بليكس: بوتين عقلاني جدا ولن يغامر بالنووي في أوكرانيا

هانس بليكس متفائل لما بعد الحرب الأوكرانية ويراها معادلة بسيطة: على روسيا في نهاية المطاف "أن تعود إلى العالم وأوروبا".
الأحد 2024/08/25
لا أحد يعرف فيم يفكر بوتين

ستوكهولم- رأى هانس بليكس، كبير مفتشي الأمم المتحدة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق سابقا، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يخاطر بالتسبب بكارثة في محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها قواته في أوكرانيا، وسط مخاوف دولية متزايدة بشأن سلامة هذه المحطة، وهي الأكبر في أوروبا.

واعتبر بليكس أن بوتين “عقلاني جدا” و”يدرك ما يقوم به”، وذلك خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في منزله بستوكهولم، امتدت ساعة وقارن خلالها بين “خطأين” يفصل بينهما عقدان من الزمن: حرب الولايات المتحدة على العراق، وحرب روسيا على أوكرانيا.

وتولى وزير الخارجية السويدي السابق الذي أتم السادسة والتسعين من العمر، منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بين عامي 1981 و1997. وارتبط اسمه بشكل وثيق بالعراق حيث قاد فريقا من المفتشين الذين عملوا على التحقق مما إذا كان نظام الرئيس السابق صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.

هانس بليكس: بوتين يلوّح بالأسلحة النووية ويهدّد، لكنه ليس غبيّا
هانس بليكس: بوتين يلوّح بالأسلحة النووية ويهدّد، لكنه ليس غبيّا

لكن الفريق الدولي لم يعثر على أسلحة كهذه على الرغم من المزاعم الأميركية بامتلاك صدام حسين لها، والتي كانت من الأسباب التي عرضتها الولايات المتحدة لتبرير غزوها العراق في عام 2003.

ورأى بليكس أن ما جرى كان “خطأ فادحا من جانب الولايات المتحدة، مبنيا على معلومات خاطئة وغطرسة بأن الاستخبارات الأميركية تعرف أكثر مما نعرفه”. وأضاف “حرب العراق كانت انحرافا”.

واعتبر أن الولايات المتحدة لم تكن تواجه خطر تدخل روسيا أو الصين، وأخذت واشنطن ولندن على عاتقهما أن تكونا “شُرطيي العالم”.

لكن الدبلوماسي المخضرم يبدو أكثر تفاؤلا بشأن مصير النزاعات في العالم، ونشر العام الماضي كتاب “وداعا للحروب”. ويقرّ بأن عنوانه “شديد الاستفزاز” نظرا إلى الرياح الجيوسياسية التي تهبّ في العالم، خصوصا مع الحربين في أوكرانيا وغزة.

وكما غزو الولايات المتحدة للعراق، اعتمد بليكس التوصيف نفسه (انحراف) في الحديث عن الغزو الروسي لأوكرانيا اعتبارا من فبراير 2022. وأضاف “بوتين ارتكب خطأ، وأنا واثق من أنه نادم عليه”.

وحذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 17 أغسطس من أن وضع السلامة في محطة زابوريجيا “يتدهور” بعد ضربة غير بعيدة منها بطائرة بلا طيار.

وسيطر الجيش الروسي على المحطة في مطلع الحرب، وتعرّضت لهجمات تبادل طرفا النزاع الاتهام بالمسؤولية عنها.

إلا أن بليكس الذي كان يشرف على الوكالة الذرية الدولية لدى وقوع كارثة مفاعل تشرنوبيل الأوكراني عام 1986، أعرب عن اعتقاده بأن روسيا لن تهاجم المحطة النووية عمدا.

◄ بليكس يؤمن بتعددية الأطراف ويرى أن ثمة كمية من المشاكل في عالم مُعولَم لا يمكن لأي كان إدارتها بمعزل عن العالم

وقال “لا أعتقد أن الروس سيقومون بذلك عمدا، كلا… سأفاجأ للغاية في حال لم يكن الروس قد أصدروا تعليمات لجيشهم بتجنب إلحاق ضرر بالغ” بالمحطة.

كما أن بليكس ليس قلقا من تلميحات بوتين المتكررة منذ بدء الحرب في أوكرانيا، للسلاح النووي في مواجهة الغرب الذي يمد كييف بالدعم العسكري.

وأوضح أن بوتين “يلوّح بالأسلحة النووية ويهدّد، لكنه ليس غبيّا… طالما بقي احتمال الضربة الثانية قائما، ثمة خطر تصعيد”.

وشدد على أن “القوى الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا والصين، لا تريد بلوغ وضع مواجهة مباشرة في ما بينها”.

ومنذ أيام هددت موسكو بكارثة نووية في حال شن الجيش الأوكراني هجوما على محطة كورسك النووية الواقعة في المنطقة التي تشن فيها كييف هجوما منذ أسبوعين.

ويبقي بليكس على تفاؤله لما بعد الحرب الأوكرانية، وهي نزاع لم تشهد أوروبا له مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية. ويراها معادلة بسيطة: على روسيا في نهاية المطاف “أن تعود إلى العالم وأوروبا”، على الرغم من أن ذلك “سيتطلب وقتا”.

ويقول ليس هذا كل ما في الأمر، بل “ربما… سيكون ثمة شعور بأن علينا الآن -بطريقة ما- أن نصحّح الوضع ونحسّنه”.

◄ بليكس يقرّ بأن عنوان كتابه "شديد الاستفزاز" نظرا إلى الرياح الجيوسياسية التي تهبّ في العالم، خصوصا مع الحربين في أوكرانيا وغزة
بليكس يقرّ بأن عنوان كتابه "شديد الاستفزاز" نظرا إلى الرياح الجيوسياسية التي تهبّ في العالم، خصوصا مع الحربين في أوكرانيا وغزة

ويؤمن بليكس بـ”تعددية الأطراف” في السياسة الدولية، ويضيف بابتسامة سنوات الخبرة المتراكمة في الدبلوماسية “ثمة كمية من المشاكل في عالم مُعولَم لا يمكن إدارتها (في حال كنت) معزولا” عن بقية الدول.

ويؤكد المسؤول السويدي السابق أن على المجتمع الدولي التعاون لمواجهة التحديات الكبرى، بما فيها الاحترار المناخي الذي يثير قلقه “بشكل أكبر” من مخاطر الحروب، إضافة إلى الأوبئة ومواجهة شبكات الجريمة المنظّمة.

لكن رغم هذا التفاؤل لا أحد يمكن أن يتوقع مآلات الحرب في أوكرانيا. وتوعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي السبت بردود انتقامية أخرى ضد روسيا.

وأعلنت موسكو وكييف صفقة تبادل أدت إلى الإفراج عن 230 أسير حرب مناصفة بين الجانبين، بوساطة إماراتية.

وتحيي كييف ذكرى استقلالها عن الاتحاد السوفياتي في الوقت الذي وصلت فيه الحرب مع روسيا إلى لحظة حساسة مع شن أوكرانيا هجوما على منطقة كورسك الحدودية الروسية فيما تحقق موسكو مكاسب إضافية في الشرق الأوكراني.

وفي شريط فيديو تم تصويره في منطقة غابات مهجورة شنت منها كييف هجومها المفاجئ، قال زيلينسكي إن روسيا بشنها الغزو في 2022 “كانت تسعى لأمر واحد: تدميرنا. وبدلا من ذلك، نحتفل اليوم بالذكرى الثالثة والثلاثين لاستقلال أوكرانيا”.

وأضاف أن أوكرانيا “تفاجِئ مرة أخرى”، متوعدا بأن روسيا سوف “تعرف ما هو الانتقام”.

ووصف زيلينسكي الرئيس الروسي بأنه “رجل عجوز مريض من الساحة الحمراء دوما يهدد الجميع بالزر الأحمر”.

7