الدولة الوحيدة التي تمتلك القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتحدي النظام الدولي المستقر والمفتوح - كل القواعد والقيم والعلاقات التي تجعل العالم يعمل بالطريقة التي نريدها، لأنه يخدم في النهاية مصالح وتعكس قيم الشعب الأميركي".
وأضاف بلينكن "ستكون علاقتنا مع الصين تنافسية عندما يجب أن تكون، وستكون تعاونية عندما يكون ذلك ممكنا، وستكون عدائية عندما يجب أن تكون كذلك. القاسم المشترك هو الحاجة إلى إشراك الصين من موقع القوة".
وضمن حديثه عن الخطوط الرئيسية لاستراتيجية السياسة الخارجية للولايات المتحدة، أوضح بلينكن أن واشنطن ستعمل على تعزيز الأمن الصحي العالمي ووقف جائحة كورونا وبناء اقتصاد عالمي أكثر استقرارا وشمولية، ودعم علاقاتها مع حلفائها، بمن فيهم "الشركاء القدامى والجدد في أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية"، إلى جانب التصدي إلى أزمة المناخ والحفاظ على تفوق أميركا العلمي والتكنولوجي.